الاثنين، 28 ديسمبر 2020

جمعية الكتاب و الادباء القطريين


نورة ال سعد

 

        وافق مجلس الوزراء الموقر مبدئيا على مشروع قرار وزير شؤون الخدمة المدنية والإسكان لتسجيل واشهار الجمعية القطرية للكتاب والادباء في 6 نوفمبر 2006  ثم .. ثم لم يحدث شيء !

بعدها بحوالي العامين نشر في الشرق بقلم صالح غريب بتاريخ 29 أغسطس 2008 تحت عنوان اشهار جمعية الكتاب والادباء القطريين ( اشادة الدكتور أحمد عبدالملك رئيس الاجتماع التأسيسي للجمعية القطرية للأدباء والكتاب بصدور قرار اشهار الجمعية من الجهات المختصة ) !! كما شكر د عبدالملك سمو الشيخ جاسم بن حمد على دعمه الجمعية قبل إشهارها وذلك بتخصيص مقر للجمعية في الحي الثقافي .

بعد شهر ونصف وفي يوم 13 أكتوبر 2008 أرسلت السيدة ظبية النصر مديرة إدارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة بالوكالة بوزارة الشؤون الاجتماعية ، الى السادة طالبي تأسيس الجمعية القطرية للأدباء والكتاب ،  كتابا رسميا ، جاء فيه ان وزارة الشؤون الاجتماعية ( لاحظت قيام مؤسسي الجمعية ( تحت التأسيس النهائي ) بممارسة نشاطها قبل انتهاء إجراءات التسجيل الكامل حيث عقد اجتماع في 6 أكتوبر 2008 تمت تغطيته في الصحافة المحلية)  ووجهت النصر اخطارا للجمعية  يحظر عليها( القيام باي نشاط اعلامي او مهني اخر قبل الحصول على الاشهار الرسمي للجمعية  ).

بعد حوالي السنة نشر صالح غريب في الشرق في 23 سبتمبر 2009 تقريرا بعنوان: ( اشهارها قريب .. جمعية الادباء والكتاب تنتظر تفعيل دورها من قبل أعضائها ) يذكر فيه ان جمعية الكتاب والادباء( تحت التأسيس ) قد طالبت الاعضاء في الاجتماع الأول ( بضرورة تقديم المقترحات للكيفية التي سوف تساهم فيها الجمعية لاحتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية ) ويستغرب السيد غريب بأنه ( حتى الان لم يتقدم أي شخص باي اقتراح او تصور مكتوب ، والمبنى لم يقم أي شخص بزيارته ... معللين بأن الجمعية غير رسمية حتى الان ) ! ويوحي العنوان وفحوى التقرير بان الأعضاء هم  السبب وراء (عدم تفعيل دورها ) !


الاثنين، 21 ديسمبر 2020

القطرية في مجلس الشورى


نورة ال سعد

 

        لا يوجد تجمع بشري لا يتشوف الى ممارسة حقوقه السياسية ومن اهمها تكوين الجمعيات والحق في التجمع  وحق تقديم العرائض وحق التصويت وهناك طريقان ، تسلك المجتمعات احدهما لتلبية تعطشها ؛ اما السعي في سبيل ممارسة حقوقها واما اللواذ والاحتماء بدرع قبلي او طائفي او دوغمائي يمنحها تعويضا وشعورا بالتفوق والتمايز والاستحقاق الاعلى .

يزعم باطلا بان المرأة القطرية لم تطالب ولم تسع لنيل حقوقها السياسية  وواقع الامر ان المرأة في مجتمعنا لم تمتلك قط منبرا ولا منصة للتعبير والاعلان ولم تستطع تحرير طاقاتها الحبيسة حتى انها تحايلت لكي تعبر عن نفسها من خلال أنشطة اجتماعية تطوعية – ولفترة وجيزة - من خلال ما سمي بالفرع النسائي لجمعية الهلال الأحمر القطري . ظهر الفرع في عام 1982 بوصفه رغبة مجتمعية وبجهود نخبة من السيدات وكان عملا تطوعيا وأهليا خالصا وكان بحق أول تنظيم نسوي بمجلس إدارة ترأسته السيدة مريم جاسم الدرويش وشاركت عضوات منه في محافل نسائية خليجية بصفة غير رسمية وبادرن الى حضور اجتماعات تنسيق العمل النسائي في الخليج على نفقتهن الخاصة وسرعان ما أوقف العمل الاهلي وتم حل مجلس الإدارة وتولى الهلال الأحمر الاشراف على مقر الفرع وتم تعيين مديرة تتبع المدير التنفيذي  منتدبة من جهة عملها منذ عام 1983 وتعاقبت المديرات المنتدبات حتى تم الاستغناء نهائيا عن الفرع في عام 2000 .

كان الفرع في عامه الاول علامة بارزة للعمل الأهلي النسوي الذي اجهض باكرا  ولو أتيح له الاستمرار أهليا ، لكان لدينا اليوم في قطر جمعية نسائية مستقلة لها فروع وصفوف من القيادات النسوية والاسهامات البارزة.

 وهذا يقودنا الى اختلال السيرورة التراكمية التي تدأب المجتمعات على استمرارها جيلا بعد جيلا والا اصبحنا مجتمعات تخرج من الصحراء صفر اليدين وكأنه لا نفط مر من هنا ولا تنمية ولا بشر يسعون في الأرض.

تذكر الكاتبة الصحفية  مريم ال سعد في مقال نشر في الراية في عام 2010  بان ثمة جمعية نسائية تنتظر الموافقة على اشهارها ولكنها قيد البحث والدراسة في وزارة الشؤون الاجتماعية (آنذاك ) وانها قد دعيت للانضمام الى تلك الجمعية وحضرت اجتماعات توالت خلال شهور مع من وصفتهن الكاتبة بانهن ( عقول مبدعة من مجموعة سيدات يمثلن الأستاذة الجامعية والمختصة العلمية والمديرة التنفيذية وسيدة الاعمال والتربوية الخ ) وعكفت المؤسسات- بمعاونة قانونيين -على صياغة النظام الأساسي للجمعية  وتقول الكاتبة ( واكتشفنا في سعينا .. بان هناك عطشا لوجودها من المرأة القطرية فقد توالت الاتصالات والرغبات بالانضمام الى (تلك ) الجمعية ) التي لم تر النور قط .

الاثنين، 14 ديسمبر 2020

الدستور والمواطنة والشورى


نورة ال سعد

 

       من اهم الإشكاليات التي تواجه التحضيرات للانتخابات الشورية هي تحديد الدوائر الانتخابية اذ ان الدوائر المتكثرة في بلد صغير تؤدي حتما الى تبعثر الأصوات المحدودة أساسا ، فضلا عن ان القطريين يقلون أو يتمركزون في مناطق متفرقة من البلاد . والمعضلة الرئيسية تكمن في ضآلة عدد المسجلين في قيد الناخبين ، ممن يحق لهم التصويت في انتخابات الشورى ، فالرقم ذاته متواضع كما هو ، في سجل قيد الناخبين في انتخابات المجلس البلدي ( والذي يسمح بتصويت المواطن الذي مضى على اكتسابه الجنسية 15 سنة ) وقد كشف عضو اللجنة الإشرافية على الانتخابات بوزارة الداخلية العميد عبد الرحمن السليطي عن مشاركة 13334 ناخبا من أصل 26664 ناخبا بنسبة مشاركة وصلت إلى 50.1% في ابريل عام 2019 ( منقول عن الجزيرة نت )

و ذكر تقرير نشر في الشرق في حينه بأن الدائرة( 3) بلغ عدد المقيدين فيها 850 ناخبا وضمت الدائرة( 8 ) 1975 ناخبا  وفي العاشرة 900 ناخب وفي الدائرة ( 15) اكثر من 800 ناخب  في الدائرة( 17)  بلغ عدد المقيدين 780 ناخبا وذلك اثناء انتخابات البلدي في 2019  وهناك أربع دوائر حسمت  بالتزكية  من اجمالي 29 دائرة !

ترى هل سينجح عندنا عضو مجلس شورى - تتلخص شروط عضويته في انه أتم الثلاثين من عمره ويجيد العربية قراءة وكتابة ، ولم يسبق الحكم عليه - بمجرد حصوله على 50 صوتا فقط  في دائرته ؟ وسيصبح بالتالي ممثلا وعضوا بمجلس الشورى! ما اسهل تأمين تلك الأصوات حتى لو بلغت 100 صوت لاسيما اذا تم حشد أصوات (نسوان ) القبيلة، فان أصوات النساء هي التي رجحت الكفة في انتخابات مجلس الامة بالكويت مؤخرا  !

 الامر الذي يستدعي اشتراط احراز حد ادنى للأصوات لكي يسمح للمرشح باجتياز عتبة المجلس لاسيما في حال عدم توفر اقبال كاف او في حال احتدام منافسة بينه وبين خصومه تفتت الأصوات بينهم بحيث يمكن السماح بان يتنازل مرشح لآخر بأصوات مؤيديه (الامر الذي يخلق تحالفات وتعاونا على كل حال  )

 هل يعتزم المشرع توسيع مساحة الدائرة وتقليص عدد اجمالي الدوائر و تخصيص عدد من المقاعد لكل دائرة ؟ ما زلنا نترقب وننتظر .


الاثنين، 7 ديسمبر 2020

الشخصية القطرية



نورة ال سعد


حضرت الجلسة الثانية بمسرح قطر الوطني وكانت بعنوان تحديات واستجابات : (أحداث ميزت الشخصية القطرية ) للمحاضر غانم بن سعد الحميدي . وقد أوجزت المحاضرة وأجملت وللمحاضر أسبابه في ذلك الايجاز وفي تجنبه التام  ذكر أسماء ووقائع وتفاصيل . وفي خلاصته انتهى الحميدي الى نقاط  مهمة هي : اعتداد اهل قطر بأنفسهم وشدد على ان ثنائية القائد والشعب تنتصر دائما في قطر وأكد على بروز النزعة الاستقلالية لقطر. من نافل القول أن استقلالية قطر وسيادتها تستلزم بروز شخصية مستقلة للقطريين رجالا ونساء على حد سواء وتتطلب تحقيق المواطنة بكل أطرها وضماناتها ولعل السؤال هو : كيف يرى القطريون انفسهم ؟


تحضرني هنا لوحات الفنان جاسم زيني (1942-2012 ) فقد كان مدار اهتمامه الانسان في حياته اليومية وعلاقاته وبرزت المرأة في أعماله بصورة رئيسة فالمرأة عاكسة كاشفة لروح المجتمع وجوانيته . وفي كتابه ( العوسج ) تحدث د علي بن خليفة الكواري في مذكراته عن الشخصية القطرية من رجال ونساء ، فالنساء جذور وعلاقات واطياف الماضي ورؤى المستقبل .وكان العنوان ذاته ( العوسج ) موحيا ودالا . قدمت (عوسج ) الكواري القطريين باعتبارهم جماعات متصاهرة ومنصهرة ، متساندة ومتكافلة ، متعايشة ومتساوية . ويجسد علي بن خليفة ، هو ذاته ، تلك الشخصية القطرية ويمثلها أبلغ تمثيل فهو الانسان العصامي المستقل  المعتد بذاته الباحث والساعي وراء المعاني بدأب وتواضع وإخلاص .


يصف القطريون أنفسهم في الادبيات والمجالس بأنهم أهل وفاء وعهد وصبر على الشدائد وأهل الطيبة والبساطة والتواضع ، وقد وقر في سمعي عبارة قالتها د كلثم الغانم في ندوة منذ سنوات قالت :( القطري مهوب مكلمنجي) أما المؤرخ القطري د.محمد المسلماني فقد ذكر في حوار صحفي في 2017  بأن ( الإنسان القطري (هو ) الوحيد الذي لم يغادر للبحث عن كسب الرزق، وكانوا صابرين على كل شيء)


لفت انتباهي في محاضرة (التحديات والاستجابات ) ذلك الارتباك الملحوظ عندما يتماس الشفوي بالمدون فقد ذكر المحاضر انه يعتمد على  الرواية القطرية  بازاء الروايات الاخرى وكان احيانا يرجحها على سواها وحتى على ما ذكرته الوثائق البريطانية مثلا ، كما ذهب في أعداد القتلى في احدى المعارك حيث ذكرت بريطانيا انها فادحة ورأى المحاضر انها بالغت في ذلك .


 جاءت الكتابة لكي تكون سببا رئيسيا لفقدان الذاكرة الثقافية عند المجتمعات الشفوية فالمجتمعات الشفوية كانت تحافظ على ذاكرتها متناقلة عبر الممارسة والرواية الا ان التدوين بعث سبلا أخرى لأرشفة مؤسسية . بدأت فلسفة الارشفة أساسا مع قيام الدولة الحديثة فلكي تكون هناك دولة  لابد من تأسيس أرشيف وطني منظم والارشفة عملية نظامية ومؤسسية وليست جهودا فردية الا انها تنطوي على مجموع الروايات والشهادات والمساعي الفردية والمذكرات وكل ما يمكن جمعه . والذاكرة على كل حال انتقائية ونفعية وغالبا ما تفتح الملفات التاريخية بشكل موجه ومنتخب ويخدم المصلحة المرحلية اما الارشفة فتجمع كل الروايات مثل احجار الفسيفساء لكي تكتمل الصورة لاحقا بتحليلها وتقليبها بمنظور كلي وعبر المقارنة والمقابلة مع نظرائها .


لئن تناولت تلك المحاضرة عام 1851 ما قبل وما بعد ، بسبب اقتراب الاحتفال بيوم المؤسس ، فان هناك تعطشا متزايدا الى تناول تلك الفترة بأحداثها الجسام ، هي وكل المحطات والعلامات والشخصيات النشطة والاحداث والاماكن المؤثرة و الفاعلة في ضميرنا ووعينا ، وينبغي أن يتم تفعيلها في سياقات الحاضر، في المناهج والاعلام لتكون هوية فاعلة .


 قطعا نحن بحاجة الى محاضرات وندوات تستعرض فترات أخرى لاحقة مثل  الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ففيها مفاصل ارتكازية ومحورية مؤثرة   فقد بدأ التحول من إدارة مشيخة الى نمط الإدارة الحديثة في الخمسينيات بعد تصدير النفط في 1949 وترأس المستشار البريطاني الإدارة العامة وانضم معظم اهل قطر الى شركة نفط قطر وكونوا طبقة عمالية منذ 1950 وظهرت لجان العمال في دخان وامسيعيد  وتأسس نادي الطليعة في 1959 وتلا ذلك نادي الجزيرة الاجتماعي واسست فرقة الأضواء . قدمت عريضة الحركة الوطنية في 1963 ثم صدر البيان الايضاحي  في العام نفسه وصدر النظام الأساسي المؤقت في 1970 وبعده بستة أشهر جرى اعلان الاستقلال . ونص النظام المؤقت على انشاء مجلس شورى منتخب ثم جرى تعديل النظام في 1972 حتى استبدل النظام برمته بصدور دستور قطر الدائم عام 2004  . ويمكننا القول بانه جرى تمديد العمل بمجلس الشورى المعين مدة نصف قرن حتى الان حيث من المقرر ان تجرى اول انتخابات شورية في قطر في أكتوبر 2021 .


محطات تاريخية من الإضرابات العمالية واستجابة اهل قطر لنزعة التحرر والمد القومي والجهود الاهلية وصولا الى السبعينيات والطفرة النفطية الاولى ومآلات الحركة التصحيحية وخطواتها في استقطاب كل الكوادر الوطنية وبروز تطلعات الطبقة المتوسطة اذ بان البعثات الدراسية والإسكان الشعبي وكذلك تأميم القطاع النفطي وتفكيك الطبقة العمالية الوطنية وإرساء خطة خمسية لاول مرة وبناء المصانع في امسيعيد وتأسيس للجهاز الحكومي .


 


ثم تلا ذلك العهد بداية الانحسار في دولة الرعاية ، والتي كانت دولة الكوبونات مقابل المشاركة في القرار السياسي ثم انطفأ عهد الطفرات النفطية .


 نحن اليوم بإزاء ملامح ضبابية للشخصية القطرية في مجتمع صغير الا انه منقسم ، لم يزل منكمشا ومندهشا ومشلولا ، تهيمن عليه الهيراركية ، تتآكل طبقته الوسطى المستنزفة ،  تلهث وراء عالم المادة والاستهلاك المفرط ، حيث تسود قيم التسلق والتملق والانتهازية ، عينها مفتوحة على اصحاب الابراج والشاليهات والامتيازات بينما يدها تقصر عن اتمام ابسط المعاملات بسبب اجراءات تعجيزية وسقيمة.


 


 


 



النسوية في شعر المرأة القطرية

بقلم : نورة ال سعد


( النسوية في شعر المراة القطرية ) هوعنوان كتاب قامت باعداده الباحثة حصة المنصوري  كمشروع بحث لنيل اجازة الماجستير وقامت بطباعته في عام 2016  وزارة الثقافة والفنون والتراث (كما كانت تدعى آنذاك ) واختارت حصة ثلاثا من الشاعرات القطريات هن سعاد الكواري وزكية مال الله وحصة العوضي كنماذج للدراسة وذكرت الباحثة بأن هولاء (الشاعرات عايشن قيام نهضة الدولة القطرية الحديثة وعاصرن أهم أحداثها ورصدن التحولات التي مرت بها البلاد ) ص10


شرحت حصة المنصوري بانها تسعى لاستنطاق النصوص الشعرية في انتاج الشاعرات للإجابة عن التالي (كيف نظرت الانثى الى ذاتها ؟ وكيف صوّرتها ؟ ما الهموم التي حملتها كمضامين شغلت بها ذاتها النسوية ؟ وما المشاعر التي عبرت عنها ؟ وما الرؤية الجديدة التي طرحتها هذه الذات عن نفسها ؟ ) ص80


تستوقفني شخصيا تجربة الشاعرة سعاد الكواري حيث وجدت في تطور تجربتها الشعرية من خلال انتاج منهمر في ستة دواوين : طبع (تجاعيد ) في عام 1995 (لم تكن روحي ) عام 2000  بينما تمت طباعة ( باب جديد للدخول ) و( بحثا عن العمر ) و ( وريثة الصحراء ) في عام 2001 و ( ملكة الجبال ) في 2004


 وجدت بأنه لا تكاد عين القارىء أو حسه يغفلان  للحظة عن شفافية احساس الشاعرة وعفويتها وروحها الحرة وتعكس كل قصائدها بلا استثناء مخيلة جامحة وكسيرة في الآن نفسه . يجسد سعي الشاعرة الكواري ما عبر عنه د.الغذامي مرة بأنه محاولة المراة الكاتبة ان ترفض كونها (موضوعا لغويا لا ذاتا لغوية ) ويتبدى ذلك جليا في صورها واسلوبها وموسيقاها الشعرية وحتى في الشكل الكتابي للقصيدة النثرية مثل قولها :


(يا مدينتي الصامتة ، الصارمة كالعدم ، اعتقيني أطلقي سراحي ، حرريني يا مدينتي القاسية ، اتركيني ) . أتفق مع الباحثة حصة المنصوري في أن الشاعرة سعاد الكواري تلتمس الحرية كمهرب وليس كسعي وطلب فذانك الامران يبدوان كمرحلة لم تتبلور شروطها في الأفق بعد . وتشير حصة الى ان الفعل المضارع في تجربة سعاد يعلن عن ( قرار بالهروب والاستسلام حيث لا مجال لتغيير الواقع المحتوم في مصير النساء بشكل عام ) ص 199


تقول سعاد الكواري : أريد أن أركض


أن أصرخ


أريد أن أهرب


أريد فقط أن أموت



الرواية في قطر


نورة ال سعد

دهشت عندما وقعت على تصريح د احمد عبدالملك بأنه قد ظهرت أكثر من 20 رواية في عام 2016 وأكثر من 10 روايات في عام 2017 . وأدخل عبدالملك 35 منها في دائرة الرواية بينما رأى د محمد مصطفى سليم بدوره  ان هناك 41 روائيا قطريا (!!) قدموا ما يقرب من 100 رواية ! فمن أين زحف علينا أولئك (الروائيون ) ؟ من ورش كتارا ومختبراتها وجوائزها ؟

لنضع جانبا تلك الكومة البائسة التي اهدر اصحابها وقتا ومالا في اصدارها -عبثا- بين دفتي كتاب ولنتأمل في غواية السرد التي تظللنا حاليا والمرشحة للاستمرار كما أحدس في الفترة القادمة فلكل منا روايته وسرديته وهو أمر اشبه بحمى البوح او اندفاعة الكشف والفضح او لعلها ببساطة الرغبة في أن نترك وراءنا أثرا .



 ذكرت القاصة بشرى ناصر في حوار لها أجري في 2015 بان لديها رواية حبيسة للادراج منذ 15 سنة بعنوان ( شراشف النساء) وقد قابلت في حياتي عددا من الاشخاص كانوا يعربون لي عن عزمهم على كتابة رواية وبعضهم لم يسبق له أن كتب قصة.

قد تكون الرواية بوصفها فنا وجنسا أدبيا وليدة  التطلعات البرجوازية للطبقة الوسطى الصاعدة وتعبيرا عن همومها وقلقها الوجودي وطمعها في ادوار جديدة في مجتمعات

 

التحولات لاسيما تلك التي تتيح هامشا معقولا للتنوع والتعبير عنه بيد انني موقنة بأن سحابة السرديات التي تظللنا الان ، هي أمر آخر نسبيا وهي تميل نحو الانتشار والتمدد ، فنحن في زمن (السردية ديوان العرب ) وكما أسلفت فان لكل روايته . يحرص كل طرف وطائفة وجماعة على نسج سرديته واسطورته الخاصة او بالأحرى تلفيقها . وثمة جيل غض ظمآن يبحث في الذاكرة الثقافية الملتبسة وينبشها ويعيد بناءها في نصوص تخييلية لان ذلك هو السبيل الوحيد للتنفيس عن اسئلته واحباطاته واشواقه للمستقبل . لا يسعني الا أن أزكي روايات الاختين خليفة ، لدلال خليفة اربع روايات ( اسطورة الانسان والبحيرة 1993 وأشجار البراري البعيدة 1994 من البحار القديم اليك 1995 ودنيانا مهرجان الأيام والليالي 2000 ) ولشعاع خليفة ثلاث روايات ( العبور الى الحقيقة 1993 أحلام البحر القديمة 1993 في انتظار الصافرة 1994 ) فضلا عن أربع روايات للدكتور أحمد عبد الملك ( أحضان المنافي 2005 القنبلة 2006 فازع شهيد الإصلاح في الخليج 2009 والاقنعة 2011 )

ثم أعرج بالذكر الى عدد من الأشخاص و الكتاب الذين خاضوا غمار السرد لمرة واحدة غالبا :  فهناك محاولة روائية لي شخصيا بعنوان (العريضة) صدرت في 2011  و صدرت رواية (القرصان ) في 2011  لعبد العزيز ال محمود وهو رئيس تحرير سابق واستقبلت بحفاوة مبالغ فيها ! ثم أصدر ال محمود رواية تاريخية أخرى بعنوان (الشراع المقدس ) في 2014  . و أصدرت القاصة  نورة محمد فرج رواية (ماء الورد) في 2017 . وصدرت رواية ( فرج) في عام 2018 للفنان التشكيلي محمد علي عبد الله وظهرت مؤخرا رواية (اسوار البلدة ) لرائد إبراهيم . معظم تلك المحاولات آنفة الذكر تتوسل الاسقاطات وتتدثر بالمبنى التراثي والسردية الحكائية  ويستخدم اصحابها تقنيات جاهزة وباردة في أحيان كثيرة و تفتقد الى التلقائية والتجريبية والابداع برغم حرص اصحابها على  استخدام ادوات الصنعة المباشرة  .

 أرحب كثيرا و استبشر بتعدد الأصوات والمنظورات والسرديات ما حملت رؤى  ومقاربات وتعدديات ونسبيات .. فلا شك بأن الحقيقة هي الوهم الأكبر والأخطر في نشاطنا الذهني كله .