الجمعة، 8 يناير 2010

الثقافة بلا ضفاف


كتب نورة آل سعد :
التقيت المؤرخ الادبي د. محمد عبد الرحيم كافود مصادفة في معرض الدوحة للكتاب، ولم يشأ أن يخبرني في أي دار للنشر طبع كتابه الأخير عن المسرح في قطر، فقد أراد أن يرسله الي بريديا. منذ اعفاء د. كافود المفاجئ والسريع من رئاسة المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث انفرط عقد الخطة المبدئية التي أعدها، وأصيبت معظم الادارات والمراكز التي تنضوي تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة بالموت السريري، وانكب الرجل الاكاديمي - الذي وضع على الرف تحت مسمى خبير في هيئة متاحف قطر - على اصدار عدة كتب لم تلق حظا من الرواج ليس بسبب ندرة المكتبات في قطر ولا سوء التوزيع واهمال الاعلان فحسب، بل بسبب رئيسي وهو ركود السوق الثقافي، فمن ذا الذي يقرأ أو يلقي بالا للدراسات الاكاديمية برغم ندرتها؟! قد ينكر الكثيرون في داخل قطر وخارجها وجود نخب قطرية عريضة لانهم يجهلون أمرها، وكل ذلك بسبب تهميش وتعتيم مطلقين لتلك النخب التي غيبت طويلا وأعيقت فاعليتها ووظائفها، بل وتحولت الى روافد تغذي تخلف المجتمع ونكوصه المستمرين، وهي في معظمها نخب بيروقراطية مكفوفة عن أدوارها أفرزها اقتصاد ريعي في نمط انتاج رأسمالي تابع في مجتمع تخيم عليه ثقافة أحادية وتقليدية، يبرز فيها الادعياء وتغلب عليها ممارسات التحيز والرياء والتناقضات، ويعزى كمونها أو مواتها الى جملة من الاسباب.لا، ليست الثقافة وحدها بلا ضفاف بل ان الحياة ذاتها بلا ضفاف ولا معنى ولا معقولية! وكما قال الاستاذ جاسم السعدون قد نعجب اذا قادت المرأة السعودية السيارة في عام 2025 بينما سيكون امرا متوقعا ان تمتلك دبي نصف لاس فيغاس.

اليوتوبيا القطرية



كتب نورة آل سعد :
أكد د. علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في قطر على «عدم وجود خطوط حمراء على اللجنة»، كما جاء على عهدة وكالة الانباء القطرية، بينما وضعت الراية القطرية، التي تجشمت لسبب ما نقل (نص) الحوار التلفزيوني، مانشيت: «ليس هناك خطوط حمراء تعرقل عملنا ولا نتعرض لاي ضغوط». ولا ادري ما اهمية تأكيد امر ما الا ان كان ثمة من يشكك فيه او يدحضه!هناك علامات استفهام عديدة اثارها لقاء ابن صميخ على الفضائية القطرية، سأذكر بعضا منها فقط. عجبت لقول ابن صميخ ان دور اللجنة استشاري ولس تنفيذيا، لان هذا امر لا مراء فيه، ولكنني توقعت منه تقديم كلمة مراقبة لاوضاع حقوق الانسان على الصفة الاستشارية! لا سيما ان ابن صميخ قد انكر في اول الحوار ان تكون اللجنة الوطنية حكومية! فضلا عن ان هناك مكاتب حقوق انسان حكومية اولى من اللجنة بالقيام بالدور الاستشاري، مثل مكتب تابع لـ«الداخلية» وآخر ملحق بوزارة الخارجية. وبما ان اللجنة الوطنية في مسماها وزعمها مستقلة، فلماذا دار ابن صميخ ولف حول المسألة وزادها تعقيدا بقوله «والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان جاءت من الامم المتحدة. وعلى مدار العقود كانت هناك مطالبات بان تكون هناك مؤسسات ليست حكومية وليست تابعة للمجتمع المدني»، فأي شيء هي ما دامت لا هذا ولا ذاك؟ اي شيء هي اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في قطر ما دام اعضاؤها المعينون جميعا مختومين بالختم «الميري» بلا مواربة! وكلهم موظفون حكوميون كبار ومن الوزن الثقيل، ويضعون قدما هنا واقداما هناك في عضوية مجالس ادارات عدة، بل ان بعضهم اعضاء في مجالس عليا يرأسها سمو ولي العهد! بل ان نائب رئيس اللجنة يشغل منصب خبير بالديوان الاميري! وهو عضو بلجنة الجنسية بـ«الداخلية»، ويتوقع منه كذلك ان يكون مدافعا حقوقيا عن اوضاع البدون او المسحوبة جنسياتهم في الوقت نفسه! والانكى من ذلك كله ان يزعم بان اكثر اعضاء اللجنة الوطنية ممثلون للمجتمع المدني! وذلك امر لا يصدق لسبب بسيط: انه لا يوجد مجتمع مدني في قطر!برغم تأكيدات ابن صميخ انه لا خطوط حمراء على اللجنة، فانني وددت لو تجسد ذلك عمليا في اللقاء، وبسطت امامنا ملفات موجودة بالفعل على مكتب رئيس اللجنة، مثل ملف محكومي المؤامرة الآثمة، الذين حكم عليهم ولم يصادق على الاحكام بعد، ولم يجر العفو عنهم كذلك، الا ان عددا منهم قد افرج عنه، كما ذكر تقرير لوزارة الخارجية الاميركية حول ممارسات حقوق الانسان في قطر لعام 2007، كما لم يأت اللقاء على ذكر السجين ابن كحلة، الذي سحبت جنسيته اثر اعتقاله في اميركا، ولعل هناك قضايا اخرى نجهلها وتكون محل دراسة ونظر من قبل اللجنة الوطنية لحقوق الانسان التي نتمنى بحق الا تواجه ابدا خطوطا حمراء، ولكن اين هي تلك اليوتوبيا التي تنعدم فيها تلك الخطوط على الاطلاق؟!