الأحد، 14 نوفمبر 2010

الجنوسة في الخليج

نورة ال سعد
لعلنا نتقصد عمدا ( خلجنة ) بعض القضايا المعاصرة من باب التحديث الثقافي وربما كنا مدفوعين الى ذلك دفعا لمواجهة مشكلات متفاقمة ومستعصية في حراكنا الاجتماعي (المتقهقر) ، وفي داخل عملية الخلق والنقض الادبي بوجه خاص . تقول الكاتبة البحرينية منيرة الفاضل ( لقد أصبح واضحا أن المراة الكاتبة في الخليج أصبحت معنية بتغيير أو على الأقل بالتأثير في الخطاب الثقافي في المنطقة مثلها مثل الكاتبات العربيات في المشرق والمغرب العربي ) (1)
 
أما الجنوسة Gender  فهي مفهوم  دارت حوله الدراسات النسائية في كافة المجالات ( السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيولوجية الطبية والنفسية والعلوم الطبيعية والقانونية والدينية والتعليمية والأدبية والفنية وفضاءات العمل والتوظيف والاتصال والإعلام والتراجم والسير الذاتية ) وكان المحرك الرئيس وراء مثل هذه الدراسات هو الدعوة التحررية التي تبنتها الحركات النسائية في انطلاقها من مفهوم الجنوسة بوصفه عاملا تحليليا يكشف الفرضيات المتحيزة المسبقة في فكر الثقافة بصورة عامة  والغربية على وجه الخصوص. (2)
فالجنوسة ليست بنية طبيعية وليست حتمية بيولوجية وإنما تركيبة اجتماعية ثقافية مقحمة لذلك فإن الجنوسة اليوم تستجوب البنى الاجتماعية والثقافية والعلمية والإنسانية سعيا لتحقيق ثلاثة أهداف حددتها جوان سكوت ( إقامة تحليل التراكيب الاجتماعية مقام الجبرية البيولوجية في مقاربات الاختلاف الجنسي وإقامة دراسات مقارنة للرجل والمرأة في حقل التخصص الواحد وأخيرا تغيير نماذج التخصصات بإضافة الجنوسة كعامل تحديد جديد ) (3)
ويبدو أن المرأة وقعت بين خيارين أحلاهما أمرهما ( فهي إن لم تطالب بتحييد الجنوسة فإنها ستحافظ على الوضع الراهن وبذلك يبقى الرجل كما كان  وان هي طالبت بتحييد الجنوسة فإنها بذلك تفقد سمتها المائزة واختلافها ) (4)
هل تعد النسوية الإسلامية ردة فعل للنسوية الغربية ورديفا لها كما كانت حركات تحرر المراة العربية في الخمسينيات قد تلبست الفكر اليساري والماركسي واستعارت مسوحهما وأسسهما الفكرية ؟
تتبنى النسوية الإسلامية مفهوم النسوية الغربية وتستعير صوره وأدواته ووظائفه وتتكئ على واقع النسوية الكوني الكاسح كما تستند الى نظريات النسوية الغربية باعتبارها أسسا معرفية جاهزة فالنسوية الإسلامية تتمحل – شأنها شأن غيرها من التجارب - ترحيل مفهوم النسوية من نظام معرفي معين إلي نظام معرفي مغاير لأنها تجد فيه وسيلة إلى صياغة أشكال جديدة للوعي تحقق حراكاً اجتماعياً مناظرا وان لم يكن مكافئا لما حدث في المجتمعات الغربية
ترى الباحثة الإسلامية الدكتورة أسماء بن قادة انه (يبدو جلياً أن المطلوب واقعياً لكي تلتقي النسوية مع الإسلاموية لابد أن يتغير مفهوم النسوية ويتم تقويض النموذج المعرفي الذي تقوم عليه وتغيير المفاهيم الكلية التي تأسست عليها)(5)
بينما لا تجد (النسوية الإسلامية) غضاضة في توظيف هذا المفهوم وإسقاطه على حالتي التوتر والاختناق اللتين تعيشهما النساء في العالم الإسلامي كله لاسيما الناشطات منهن في مختلف مجالات العمل الإسلامي من اللواتي يشعرن بالإقصاء والتهميش من المؤسسات والحركات الإسلامية التي ينشطن من خلالها.
وإذا كانت النسوية الإسلامية قد نشأت في إيران عام 1990 على يد مجموعة ناشطة من الإيرانيات المحجبات اللواتي طالبن بحقوقهن من داخل مؤسسة المرجعية الإسلامية، فإن أصواتا إسلامية نسوية أقل نشاطا وعزما انطلقت فرادى في العالم العربي منها صوت الناشطة الكويتية خولة العتيقي التي تحدثت مرارا -في مقالات وحوارات- حول التهميش  الذي عانته نساء الصحوة الإسلامية في داخل الحركات الإسلامية بسبب أوضاع كانت بلا ريب مخالفة لأحكام الشريعة ومقاصدها بل كانت العتيقي من المنافحات ضد معارضة الإسلاميين في بلادها في سبيل منح المرأة الكويتية حقوقها السياسة في الانتخاب والترشيح على حد سواء.
تشير د أسماء بن قادة الى عدم إدراك بعض المفسرين لمحورية مفهوم الاستخلاف في النظر إلي علاقة المرأة بالرجل في ظل المجتمع الإسلامي، الأمر الذي ( جعلهم ينظرون إلي بعض النصوص نظرة جزئية، ومن ثم كان لبعضهم آراء تضع المرأة في منزلة أدني من الرجل، ولنا بعض الأمثلة عند الرازي وابن كثير والسيوطي والغزالي) وتبرر بن قادة ذلك بأنه ليس ( نهاية العالم ) فالمسلم في ديننا يجتهد ويخطئ ويصيب، ثم تستذكر أمثلة مما كان يحدث في عصر النهضة والتنوير في أوروبا ذاتها. وتؤكد د. بن قادة بأننا لا نجد عالماً من العلماء المعاصرين يقر تلك التفاسير لبعض النصوص الخاصة بالمرأة، والتي (جاءت نتيجة الأعراف السائدة في بعض المجتمعات والثقافات التي انتمى إليها هؤلاء المفسرون.)
ولكن بن قادة لا تشرح لنا لماذا استمرت تلك التصورات وترسخت اجتماعيا وقيميا حتى أصبح على النساء المسلمات الخروج والمطالبة بأبسط حقوقهن التي ضمنها الإسلام منذ عشرات القرون . لقد أشعلت الصحوة قبل غيرها فتيل المطالبات النسوية لان الصحوة في العقود الماضية استقطبت شرائح واسعة من النساء من مختلف المستويات والبيئات ولكنها فشلت في تسييسهن وإشباعهن مدنيا وحقوقيا ولذلك فان المطالبات النسوية في العالم العربي لم تنطلق من التطلع الى نزعة نسوية غربية بل تحركت باتجاه الأفهام الإسلامية ذاتها والمتمثلة في المصادر والمشائخ والجماعات والحركات الإسلامية  .
( انه لشيء باعث على السخرية ان تصل النظريتان الإسلامية والأوروبية الى نفس الخلاصة فالمرأة قوة هدامة للنظام الاجتماعي إما لكونها فعالة تبعا للإمام الغزالي أو سلبية في رأي فرويد . لقد أفرخ النظامان الاجتماعيان اللذان ينتمي إليهما كل من فرويد والغزالي أشكالا مختلفة من التوتر في الهندسة الاجتماعية والحياة الجنسية .. ولذا انقسم الفرد الى شطرين متناقضين الروح والجسد  )(6)
تؤكد أسماء بن قادة على ان النموذج المعرفي، الذي تقوم عليه الدراسات النسوية، يترسم مفاهيم كلية، مثل الصراع والنسبية والوضعية والتفكيكية بينما يتأسس الإطار المعرفي الإسلامي على مفاهيم مثل التوحيد والولاية المتبادلة والاستخلاف فالتصور الإسلامي للعالم يضع الإله في قلب المنظومة المعرفية ويتوسطها مبدأ التوحيد الذي ينتظم المفاهيم الإسلامية الأخرى وينظمها. 
اما مصطلح النسوية ، في إطار الموجة الثالثة للنسوية، والتي تنتمي إلى ما بعد الحداثة فإنها تتجه صوب ( سيادة الأشياء وإنكار المركز والمقدرة على التجاوز وسقوط كل الثوابت والكليات في قبضة الصيرورة، وبذلك يصبح للنسوية نموذج معرفي مختلف تماماً عن مفهوم حركة تحرير المرأة كما عرف في الموجة الأولي للنسوية، والتي كانت تتحرك من داخل رؤية إنسانية تضع حدوداً بين الإنسان والطبيعة وتفترض وجود مركزية إنسانية ومعيارية إنسانية ومرجعية إنسانية )(7)
 لقد انتقلت المرأة الغربية في إطار تطورات مفهوم النسوية في مرحلة ما بعد الحداثة، إلي امرأة متمركزة حول ذاتها ومكتفية بذاتها وكيفية تحقيقها خارج أي إطار اجتماعي،  ومن ثم شرعت في عملية تفكيك عميقة ورئيسية لوجودها منطلقة من التركيز على الفردانية التي وصلت إلى درجة التمركز القصوى حول الذات الأنثوية، حتى غدت فلسفة معرفية تؤطرها تصورات انثروبولوجية ولغوية وتاريخية واجتماعية، تسعى الى إقامة تفسير نسوي للنصوص يدعى الهرمينوطيقا النسوية.
وبدأت بالفعل اجتهادات ومقاربات نسوية عربية تعالج تاريخ العلوم والخلفية الذكورية التي انبنى عليها ذلك التاريخ، الأمر الذي انتهي إلى محاولة النساء تفسير القرآن، من خلال مفهوم النسوية بالطريقة التي تجرد النصوص من أي نزعة مقدسة أو ثقافية الأمر الذي لا يحق للرجال أو النساء على حد سواء القيام به خارج الضوابط الشرعية المنصوص عليها والمقررة من الأمة (المغيبة ) ذاتها  .
 تسعى النسوية الإسلامية الى توظيف التفكيكية في سبيل إعادة تفسير النصوص الجزئية التي ترى النسوية بأنها  تتضمن تمييزاً ضد المرأة ذلك التوظيف الذي تحذر بن قادة بأنه سيقودنا إلى نوع من العدمية بعد انتزاع القداسة عن أي مسلمات أو ثوابت، فاستخدام ذلك المنهج  يحول دون استقرار المفاهيم وتراكميتها .

ثقافة الجسد
في سياق تحقيق نشرته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية قالت الروائية الكويتية فاطمة العلي (جنحت بعض المتسرعات لطرق أبواب الشهرة بافتعال أزمات وقضايا واستباحة جسد المرأة بطرائق منفرة) ورأت الناقدة والشاعرة الإماراتية غالية خوجة بأن هناك (بعض الأعمال الروائية التي تكتبها المرأة تميل إلى تعرية الجسد، والهدف ليس الأدب بحد ذاته، إنما هو قشور الاستهلاك والشهرة،) ورأت الروائية العمانية جوخة الحارثي ( في بعض هذا النتاج يمكن القول ان هناك قدراً من الصراخ. وهذا الصراخ يتوسل الجسد لتحقيق الشهرة ) وتعتقد الروائية القطرية دلال خليفة بأنه (في بعض الأحيان عندما يركز الكاتب على الجسد ربما يكون ذلك لأسباب ترويجية.)(8)
ولعل بودريار أشار بحصافة في كتابه " مجتمع الاستهلاك "، إلى تلك المفارقة السمجة في تاريخ التسلط المؤسسي بكل أشكاله في السلوك الإنساني بغية قولبته وتوجيهه واستغلاله وفق غايات تصب في مصالح سلطوية بالدرجة الأولى . فعبر تلك المؤسسات السلطوية  " حاولوا زمنا طويلا إقناع الناس - دون جدوى - أن لا جسد لهم، أما الآن فيحاولون بجميع الوسائل إقناعهم بضرورة الالتفات إلى أجسادهم" (9)
يعد جسد المرأة على وجه الخصوص ( مرآة تكشف عن أشكال من التقابلات والتمايزات الاجتماعية بل انه يتجه لجعل الفوارق والتقابلات ذات الأصل الاجتماعي فوارق وتقابلات طبيعية ) (10)
وقد تحول الجسد الى موضوع للتأمل السيوسيولوجي مع ظهور العلوم الاجتماعية في القرن التاسع عشر الذي كان قرن الاهتمام بجسد العمال وما يعانونه في ظل الظروف المجحفة بإنسانيتهم وحقوقهم ولم يكن الجسد حتى الستينيات يشكل محورا للمعرفة السيوسيولوجية بل كان حضوره لا يتجاوز المستوى المضمر ومع ظهور مدرسة التحليلي النفسي بدا الحديث عن لغة الجسد التي تعكس الاحتياجات والرغبات بطريقة رمزية من خلال دراسات فرويد . وكانت إسهامات فوكو عميقة في دراسته لأشكال تمظهر السلطة في المجتمعات الغربية فالجسد يعد كاشفا رئيسا لتحليل آليات السلطة من خلال مفهومين مركزيين عبر عنهما فوكو كالتالي الأول " التشريح السياسي للجسد " والآخر " البيولوجيا السياسية للسكان " أما الأول فقد عمل على ترويض الجسد من خلال استنزاف الجسد لكي يبلغ أقصى طاقته الإنتاجية عن طريق إخضاعه لانساق رقابية صارمة وضاغطة والآخر الاهتمام بالجسد بوصفه مرتكزا لعمليات بيولوجية تعبر عن ذاتها من خلال التنظيم السكاني والولادات والوفيات ومستوى الصحة عبر مجموعة من التدخلات أو الرقابة التنظيمية الفعالة اذ لم تعد السلطة تسلك مسلكا وحشيا غير حضاري بل أصبحت تستثمر الجسد وتديره وتسلعه وتستخدمه وتخضعه تماما لإدارتها بحسب منظومة من النظريات والقوانين والمسوغات المنطقية  (11)
لقد كانت المرأة في الخطاب الشعري العربي القديم وفي الشعر الشعبي منذ قرنين فحسب وفي الجزيرة العربية نفسها ولمّا تزل غزالا أو خشف رئم يظهر نفسه للرجل (الصياد) ثم يعدو فارا ليجد الرجل في طلبه بكل أدواته الممكنة ولذلك جاء التعبير عن المرأة المحبوبة- المطلوبة على انها محض صفات جسدية مثالية ولذلك كانت شريكا غائبا ومغبونا في صفقة الحب والأدب معا . اذا لاحظنا بان المرأة عند نزار قباني ترفض ان تكون جسدا وان تكون مطفأ شهوة فإننا نعجب من ان النسوية الجديدة تعود بالمرأة الى المربع الأول الى الجسد ولكن في سياق خطاب نسوي آخر هو اكتشاف المرأة لجسدها باسم تحريره وامتلاكه وإعادة اكتشافه  ! إن المرأة في النسوية الجديدة تظهر الايروتيك المضاد والشبقية المعادلة للذكورة وذلك بأن تتقمص الذكورة وتتحول اليها وتصبح هي المطارد والرجل هو الفريسة !حتى أن فوزية الشويش تقول في نصها ( الشمس مذبوحة والليل محبوس) وهو ذاته نص ملتبس الجنس ( سيفها شاهد وذكورته شهيد !)(12)

في النص الأدبي الذي أنتجته الكاتبة الكويتية فوزية الشويش السالم  بعنوان (  مزون ) تقدم ( زيانة ) بطلة العمل نفسها فاكهة سهلة للمستكشف الفرنسي ( لايف ) وكأنما اسمه يعني الحياة ذاتها فيقول لها هذا الغربي المتحضر ! ان جسدك ( يخصني ولا يخصك ) (13)
ترى هل تدرك زيانه أنها تخسر الجسد والروح معا باستسلامها لهذا الغربي؟ لا يمكننا ان نرى تحررا لانسانية المرأة من خلال الجسد في بذله بيد ان الترميز الذي تستخدمه فوزية في نصين آخرين (لا يمكننا تجنيسهما وتدعوهما الكاتبة روايتين ) هما ( الشمس مذبوحة والليل محبوس ) و( النواخذة )  تعمد الكاتبة في كليهما الى تصوير الفعل الجنسي باعتباره اقتحاما وتوغلا وسيطرة من الخارج فتشير اليه بانه ( الفوران والدوران والإيغال ) ولعل الكاتبة ترى بان هذه العملية في نسقها الموضوعي الحركي كانت عنفا ضد المرأة جسدا وروحا فالكاتبة فوزية الشويش هي الاخرى تتحدث في نصوصها بقوة عما اسمته "هديل الروح" وهو ما يوازي انشطار الروح بكل تأكيد .
تبتدع فوزية شويش في نصها (مزون ) شخصية نسوية تغدو – بمرور الزمن والتجارب – مدركة اكثر فاكثر لذاكرة جسدها ولحرية اختيارها في مقابل استلابها الشرقي وكولونيالية الغربي الغازي معا . وترى منيرة  الفاضل في مزون فوزية الشويش رغبات انثوية تجلب معها ذاكرة الحواس والجسد الانثوي من غيب التاريخ . انها ذاكرة تعاني التباس الازمنة بين الغيبي والدنيوي وتلجأ الفاضل الى استخدام الايروتيكي بوصفه مصدرا للقوة والمعرفة متمثلة بكلمات اودري لورد في دراستها
( الايروتيكا مصدرا للقوة ) بان ( الايروتيكي يمنح نبعا من القوة المؤججة والمثيرة للمرأة التي لا تخشى ايحاءاته او التي لا تخضع للمعتقد القائل بان الاحاسيس تكفي بحد ذاتها ) وتعقب منيرة الفاضل بقولها ( غالبا ما تتم الاشارة الى الايروتيكي باسماء خاطئة فنجد الالتباس بينه وبين نقيضه البورنوغرافي ، وتعريفه بمفاهيم ضيقة محدودة في عرف ثقافي ارتكز على احتياجات ورغبات الرجل ) ( 14 )

يشير بارت إلى ان العلماء العرب استخدموا هذا "التعبير الرائع " حين تحدثوا عن النص وهو " الجسد اليقيني " ويقول بارت (أي جسد ؟ ان لدينا أجسادا عديدة فلدينا جسد لعلماء التشريح وجسد لعلماء وظائف الأعضاء وان هذا الجسد الذي يراه العلم ويتكلم عنه لهو نص النحاة والنقاد والمفسرين وفقهاء اللغة ( انه النص الظاهر ) ولكن لدينا أيضا نص المتعة وهو مصنوع فقط من العلاقات الجنسية وهو جسد لا تربطه بالأول أية صلة )(15)
ويرى بارت ان للنص "صيغة إنسانية" تجعله جسدا يقول ( فهل هي صورة ، وجناس تصحيفي للجسد ، اجل ، إنها لكذلك  بالنسبة الى جسدنا الجنسي واذا كان هذا هكذا ، فان لذة النص لن تختزل الى وظيفتها القاعدية ( النص الظاهر ) كما أن لذة الجسد لن تختزل الى الحاجة العضوية . ان لذة النص هي اللحظة التي يتبع فيها جسدي أفكاره الخاصة ) (16)
لقد استبعدت المرأة العربية الجسد تماما في كتابات منتصف القرن العشرين عند مي زيادة ( ماري الياس 1886- 1941 ) وباحثة البادية( ملك حفني ناصف 1886- 1965 وغيرهما ولكن الجسد اليوم اصبح ضمن ثقافة شديدة الوطأة سلاحا ووسيلة تعبير.
 يتحدث الدكتورالغذامي في كتابه (المرأة واللغة )عن استعادة المرأة لذاكرة الجسد لكي ينفي اعتلاء الذكورة واحتواء الانوثة الذي يرمز- كما يقولون -الى عدائية الرجل ومظلومية المرأة . لقد اصبحت المرأة مناهضة لفسيولوجيتها وآليات جسدها وذاكرته النفسية والعاطفية لانه جسد ضعيف وانثوي ومستسلم.
( تجري عمليات التأويل النمطي هذه استنادا الى المفهوم الثقافي الذي يرى ان الجسد المؤنث جسد غير عاقل جسد مفرغ من العقل ومن هنا فان النساء ( متفرغات البال ) فهو إذن جسد سلبي لا يعقل ما يفعل ) (17)
ويرى الغذامي انه جرى تجيير خطاب الحب وشعرنته . ويرى انه ما ان نشا خطاب الحداثة على يد امرأة نازك الملائكة وبدا مشروع تأنيث القصيدة العربية وبرز شعراء ( يؤسسون لنسق جديد إنساني ومناهض للفحولة كالسياب   )(18)
حنى انبرى للثقافة حراسها وقاموا بتفحيل القصيدة ( واستعادوا قيم النسق الفحولي المتشعرن مثل أدونيس الذي يبدو على السطح حداثيا تنويريا غير انه شاعر نسق فحولي )(19)
وبقطع النظر عن نظرة الغذامي الى ادونيس وفحولة النسق الشعري الحداثي فإننا اذا التفتنا الى التصور الجديد للإيقاع الشعري ( مفهوما ومكونات ووظائف ) فإننا نجده يذهب الى إعادة  طرح العلاقة بين الإنسان وجسده إنسانيا ويصبح الإيقاع قاسما مشتركا بين اللغة والجسد ( الى حد انه لا سبيل الى الحديث عن حياة اجتماعية ايا كان مستوى تحضرها اذا لم تكن موقّعة ) لان ذلك بحسب ألان(Alin) قانون كل فعل اجتماعي لذا كان الشعر يلعب دورا حيويا منذ فجر التاريخ في حياة البشر .ان ربط ايقاع الخطاب بحركة الجسد تقيم علاقة بينه وبين حركات جسدية لا يظهر للوهلة الأولى ان ثمة علاقة بينهما فالحركات الجسدية التي تعد تعبيرية يعتبرها ماوس أكثر من مجرد عادة بل لباس . ( فيكون نقد الإيقاع مفضيا بالضرورة الى الإنصات الى الجسد لتاريخيته لتبادلات أعضائه الاجتماعية لتبادلاته الجسدية اللغوية لان السماع هو أيضا النطق والأذن فم صوتي والتكلم عبارة عن لعب بالجسد كما يذهب الى ذلك سبير ) (20)
ان الشاعر عندما يتحدث عن نفسه وتصبح الكتابة إفراغا للجسد لأنه " لنا ملء فمنا بعض من الجسد " وبذلك يكون الإيقاع مفضيا الى المعنى والذات ومحتويا لهما (21)

 هناك أدب للمرأة لا يكتبه الرجل حتى لو تقمص صورتها وصوتها فالمرأة عندما تكتب لديها دائما ما ينبغي أن تجتهد لتخفيه أو تزوره أو تجعله على الأقل يبدو مبهما . ومهما كانت المرأة مندفعة او مدفوعة للبوح بسبب الطيش الابداعي أو الرغبة في المشاغبة  فسوف تجد نفسها حتما تعزف على وتر الاسلوب الترميزي حين تتلامس التجربة الابداعية بالتجارب العملية الخاصة . ستجد المرأة نفسها ممعنة في اصول التخفي والاساليب السرية بوصفه تقليدا انثويا مارسته المرأة باقتدار وأتقنته بدرجة امتياز . قد تغرد بعض المبدعات الخليجيات خارج فصيلها فترود مسالك الجسد وتكسر الاقفال في اعمال أدبية معينة (ولكنها تتنامى عددا ) كما فعلت فوزية الشويش السالم أو في تصريحات  تتفرد بها صاحبتها في مضمار لا تتنافس فيه الكثيرات لان ذلك اللون من التميز ذو فاتورة باهضة على سمعة الكاتبة ومصيرها الاجتماعي في بلادها الا انه مجلبة لاستحسان كثير من النقاد واستحسان دور النشر الأجنبية التي تتعاقد فورا مع نوعية الكتابة الأنثوية المضطهدة بقطع النظر عن تفوق مستواها الأدبي لانها (تسجيل حالة) كما حدث مع الإعلامية السعودية رانيا الباز في كتابها (المشوهة ) .( 22)
وقد تناولت الكاتبة بشرى ناصر النظرة النسوية الجديدة بصورة عابرة وسطحية  في سلسلة من مقالاتها في جريدة الراية في عام 2005 وأشارت مرارا الى ما يسمى بثقافة الجسد ولكنها لم تلامس الأشياء ولم تقترب منها بصورة تطبيقية (اجتماعية أم أدبية ) بل إنها في الواقع توقفت عن الكتابة الصحفية في موضوع النسوية !!.

 بيد أن ما يكتبه (كثير) من الرجال من الكتاب والروائيين في نهاية المطاف لا يختلف مضمونه ودوافعه عما تكتبه (بعض) النساء أيضا !   ولكنه يبقى ادبا اعتياديا في حق معظم الرجال! لانه مكتوب بيراع رجل لا بأس عليه من خوض غمار (التجارب) وسبر أغوارها حلها وحرامها (السياسي والاجتماعي والديني  !)

لكن طبيعة الأدب تفارق ( الحالة ) التقليدية وتفضحها ولذلك لا تستطيع أشد الكاتبات حرصا وحذرا أن تحافظ على ضبط النفس الكامل لذلك لم تستطع الشاعرة السعودية أشجان هندي وفي قصيدة جميلة عنونتها ( حروب الأهلة ) في ديوانها ( للحلم رائحة المطر )  ألا أن تكتب بطيش واضح مدفوعة الى تصوير المجتمع وتعريته والكشف عن أنساقه وملامسة خصوصياته والتصريح بمكتماته بلغة مرمزة الا أنها موحية وكثيفة ولكن من جانب آخر قد تذهب بعض الكاتبات بعيدا دون أن يلامسن " الجوهري " ولا " الشعري " في إنتاجهن لذلك لا يعرفن سوى بالمروق ولا يشتهرن الا  بأنهن الأكثر سجالية والأكثر إثارة للجدل بتصريحاتهن المتقنة ومقالاتهن (الشاطحة) وإبداعاتهن المكشوفة ! تعبر اشجان هندي عن هذه النسوية شعريا في قصيدة ( حروب الاهلة)

محاقٌ هواه
وبدرٌ هواي
يتمُ الذي تصطفيه السماء لأقمارها
ونخسف ان قربونا من الطين
نكشف عن سوءة الارض
نألف طعم الخطيئة
نحلف :
كان الهوى اعذبا
وفي نهاية القصيدة تقول :
ألا ان وجه الهوى أسفرا
لأقمرَ
صُبّ عروقك في الروح
او ودّع الصبر كي نُقمِرا
 نعود لدرب الاهلة ان شئتَ
ان لم تشأ
 أخرج الجرح من غمده
واستقر على حدّه
 وقارع بحجتك المستريبين
 والباطنيين
والظاهريين
 كمم ضلوع أولي الشك
 فك الحصار عن الغيم
 ان سمتني الذنب
 لن أعجبا
 ولن أندبا
- -
- -
لأني من الضيم والجدب والغيم والحرب والسلم والصحو والحلم
لاني اعوجاج الخطيئة
تفاحة الإفك
ريحانة الإثم
إن مسني الظلم لن أنجبا ( 23)

يؤكد الغذامي في كتابه ( المرأة واللغة ) ان الرائدات في الحركة النسوية العربية كتبن (بلهجة الرجل ولسانه) وثقافته ومصالحه منذ مي زيادة وملك حفني ناصف وان فحولة المرأة بدأ منذ طالبت المرأة بحقوقها في الوجود والتدوين ! اذن فالانسنة ذاتها انما هي في الاصل ذكورة !  ولذلك فان على المرأة أن تطالب بالتذكير التام ولا اقل من ذلك لكيلا يكون نزار قباني أو إحسان عبد القدوس أو سواهما  اقدر (منها ) في التحدث (عنها) .
وقد سألت الصحفية عزيزة السبيني الدكتور أحمد عبد الملك قائلة :
- ( رسائل إلى امرأة تحترق، مهاجر إلى عينيك، أوراق نسائية، امرأة الفصول الأربعة) هي عناوين بعض أعمالك الأدبية، القاسم المشترك بينها هو المرأة، لماذا المرأة تحديداً؟ ‏
أجاب الدكتور عبد الملك : لأنني أعتقد أن القارئات في العالم العربي أكثر من القراء ..  أما بالنسبة لحضور المرأة في أعمالي فهذا لأن المرأة في عالمنا العربي أكثر معاناة من الرجل في الظروف كافة، ففي كتاب «رسائل إلى امرأة تحترق» لم أقصد امرأة بعينها.. وكذلك في ديوان «مهاجر إلى عينيك»، أتحدث من خلال قصائده عن قصة حب تصطدم بسوء الفهم وفي كتاب «أوراق نسائية» أصف بشكل دقيق حال النساء الشرقيات .. أما في كتاب «امرأة الفصول الأربعة» فهو عبارة عن قصائد نثرية تشمل مواقف اجتماعية كالحديث عن المطلقة وحالات العجز الجنسي والخيانة الزوجية وعبث الهاتف الليلي، وتمثل بعض القصائد تحريضاً للأنثى للثورة ضد القهر الاجتماعي ولاسيما القصيدة التي تحمل عنوان الكتاب.) (24 )
وكأنما يرى الدكتور عبد الملك بأن المرأة لم تتحول فعليا الى الكتابة
( الإنتاج ) بل يظن بأنها أكثر اهتماما من الرجل ( بالتلقي )ولأنها تمثل أغلبية قارئة فإنها ستحظى بنصيب أوفر من اهتمام الكتاب وتغدو بالتالي موضوعا للكتابة ويصبح هم الكتاب ان يحملوها على الثورة ضد الظروف القهرية التي يعاني منها الاثنين الرجل والمرأة المنتج والمستهلك .
من المفارقة إن بعض الكاتبات يخترن الكتابة باسم الرجل لكي يعبرن عن انفسن !! فها هي ذي احلام مستغانمي تقول بانها كتبت بلسان الرجل في ثلاثيتها الشهيرة لأنه يساعدها ويحررها من جهة السرد الروائي فالمرأة ليس لها ان تروي او تمارس بجسدها ما يمارسه الرجل في مجتمعاتنا وكذلك تختار الروائية هدى بركات شخصية البطولة للرجل في اعمالها لان المرأة بحسب تعبيرها في لقاء صحفي ( مكفوفة عن ان تكون احد ابطال التشكيل الاجتماعي ) فالمرأة لا تنخرط في السياسة ولا تشارك فى صنع الأحداث ولا تتبنى أفكارا متقدمة ولا تغامر الا في حدود ضيقة تماما لذلك تضطر المرأة الكاتبة الى إسناد البطولة لرجل وتزيح تجربتها الأنثوية جانبا او تندس تحت جلد الرجل و تتقمص دوره لكي تعبر بحرية عن نفسها . وقد رأت كاتبات من الخليج في استطلاعين منفصلين للرأي انهن سوف يتنكرن لانوثتهن او يخرقن تقاليد اجتماعية اذا ما اقتحمن عوالم الكتابة ( المكشوفة ) التي يدخلها الرجال بالذات .

ستظل كتابة المرأة ضمن خانة الاقلية المقهورة المضطهدة مادامت النساء مشغولات باختراق الحدود واثبات الذات ومهووسات بصورة العالم خارج الاسوار التي تحيط بهن ولذلك تلاحظ الكاتبة سلوى بكر بان الحالة الشعورية المؤطرة للحدث هي سمة للكتابة النسوية واحدى تقنياتها الاساسية . فالكاتبة الانثى ترسم عوضا عن الحدث لوحة شعورية كاملة كما ان الضمير المحوري للسارد في النص (وهو غالبا ضمير انوي  ) يتولى السرد وتنضيده وتوظيفه لكي يخدم السرد والحدث معا التعبير عن هواجس الانا ورؤاها ( 25)

 يحكي لنا الغذامي حكاية الجارية تودد في ألف ليلة وليلة وهي إحدى حكايات شهرزاد وتودد هذه تعد من أجمل نساء عصرها ومن أعلمهن كذلك ! فهذا الجسد المثقف جسد فاتن أيضا تقوم تودد بتوظيف جسدها لكي تخترق أسوار الرجال وتدكها فهي تستدرجهم حتى تحبسهم بعد نزع ملابسهم في صناديق . يعقب د الغذامي ( وهنا تكتشف المراة أن جسدها ليس مجرد إغراء جنسي او مجرد بضاعة معروضة لطالبيها وإنما هو جسد يمثل قيمة ثقافية تحمي وتحرس وتدرا عن صاحبتها العيون الشرهة والأيدي المتسللة )(26)
ويرى الغذامي بان وظيفة الحكي ( تم التعبير عنها مجازيا من خلال هذه الحكاية التي تحكيها المرأة عن المرأة وتصبها في آذان الرجل صبا منجما على أربع وثمانين ليلة من اجل تعميق دلالات الحكاية وترسيخها ) (27)
تحولت وظيفة الحكى الملفوظ  الى التدوين وظهرت كتابة المراة وبعد ان كانت المراة (ناتجا) ثقافيا أصبحت منتجة ! ومن هنا فان ( كتابة المراة هي خروج وانتقال من الذات المضافة الى الذات المضاف اليها )
ولكن الغذامي يرى بان طريق المرأة ( الى موقع لغوي لن يكون الا عبر المحاولة الواعية نحو تأسيس قيمة إبداعية للأنوثة تضارع الفحولة وتنافسها ) والا فسيكون التحول الى المكتوب تغييرا شكليا و( واستلابا أكثر تنظيما وأعمق تأثيرا ) (28)
يجدر بالمرأة –اذا - ان تستعيد ذاكرة الجسد الأنثوي وان تقف على زمن ثقافي وحضاري يكشف عن جوهر الأنثوية المغيبة وان تنفي كل الصفات النمطية عن المراة العورة الجاهلة الماكرة المجبولة على الغدر القاصرة  بل يجدر بها ان تتحول الى المرأة الخارقة التي تضارع سيرة الجارية تودد مع الرجال  وان تتحول من كائن شفاهي متلق الى مخلوق لغوي منتج للخطاب يخترع لغة او ينتزعها من الرجل او بالأحرى يقوم بتأنيثها
ان المرأة ليست جسدا فحسب بيد أنها تبحث عن قيمة ثقافية للجسد الذي يثقلها وتكرهه وتقوم غالبا بإنكاره او بتذكيره
ويسقط الغذامي حكاية تودد وتداعياته عندما يتعرض بعدها بصفحات الى حكاية مي في صالونها الأدبي في القاهرة حيث مي ( جسد مؤنث .. وهذا ما يجعل اللغة في الصالون تتحول لتكون – مثل لغة العقاد – خطابا غزليا لاهيا غير جاد )(29)
فكل من يتقاطر على الصالون يصبح همه السعى وراء رضا الآنسة وكسب ودها ولكن لم يرغب احدهم في اتخاذها زوجة ! فهي معشوقة ولكنها ليست كفؤا للاقتران بها علانية  ففرت منهم مي بروحها (على الاقل) الى مراسلاتها مع رجل بعيد لا يمثل جسدا حاضرا ولا خطرا داهما وهو جبران خليل جبران ولا أظنها قد فوجئت حقا عندما ألمح لها بأنه ليس طالب زواج في إحدى رسائله .(30)
ربما لم تلتزم مي بما اختطته لنفسها من منهاج في الحياة والحب عندما كتبت مرة ( اذا أحبت المرأة ذاتها حبا رشيدا كانت لنفسها أبا وأما وأختا وصديقة ومرشدة وأتمت ملكاتها بالعمل وضمنت استقلالها بكفالة عيشتها ) (31)
وهذا يصلح ان يكون بيانا للمرأة الجديدة التي لا تخضع لغير شروط أنوثتها بالا تضاف الى الرجل او تجنح إليه او تجعله يدخل بينها وبين ذاتها . ان انتصارها يتحقق في دحر أنوثتها وحاجتها الى الرجل لكي تكتمل بدونه
تترافق الكتابة مع الاكتئاب عند الرجل والمرأة معا ( علاقة تبدأ من التشابه في الجذر اللغوي وتمتد الى الترابط شبه العضوي بين كافة أفعال الكتابة وتجلياتها وبين الاكتئاب النفسي للذات الكاتبة )(32)
ولان القلق مرتبط بالخوف من القوى التى تحاول حصار الذات وحريتها فقد تنشا مشكلة العجز عن التكيف الاجتماعي التي ( يشرحها رولو ماي قائلا : ان التكيف هو العصاب ذاته ) لان ( هذا التكيف معناه ان يقبل الانسان قتل الجزء الأكبر من وجوده من اجل الإبقاء على جزء صغير جدا من هذا الوجود )(33)
ومن الاكتئاب الملازم للقلم والمصاحب للوعي تبرز الهستيريا بوصفها
( جسدا يتكلم )(34)
من المفارقة أن ينظر الى اللغة في الستينيات بوصفها كاشفة عن موقف أيديولوجي ومنظور طبقي ليس الا  يرزح تحته الرجل والمرأة معا اذا كانا من الطبقة ذاتها طبعا ! وقد عبر كمال خير بك عن الخلاف بين الفصحى والدارجة بأنه في جوهره ( خلاف سياسي – أيديولوجي وليس خلافا لغويا ) (35)
 ( تأتي اللغة لتكون أداة لهذه الهستيريا ومادة للجنون وحسب تعبير فوكو فان " اللغة هي البنية الأولى والأخيرة للجنون وهي الشكل التكويني له وعلى اللغة تتأسس كل المدارات التي بها يفصح الجنون عن طبيعته ) (36)
ولان الحكي الشفوي أنثوي أما الكتابة فتحول المراة الى كائن مذكر
 ( فان الكتابة مثل الرجال لمن هي ليست رجلا إنما هو تظاهر يتضمن إنكار الجسد والأحاسيس )(37)
فالمرأة تفقد أنوثتها بمجرد ان تدخل في إطار اللغة لان اللغة ضد التأنيث- بحسب الشرط الحضاري والاجتماعي الذي نعيشه- حيث اكتسبت اللغة سياقا ذكوريا تاما .( لقد ظلت علاقة المراة مع اللغة علاقة مضطربة فهي عنصر هامشي لم تسهم في صناعة المكتوب )(38)
فكانت المرأة خارج اللغة مجرد موضوع أو رمزا .

هوامش:
(1) مجلة ثقافات - مجلة ثقافية تصدر عن كلية الآداب جامعة البحرين – عدد 14 لعام 2005 – مملكة البحرين- ص116
(2) دليل الناقد الأدبي – د. ميجان الرويلي د. سعد البازعي – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – بيروت - ط 3 عام 2002 ص 149
(3) المصدر السابق ص152
(4) المصدر نفسه ص 153
(5) مقالة (تساؤلات حول النسوية الإسلامية وتفسير النساء للنصوص ) د. أسماء بن قادة نشر في الراية القطرية بتاريخ الإثنين14/5/2007
(6) الجنس كهندسة اجتماعية بين النص والواقع – فاطمة المرنيسي – ترجمة فاطمة الزهراء زريول- نشر الفنك – ط1 عام 1987 ص 28-29
(7) مقالة (تساؤلات حول النسوية الإسلامية وتفسير النساء للنصوص ) د أسماء بن قادة - جريدة الراية
(8) تحقيق نشرته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية بتاريخ  15-6-2005 وأجرته نصيرة محمدي – نقلا عن موقع العربية نت
(9) مقالة (الحجاب : حاجة دينية أم إكراه ذكوري)- سعيد بنگــراد – موقع سعيد بنگــراد على الانترنت
(10) الجسد الانثوي وحلم التنمية – زينب معادي – نشر الفنك – الدار البيضاء ط1 عام 2004 ص 14
(11) المصدر السابق ص 25-29
(12) الشمس مذبوحة والليل محبوس – فوزية شويش السالم – المدى (لم تذكر سنة الطبعة )
(13) مجلة ثقافات - مجلة ثقافية تصدر عن كلية الآداب جامعة البحرين – عدد 14 لعام 2005 – مملكة البحرين -  ص 123
(14) المصدر السابق - ص 120
(15) ص 42  لذة النص – رولان بارت – ترجمة د. منذر عياشي – مركز الانماء الحضاري ط2 عام 2002
 (16) المصدر السابق - ص 42
 (17) ثقافة الوهم (المراة واللغة 2)– عبد الله الغذامي – ط1 1998 المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – بيروت
- ص 79
 (18) نقد ثقافي ام نقد ادبي د عبد الغذامي د عبد النبي اصطيف – دار الفكر – دمشق ط1 عام 2004- ص 59 -60
(19) المصدر السابق - ص 60 
(20) الايقاع في الشعر العربي الحديث خليل حاوي نموذجا – خميس الورتاني ط1 عام 2005 – دار الحوار للنشر والتوزيع – اللاذقية
ص 186
(21) المصدر السابق ص 187
 (22) المشوهة – رانيا الباز – دار عويدات – بيروت ط1 عام 2006
(23) ديوان (للحلم رائحة المطر) - اشجان هندي – توزيع دار المدى للثقافة والنشر – 1993- ص 43- 47
(24) من موقع على الانترنت ذكر انه لقاء في  صحيفة تشرين صفحة ثقافة وفنون  الخميس 2 تشرين الثاني 2006
(25)مجلة الدوحة – العدد صفر عام 2007 مقال الكاتبة سلوى بكر بعنوان مقالة اللغة المستعارة -ص 93
(26)  المرأة واللغة – عبد الله الغذامي – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء -  ط2 -1997- ص 98
(27) المصدر السابق ص 98
(28) المصدر نفسه ص 55
(29) المصدر نفسه ص 150
(30) المصدر نفسه ص 155
(31) المصدر نفسه ص 154
(32) المصدر نفسه ص 134
(33) المصدر نفسه ص 136
(34) المصدر نفسه ص 137
(35) قصيدة النثر العربية- احمد بزون دار الفكر الجديد –بيروت- ط1 1996 - ص 162
(36) المرأة واللغة – عبد الله الغذامي ص138
(37) المصدر السابق- ص 53
(38) المصدر نفسه- ص 125




ليست هناك تعليقات: