الجمعة، 10 يناير 2025

النسوية المشوهة في الرواية القطرية

 

 نورة ال سعد



الرواية في قطر

 

ولدت الرواية في قطر مع ظهور روايات شعاع خليفة الثلاث العبور الى الحقيقة 1993 ، أحلام البحر القديمة 1993 ، في انتظار الصافرة 1994. وقدمت شعاع سردا فنيا متماسكا بوجهة نظر تعكس روح الدهشة والعجز المجتمعي والانكماش بإزاء المستجدات ، في مجتمع متدين بسيط.

وقد استحوذت النساء في قطر على الكتابة منذ البداية فكان الحكي والقص أنثويا فكل كاتبات القصة القصيرة كن من الأقلام النسائية أيضا .

  ظهرت بعد ذلك سرديات روائية ثم ازدحم الأفق فجأة وتلبد بالعشرات من المؤلفين ( اكثر من 40 روائيا وروائية ، طبعوا أكثر من 190 عملا خلال ثماني سنوات تقريبا ) وتمخضت ظاهرة الطبع والنشر المحمومة فولدت مطبوعات خديجة شجع على ظهورها واستمرارها انشاء دور نشر محلية وتشجيع مؤسساتي قام بتبنيها ، وكذلك أقيمت منصات للجوائز السخية .

للاسف لم يخرج الكتاب ولا الكاتبات من النفق المظلم ، نفق العقل الموروث واستعبدتهم الأدوات الفقيرة والنظرة الضيقة . ولم يستدع أحدهم التراث الإنساني والمنجز العالمي ، وحبسوا أنفسهم داخل معاناة شخصية متضخمة ورقابة ذاتية ، وتربص شديد من العقاب الاجتماعي ، والخوف من الحرمان من الجوائز ، وحصرت أعمالهم فنيا وتجريبيا ولغويا ، ولعل ذلك يفسر حقيقة أن كل تلك "المطبوعات "  لم تكن محركة أو مؤثرة عندما خرجت إلى حيز النشر.

 

الحداثة و النسوية

لا يمكن استزراع مفهوم النسوية ، كما أنتج ضمن موجات الحداثة الغربية ، في بيئتها وظروفها ودواعيها ، ولا يمكننا نقله عنوة من نظام معرفي أنتجه إلى نظام معرفي آخر يعاديه ويخالفه في جوهره وفلسفته وأطره التاريخية والثقافية والقيمية وأحكامه الدينية وظروفه المادية أيضا ، لا سيما انه لا عزم ولا استعداد لاحتضان ذلك المفهوم أصلا ، بهدف صياغة أشكال جديدة للوعي تلبي حاجات غير موجودة ! لحراك اجتماعي غير منشود !

لقد قوبلت (حركة تحرير المرأة العربية ) في حينها ، بالرفض والعداء بالرغم من انها ظهرت في أوائل القرن العشرين ، وكانت تنطلق  وتتحرك ضمن رؤية إنسانية قريبة من ثقافتنا وموروثنا ، تفترض وجود مركزية ومعيارية ومرجعية ، فكيف بما تلاها من الحداثة و ما بعد الحداثة ؟ .

سيكون حلا تسكينيا وتلفيقيا الزعم بان النسوية اليوم هي مظلة عصرية عامة تحمل قيما وأساليب عصرية ثقافية  اكثر منها معرفية ! وواقع الحال أن المفاهيم والقيم العصرية أصبحت مظلة ثقافية عولمية ولكننا نستظل تحتها عرايا ومنكشفين. اننا نعيش بازدواجية ونمارس النفاق ونتعامى عن المغالطات وندمر اللغة حين نتعاطى مع مصطلحات مفرغة من معناها ومحشوة بنقيضها !



 

تداعي الفصول مريم ال سعد 2007

في هذه الرواية يقع القارئ على مثالية شخصية" سارة" وذهنيتها الدينية التي تشكل شخصيتها الصدامية والطهرانية . وفي الفصل الثاني من الرواية تتحدث  الكاتبة ، بأسلوبها الصحفي اللاذع  :

( ليس سهلا أن تولد سارة في مجتمع يخاف على المرأة ولا يثق بها مجتمع يعتبر المرأة هشة سهلة التصدع والانجراف مجتمع لا يراها كإنسان مثل الرجل) ص 30 تلك المرأة التي( تم دوسها وكسرها وتقييدها وتجاوزها) ص 31 ( في وقت لا يتقبل فيه المجتمع عمل المرأة إلا تحت مظلة التدريس ولكن سارة لا تهتم بذلك ما دامت لا ترتكب منكرا ولا تخالف عقيدة) ص 33 وهنا تضع الكاتبة محددات عقدية لكينونة المراة وارادتها ودورها وحركتها .ولا تنسجم مواقف "سارة" مع ما تطرحه من آراء ونظرات وعندما تنتقد المجتمع وتؤاخذه على جملة من المعتقدات والممارسات نجدها هي نفسها، تمارس ذات الاعتقادات وتحمل ذات التصورات وتبجلها ولا تناقشها وتخشى الناس وتساير المجتمع .

 

أشجار البراري البعيدة دلال خليفة عام 2010

لدى "نورا" بطلة الرواية أوهام كثيرة ومغالطات منطقية ومزاعم كثيرة حول نفسها وحول العالم وهي تظن بأنها إذ تخصصت في لغة الحاسوب والأرقام فإنها ستكون بمنأى عن المغالطات وعن خداع الناس لها أو خداعها لنفسها

وبالرغم من ان مستوى العلاقة بينها وبين حبيبها دونالد البريطاني كان سطحيا وباردا للغاية الا ان الساردة تقول  ( انقلبت العلاقة .. في غفلة من جميع إشارات وشرطة المرور و صفارات الإنذار داخلي إلى شيء آخر لا أذكر أني قاومته كثيرا) 75

ان" نورا" تلجأ الى التبرير دوما لانها مقتنعة بانها تحتاج الى تبرير تصرفاتها  فهي تشعر بالاثم وتشعر بانها ليست على صواب وهي ذاتها غير مقتنعة بانها تمارس حريتها وانها تحسن التصرف !! فهي تبرر بانها انما تستجيب لدعوة دونالد للخروج لانها تمضي معه وقتا بريئا ولا تتبادل معه أي حديث عاطفي ولم يلمس يدها وتقول لدونالد:

(إن بيني وبينك حاجزا عاليا وأشعر أنني فرس عجوز لا تستطيع قفز الحواجز شديدة العلو

 دونالد : بل إنك فرس عجوز في عالم الصواريخ والسفن الفضائية) ص98- 99

 

  (ارجوك لا تحبني ) حنان الشرشني عام 2015

تختار حنان بطلة قصتها ، ابنة القبيلة التي لم تغادر قطر قط ثم سافرت الى المانيا كمرافقة لاختها المريضة وتلتقي بكاميليا ، وهي شخصية ألمانية  تدخل معها في حوارات شيقة . تستنكر كاميليا: ( والأغرب امتثالكن لهن عن طواعية وانتم جيل يعيش الحداثة الان ولم يعد يعيش في عصورهن القديمة والبالية)وتعترف مها بان ذلك صحيح الا أنها - مع ذلك- تدافع عنه : (ولكن ما العيب في تلك العقليات التي تحافظ على أبنائها من الفردية وتربي في النشء حب الجماعة والكيان الواحد من منطلق التبعية للقبيلة.)137 ويتبين لنا ان مها شخصية خائفة وبراغماتية و مرائية وتبحث عن رضا المجتمع ولكنها ليست قانعة ولا مقتنعة وليست مخلصة حقا لذلك الإرث. وتخشى " مها " من علاقتها بجبر منذ اول لحظة وتلف وتدور وتراوغ فمرة تقول (الحب ضعف وأنا لا أريد أن أضعف أمام رجل) 198 ثم تعترف بأن (قبيلتي تمنع حبه لي وارتباطه به) 199

وعندما تناقشها كاميليا (لكن أنت فتاة متعلمة ومثقفة كيف تقبلين تنفيذ الأوامر المجحفة في حقك وفي أمور مصيرية خاصة بك دون مناقشتها أو حتى رفضها ) 199

تقر مها (ليس ضعفا إنما درءا للمشاكل التي قد تطرأ علي تبعاتها نتيجة عصيان تنفيذها.. سيتم استئصالي من القبيلة واجتثاث جذوري برمتها وحرماني من أهلي) 199

ولكنها تعود وتصارع رغبتها في الفكاك من الاسر وتقول لأختها من خلال البكاء والنشيج :

 (لا أريد أن أتحول لصورة مستنسخة للنساء المهمشات و المنسيات من بنات جنسي .. فلماذا نجبر أنفسنا على القبول بأشياء دواخلنا ترفضها بشدة إيمانا منا بأنه قضاء وقدر.. نعم أنا موقنة بحكم الله ومؤمنة به ولكن أرفض الانصياع التام لأحكام البشر) 210

وبعد هذا الحوار الكاشف الذي رفضت فيه مها أن تستسلم تمضي مها الى محطة القطار لتلتقي بجبر الا انها تقف مشلولة ، لا تستطيع ان تقرر ما ستفعله وهكذا تنتهي الرواية .

 

سر امرأة منى الكواري عام 2018

قدمت شخصية براغماتية للمراة القطرية ، الشخصية التي تعي ذاتها واحتياجاتها وجوانب هشاشتها وجمود الواقع الا انها تحجم عن المجازفة ولا تحاول التمرد لكيلا تخسر مكتسباتها كابنة طبقة لديها امتيازات ومكانة مجتمعية تعوضها عما تخسره بالمقابل لان "مها" تعيش في الرواية حياة رغيدة وتعزف البيانو وتستطيع ان تعود الى وظيفتها بمجرد الاتصال بالمدير ولا تخشى ان تتلطخ سمعتها اذ ان ( فئوية ) الطبقة تحصن افرادها من أي شبهة  . وعندما تحاول "مها" في مراهقتها ان تتمرد على سلطة عمتها تسقيها العمة من دواء الصمت العقابي وهو اكبر واقسى ابتزاز عاطفي تتعرض له الفتيات ويحقق غالبا ردعا وتحجيما .

لا تملك المرأة الا التبرير بانها تحتاج الوصاية وانها لمصلحتها ويظهر ذلك كميكانيزم دفاعي لكي تتوازن نفسيا وتستمر في ملهاة الزواج والعائلة والحياة السعيدة .

ومن اللافت للنظر ان الكاتبة كسرت تابوه التلامس بين العاشقين فكان عناقا وكان احتضانا في الدوحة وفي تركيا ، حيث لا يمكن للمراة ان تتحرك الا في فضاء خارج مجتمعها ورقابته .

 

أرض الحكائين حنان الفياض عام 2023

 تتوسل الكاتبة بالأفكار النسوية وتتخذها سلاحا لمقاومة الظلم الاجتماعي

وفي رواية جريئة فيها أربع شخصيات رئيسة كلهن من النساء ، ولكل واحدة منهن ملامح وطباع وتطلعات ، وفي داخل كل امرأة تناقضات وتقلبات وشجن . تجري احداث الرواية في المستقبل ، وفي بلد اسمه نوران اما قوانينه فهي ( إرث ظالم ) وبرغم الاختلافات الطبقية والحظوظ الاجتماعية المتفاوتة للصديقات الا  إنهن يتعاطفن مع بعضن البعض فصداقة المرأة للمرأة ، أهم وأثمن من كل العلاقات الاخرى ، بل ان انهيار تلك الصداقة لا يعكس هشاشتها بقدر ما يثبت أهمية تلك الصداقة في حينها فعندما يختل توازن الشخصيات وتنكشف امامهن وحشية مجتمع نوران وأسراره ، تضطر كل واحدة منهن الى حماية نفسها ومصلحتها الشخصية.

 

نار التمرد عائشة الخليفي عام 2023

تتعرض البطلة لخيانة زوجها وعندما تواجهه يتجادلان فيلطمها بقوة ، وبسبب حزنها وغمها يموت جنينها في بطنها . لا ينال الخائن أي لوم بينما تعاقب البطلة بالعزل والمنع من الخروج والاتصال بالاخرين !

تقول لها أمها ( لا يهتم مجتمعنا بكل هذا ! إن أردنا العيش على هذه الأرض علينا الانصياع لقوانينها والحفاظ على السمعة والشرف) 91  وتقول البطلة ( لو أنهم يعرفون معنى الشرف حقا لما كان حال النساء هكذا لما خانني مراد وكذب علي طوال تلك السنين لما رفع يده ومسني بسوء) 91  وتقرر البطلة الانتقام والرد بالكتابة فتفضح نفاق ذلك المجتمع من خلال ما تكشفه في (روايتها ) ، وروايتها هي موقفها وصوتها الذي  يحاول الزوج خنقه بإيقاف طبعها . وتجعل الكاتبة مصير البطلة هو الموت جراء النزيف الحاد بعد ان كسرت الحصار وخرجت متمردة لكي تدفع بروايتها / كلمتها الى المطبعة والنشر .

 

النسوية المشوهة في الرواية القطرية

أهم حقيقة تجبهنا هي : هل هناك صراع داخلي لدى المرأة ( بينها وبين ذاتها) أشد وأشرس من صراعها الخارجي مع المجتمع او القوانين ؟

لاشك بأن هناك حربا ضروسا وصراعا محتدما في نفوس النساء وضمائرهن بسبب التنشئة الاجتماعية والجندرية التي أسست جذور الرقابة الذاتية وزرعت المعتقدات والقناعات المجتمعية التي أصبحت بداخل المرأة وأصبحت المرأة  حاميا وحارسا لتلك المعتقدات والتصورات التي تعادي وجودها وارادتها وسعادتها .

وفي ذلك الظرف الاجتماعي/الثقافي تغدو الكتابة الشكل الوحيد المتاح للتعبير ، و المتنفس الوحيد عندما ينعدم أضيق هامش لحيز عام معقول . فالكتابة هنا تكون الرد وتكون التمرد والانتقام وقد تكون الكتابة أيضا بديلا عن الحياة ذاتها .

تتعامل الكاتبات مع الواقع بوصفه قدرا ولم تحاول احداهن مجرد محاولة ان تقوم بهدمه وتفكيكه وإعادة بناء واقع جديد بشكل تخييلي وفني بل انصرفت كل كاتبة الى اجترار بعض وقائع حياتها في رواية سيرية مموهة .

وافتقرت الكاتبات الى الوعي الفعلي وكن ضائعات ومحبطات ومقيدات الى الذهنية الرجعية ذاتها التي يخضعن لها وفي محاولة الكاتبات للتعبير عن الذات او تحليل مشاعرهن لم يدركن بانهن كن ينطلقن من قيم النسق نفسه ومنظومته وقواعده .

عندما تكون الكاتبة خارج الواقع فإنها تكون خارج  اللعبة الأدبية ويبتعد تركيزها على المبنى السردي والآليات والتقنيات ويكون تركيزها على العالم الذي تحاول إعادة انتاجه من ذاكرتها وشبكة علاقاتها وخبرتها الحياتية .

 وتخشى الكاتبة كثيرا من تأويلات القراءة  ومن إبراز تضمينات النص لأنها تكشف عن مسكوتاته وتلميحاته وتلك التلميحات قد تكون واعية بالقدر الذي تكون فيه ايضا غير واعية وغير متعمدة.

هل تكتب الكاتبة القطرية لكي تستعيد العلاقة المبتورة مع واقعها ؟ هل تسعى الى اكتساب القبول والانتماء والرضا المجتمعي ؟  لم أقع على محاولة سردية تحاول ترجمة العالم الى معنى بل وجدت محاولات تعمل على طمس كل معنى وتعفية كل اثر فالكاتبة تخشى -حين تكتب- أن تقول اكثر مما ينبغي قوله وكشفه !   

ولأن الكبت هو آلية الخطاب الأنثوي ، تحاول الانثى الكاتبة إنتاج معنى مخاتل لإقناع القارئ وتوجيهه /تضليله ، فهي مكرهة على كبت كلامها الفعلي ، لكيلا تتعرض للانكشاف فاذا بها تقدم  معنى ذا مستويين ، ظاهر وباطن ، معنى مقلوب او معنى مستور لكيلا تخسر مكتسبات اجتماعية او بالأحرى لكيلا تقع تحت طائلة العقاب ، وهكذا تستمر في مراوغات خفية ومعلنة ، في خطاب زئبقي ، فاذا ما انتقدت أو اشتطت آبت عائدة تائبة  .

وتكثر مزاعم الساردة ويتناقض سردها مع بعضه البعض وتزدوج شخصيتها وتقع في المغالطات وتمارس ما تجهر بانتقاده وتدافع عما يؤذيها ويخنق حريتها  فكأنها تسرد بخطابين او هي الكتابة بيدين ، تكتب الامر ونقيضه كالتي تنقض غزلها  .

تقدم نفسها بطريقة بطولية وقوية وتنفي هشاشتها وضعفها ( الذي يتجلى صارخا مع ذلك ) تلجأ الى الانشائية والاكليشيهات والعبارات التقريرية (ادعاء الموضوعية ونفي الانفعال والذاتية ) وكلما ابتعدت الكاتبة عن الجواني والداخل برزت اللغة الانشائية الفاقعة الخارجية.

وتمارس الكاتبة التحليل النفسي على ذاتها لانتاج معنى استباقي لقطع الطريق على القارىء لكيلا يصل الى خلاصته ،  فالتحليل الذاتي التبريري مورس عند مريم ال سعد و دلال خليفة وحنان الفياض في رواياتهن التي  ظهرت كروايات /سيرية لحياة الشخصية الساردة .

ولم تكن أي رواية من تلك الروايات تنتقد المجتمع والظروف بقدر ما كانت جلدا للذات وتركيزا على صراعها النفسي ومعاناتها الداخلية .

وأعتقد بأن الكاتبة القطرية اعتمدت في نصوصها على تقاطع لا وعيها بلاوعي القارئة الأنثى التي تعيش نفس الظروف في الواقع الاجتماعي المشابه فالقارئة الانثى تستطيع ان تفهم إشارات الكاتبة دون ان تتلفظ بالمعنى صريحا  لان دلالات لاوعي النص وخطابه الضمني ينتقل ضمن فضاء تبادل واحد يضم الكاتبة والقارئة معا واعتقد بانني قمت بالتحليل النفسي والسوسيولوجي الذي يركز على تضمينات النص ومسكوتاته  واضاءاته واعتقد بانني كقارئة /ناقدة استطعت أن أسبر غور النص عندما تقاطع لاوعيي بلاوعي الكاتبات ، عبر نقاط الالتقاء ، فالمعنى حينئذ لم يتعين ويتضح فحسب بل توسع وأضاء ما بداخلي أيضا  .

 

 نشرت في مجلة الجسرة الثقافية - الدوحة عدد65 نوفمبر ديسمبر 2024

 

ليست هناك تعليقات: