الثلاثاء، 3 مايو 2011

الروائي تاج السر ... ما سره ؟



قراءة في أربع روايات للروائي أمير تاج السر

بقلم : نورة آل سعد
للروائي أمير تاج السر نَفَسٌ ملحمي تجلى في روايتين تتصفان بطابع كرنفالي هما ( توترات القبطي ) و( مهر الصياح ) يتواجد فيهما ما يشبه الراوي الشفوي في السير والملاحم الشعبية ؛ راو غزير وافر المعلومات لا ينضب معينه ، متمكن وقادر على اثارة التشويق و(التتبيل) ولفق الحكي بعضه ببعض كأمهر الخياطين في سرد منساب ملىء بالابتكارات اللغوية المدهشة. 



 انه ذلك الراوي المستغرق في سرد سير الشخصيات المتكثرة متحدثا عن الاحوال المحيطة مهتما بتفاصيل العصر مقحما معرفته ومهارته . لا يمكنني ان اقول بان الروايتين المذكورتين تنضويان ببساطة تحت مظلة توظيف التراث  وليستا اسقاطا لزمن ماض على حاضر بقدر ما هي بناء لعالم روائي فانتازي يغذيه مخيال خصب واسع الحيلة و تدفق لغوي يضخ بالحيوية في حكي متناسل متشعب غير أن الحدث الرئيسي  ( او جملة الاحداث المتفرعة عنه ) لا تمضي دراميا ولا تصعيديا في حبكة واضحة  ولا خط  ظاهر . انه كما أراه عالم مزخرف ومتنوع  ولكنه هلامي الى حد ما تلعب فيه اللغة  دورا رئيسيا ويتلفع بروح التهكم و تمتلىء الروايتان الملحميتان بشخوص جمة متكثرة قد تتقاطع او تتوازى او تتداعى في استطرادات وحكي متشعب .
يعتمد الراوي الملحمي على مادة الحياة الانسانية  في زمن مستمر ليس ماضيا تماما ولا حاضرا بعينه وهو بالدرجة الاولى عالم روائي مثلما كانت رواية (الزيني بركات) لجمال الغيطاني واعتقد بان محاولتيهما (الغيطاني وتاج السر ) أكمل فنيا من محاولة يوسف زيدان مثلا في (عزازيل) فقد وقع زيدان في فخ سهل وهو الانبهار بتوثيق احداث ومعلومات عن الناس والاماكن والاحداث . انه – اذا - عالم روائي ترهبك تفاصيله وتفتنك رحابته وغناه ..ولغته  واعتقد بان تاج السر أبدع فيه لانه كتب عن الانسان ولم يتحر الكتابة عن التاريخ.
 
   تتشبع روايتاه آنفتا الذكر ، بكرنفالية مترعة بالتهكم والمفارقة العميقة المتغلغلة في كل شي  يصبغ الحياة المضطربة بعبثية الاحداث والمصائر وتقلبات الثقافة ومخلفات السياسة وتحولات الاجتماع ونوازع البشر .وينطلق تاج السر من (محلية) الشخوص والاحداث الى انسانية الرغبات والمعاناة .


مقاربة نقدية لأربع روايات
العطر الفرنسي – صائد اليرقات – رعشات الجنوب – زحف النمل  




يتغلغل تاج السر في دواخل النفوس متسللا ويبقي في الوقت ذاته على مسافة محسوبة ، على مبعدة من شخوصه يدير بدهاء بالغ ، حبكة خفية ، تنتظم كل تلك الشخصيات في بناء مشوق قادر على جذب القارىء وحمله على مواصلة القراءة
هناك الشخصية الرئيسية في كل رواية من الروايات الاربع ( علي جرجار – عبد الله حرفش – رابح مديني – احمد ذهب ) وهي جميعا ليست شخصيات يسهل التعاطف أو التماهي معها وليست بشخصيات ذات هدف ولا غاية أبعد من همها الشخصي .
علي جرجار  في (العطر الفرنسي ) فاشل اشيب كان مراقبا لصيانة القاطرات وهو عضو في حزب مغمور لا يضم سوى ثلاثة اعضاء (هو احدهم ) يعد العاملات وبائعات الشاي بالزواج خداعا ويحرص على الحافظ على صحته الشخصية ولا يبالي بغيره حتى انه يتلقى  اتصالا  (بطريقة احتاج اليك بلا رصيد ) من متصل يدعى (عديلة ) كما هو مسجل في موبايله ، فيعجز عن تذكر من هي عديلة ! ونكتشف لاحقا بانها اخته الوحيدة التي يتلقى من ابنها  المهاجر الى الخليج معونة دورية !!
 وعبد الله حرفش  في ( صائد اليرقات ) مخبر وكاتب تقارير أمنية ،  يعيش مستوحدا وكذلك المعلم رابح مديني في ( رعشات الجنوب )  فهو تاجر جشع  ، لا يتورع عن المتاجرة بالرقيق لم يعتن بالبحث عن ابن له محتمل - وهو بلا عائلة - بل طارد نزوة الى آخر مداها وأردى به وهم فمات ميتة مجانية فكأنما عاش حياته بين أهواء وأوهام .
ولا يستتثنى  احمد ذهب في (زحف النمل ) فهو مثل سائرهم انتهازي اناني  لا تعد زوجته حياة الحسن الا استكمالا لصورته اللامعة في محيطه  وفي تصوره لنفسه باعتباره مطرب الامة وملك الاغنية  المتربع على عرشها وحده  .
ونجد الحدث  في الروايات الاربع حدثا عاديا ففي (العطر الفرنسي) لا يعدو الامر اشاعة بمقدم ممرضة فرنسية للاقامة – فترة من الوقت - في حي غائب وتتمحور الرواية حول ردود الافعال ازاء تلك الزيارة المرتقبة (التي لم تقع)
وفي (صائد اليرقات)  يتقاعد المخبر عبد الله حرفش فجأة - نتيجة اصابة عمل-  وبعدها يفكر بكتابة رواية لا لشيء الا لانه اعتاد غالبا على كتابة التقارير عن حركة البشر ويدخله ذلك العزم في خضم علاقات جديدة تهز مشاعره وتحركها .
وفي رواية (رعشات الجنوب) يكون الحدث الرئيسي مجىء سيرك سنوي يحمل فيه مشعوذ نبؤة سيئة لرابح مديني نعرف فيما بعد اسبابها وتداعياتها . بينما يبدأ الامر في( زحف النمل) بانهيار احمد ذهب في حفل يحييه بسبب فشل كلوي ثم تنظم حملة للحصول على كلية لانقاذ حياته .
يحكي الراوي العارف في كل رواية من تلك الروايات الاربع  (و قد يكون الراوي هو ذاته الشخصية كما في روايتي صائد اليرقات والعطر الفرنسي ) ولكنه ايضا صوت الروائي ذاته فلا يختلف الامران كثيرا فكلاهما يقتفي الخط نفسه في القص ويتخذ اللغة ذاتها ويستخدم الاسلوب التهكمي الشارح والراصد وكلاهما صوت متقص فاحص وبارد لا مبال بالرغم من انه فاضح واعترافي في الوقت نفسه.
الشخصيات الاخرى  (الثانوية )
هي من وجهة نظري تتساوى في الاهمية مع الشخصية الرئيسية ؛ انها نسيج الرواية ومادته الاكثر اهمية وامتاعا وتأثيرا .وتلك الشخصيات تسهم في تحريك تداعيات ذلك الحدث (الصغير ) في كل رواية سواء بردود الافعال كما حدث في (العطر الفرنسي) أم بتشابك العلاقات بين الشخصيات في فضاء قد يكون واسعا مناطقيا فالشخصيات تتصادف وتتواجه ويكشف ذلك عن تقابلات و وتوترات وعيوب ويكشف عن رداءة الواقع الزمكاني الذي يرسفون بأغلاله  .
العلاقات محور مهم من محاور الرواية عند تاج السر وهي علاقات حميمة وعلاقات متضادة وكلها عنيفة ومتواشجة بصورة تخفف من وطأة المصادفات عندما تقع هنا او هناك وهي علاقات قوية في مجملها عامرة بالانفعالات والنزوات والاستغلال وحب الاستطلاع
وكل تلك العلاقات من صداقة او زواج او تساند او تعاون او حتى علاقة عابرة او نافرة تبدو (روابط ) متينة وبديلة عن عبثية الحياة واهتراء نظامها الخارجي . نجد امثلة  في ((  صداقة ادم والمعلم رابح – وعلاقة تيلا برضيانة الخضر – علاقة علي جرجار بكاتيا - علاقة ذهب بكاتب الاغاني  - صداقة المخبرحرفش بالروائي ( أ – ت ) الخ  ))
يعتبر المعلم رابح مثلا شخصية مؤثرة ونافذة ، يعرفه الجميع (يعرفه تراب الارض) وقد خرجوا في جنازته لا بسبب المحبة ولكن بسبب قوة تأثيره في حياتهم من جهة اخرى يعد كل من  حرفش وجرجار مهمشين الا انهما كانا قادرين على التأثير فيمن حولهما لسبب ظرفي ؛ (علي جرجار اصبح مهما منذ ان حمل خبر مقدم الفرنسية لحسناء الى حي غائب وكان حرفش بسبب موقعه مخبرا سابقا قادرا على التدخل للافراج عن الروائي من الاحتجاز )  يقابلهما احمد ذهب مطرب الشعب والمعلم رابح اللذين كانا عاجزين – للمفارقة – ولكل منهما نقطة ضعف قاتلة اخفق ذهب امام اعرابي خدعه وادى الى انهياره و افلاسه وطرح الوهم رابحا فصرعه عاريا على أرضية عنبر المستشفى  . حرفش وجرجار يتشعلقان بالنظام ويسايرانه واعيان لامكاناتهما  المقيدة في وسط عالم محدود  بينما ذهب المتغرطس الصاروخ في عالم الفن والمعلم رابح ذو النفوذ والمال كلاهما عاجزان فعليا ونفسيا  كل الشخصيات تبرك على الركب في حضرة النظام الطاغي حتى الروائي الفنان الذي يرفع راسا متعاليا وسط مريديه ويخترع طقوسا للكتابة تفتن تلاميذه 
نلحظ بان جميع الشخصيات في روايات تاج السر بلا فعالية ولا أفق واضح ولا قدرة حقيقية على تغيير حياتها او حياة غيرها  وجميعها تقع تحت طائلة ظروف واحدة تسحقها وترهنها للمجهول  وهي تقاوم – ان صح التعبير – بطريقة واحدة وهي الدهاء الفردي والجمعي ( نستطيع بالطبع استخدام كلمة الانتهازية بلا وجل ) فلا تختلف انتهازية زيتون الصويعي الاعرابي عن انتهازية احمد ذهب مطرب الشعب ! ولنقل بأنهما ضحية ومضح به ( اقتباسا من تعبير استخدمه الروائي في صائد اليرقات ) وكذلك انتهازية  عبد الله حرفش واستغلال الروائي ( أ- ت ) بالمقابل لحرفش و انتهازية علي جرجار ، و انتهازية عركي صاحب الدكان وحليمة المرضعة صاحبة غرف الايجار ومنعم واولاد النبوي وانتهازية المدلك الخ ) والحقيقة ان كل الشخصيات تسلك مسلكا نفعيا لتحتال لمعيشتها لتحقيق مكاسب صغيرة ..ولكن ضرورية .
يتبع الراوي (سواء أكان الشخصية أم الروائي السارد ذاته ) اسلوبا تشريحيا  باردا لامبالاليا وقاسيا في تعرية الجميع  لان الراوي ينظر الى شخوصه (نظرة حجو ) وهنا اقتبس مجددا تعبيرا من تاج السر في روايته (رعشات الجنوب) وتستطيعون القول بأن (نظرة حجو) هي نظرة من يلاحظ ما حوله بحيدة وبرود ، كما يفعل الراوي حين يحكي لنا عن شخوصه ولماذا يتصرفون على هذا النحو أو ذاك وعلام يتسترون ومم يخافون كاشفا مناطق معينة في سيرهم وسرائرهم بصورة عارضة وعفوية .
ويعتمد سرد الراوي على المفارقة بكل صورها ومستوياتها (لفظية وشعورية ودرامية )
فالمفارقة متغلغلة في السرد والتصوير والمصائر ورسم الشخصيات وفي اللغة ذاتها
المفارقة التي تجعل من (رابح ) خاسرا في حقيقة الامر ! المفارقة في ان حي غائب كاد ان يصبح حاضرا بعد اشاعة مجىء الفرنسية الحسناء ! المفارقة التي تجعل من (اشاعة) لزيارة أجنبية سببا في تغير رتم الحياة في حي غائب وتبث أملا في تطلعات كل فرد فيه ! فقد اشرابت النفوس وتطلع الجميع لتغيير " الاحوال " ولو جزئيا  حتى دكان عركي اصبح يستورد الحاجيات التي ستطلبها كاتيا كادويلي الفرنسية  مثل صابون زست والعسل اليمني وعلب التونة والمايونيز وحفاظات اولويز .
 المفارقة التي تسوق المخبر كاتب التقارير سوقا ليقتحم عالم الكتابة الروائية بعد الكتابة الاستخباراتية ! المفارقة في اضطرار احمد ذهب المتغرطس الانتهازي ( الذي صعد نجمه لانه ركب على موجة اضراب زملائه في الاذاعة) الى شراء كلية - لم تتوافق سواها مع جسده -  من اعرابي  احتل بيته وحياته وافسدها بدلا من انقاذها . المفارقة في ان شخصا مثل رابح يغامر مقتحما الحدود والمهالك في تجارة كل ممنوع ثم يقتله وهم نبؤة مشعوذ مزيف يبلغه بانه رجل ميت !  المفارقة ان يعود الابن الى مسقط رأسه ويلتقي اباه المحتمل ثم يغادر معتقدا أنه أخطأ !المفارقة ان الجريح العسكري الذي أبى كل عروس مقترحة يطلب يد زيابا المتفلتة من كل قيد.. للزواج ! المفارقة ان مدلكا رياضيا يهوى التمثيل  قد منح دور حامل محفة في عرض مسرحي فاستطاع ان يخرب عرضا تجريبيا لاحد المسرحيين الطليعيين وجعل من ( نصه الانتقادي يتحول في النهاية الى مظاهرة كبرى لتأييد السلطة ) بل انه تحول على اثر ذلك الى نجم دعائي لمنتجات استهلاكية !!  المفارقة في ان تغيير دين ميخا ميخائيل للحصول على معونة من جمعية خيرية بالخليج تساعده على الهجرة لم يفلح سوى في رضوخه في نهاية المطاف للختان برغم اصابته بالسكري .  ( زاره مندوبون من الادارة الشرعية منحوه انذارا اخيرا لاتمام عملية الختان .. وسلموه امساكية شهر رمضان قبل ستة شهور من قدوم الشهر الفضيل ) وبعد تسويف ( ذهب الى الادارة الشرعية طواعية سلمهم لحمته العجوز حيث ذهبوا به الى احدى المستشفيات الفقيرة وجزوها هناك سلمهم بقية أمره وانه قد يموت فجأة من الجوع او الانهيار العصبي او نقص علاجه لمرض السكر لكنهم كانوا قد انتهوا ..لم تعد تابعا لنا الا في موائد شهر رمضان المعدة للفقراء فقط ) ص 119

هناك ايضا درامية المصائر من جنون وموت وفشل وخيانة وافلاس وانهيار في خضم علاقات انسانية متشابكة ومتقابلة. انه عالم متأرجح بلا ثوابت بين الفوضى والجنون والنبؤات والسحر والشعوذة والهزات والانقلابات والنزوات العابرة  فاليوم قد يكون المرء حاكما وغدا يسقط اثر انقلاب مفاجىء وقد يعزل في زنزانته سنينا فينسى او قد يبيع اكسسورات رخيصة في بلد لم يسمع به احد ! وتأتي درامية تلك المصائر مقترنة بالعدمية التي تلف الحياة وسيرورتها ودوائرها المغلقة ! (العدمية المتمثلة في تفاهة الحدث المحرك وفي لامبالاة السرد واصطباغه بالتهكم والسخرية ) مما يعد في حد ذاته مفارقة فاقعة

ان الطبيب الروائي أمير تاج السر منتج بغزارة ؛ يكتب نصوصا جميلة بلا مراء وهو لا يعيد نفسه بل ينسج على منواله الخاص في كل مرة نصا بديعا . تستغرقه السودان كليةً بالرغم من انه بعيد عنها ومقيم منذ فترة في قطر . لعلي ألحظ بأنه لم يعتن بشخصية المرأة كما فعل بشخصية الرجال عموما  حتى (الرزينة نظر) في ( مهر الصياح ) تجسدت رمزا لصورة الاخت مطلقا كما تكون في أبهى صورها ملحميا وكانت شخصية صاحبة المقهى في رواية ( توترات القبطي ) بارزة  بيد انها باردة ايضا وكذلك كانت رضيانة الخضر في (رعشات الجنوب ) وسطا على كل البريق تايلور تيلا الفنان الانسان اعظم صورة وامثلها لصورة الصديق. حتى حياة الحسن في( زحف النمل ) لم تكن اشتراكية كما قدمت لنا  بل امراة عادية مولعة بالعمل الخيري فحسب ولم تؤد سوى دور الزوجة الصالحة بلا تذمر ولا تململ وحياة الحسن مثل لها مثل (عريفة) زوجة زيتون الجميلة في الرواية نفسها فهما لا تفعلان شيئا سوى التواجد المكمل .  
تنتقل الينا عدوى (نظرة حجو) فنحن لا نحكم على عهر رضيانة وجشع رابح وخساسة عمبابا وضعف تيلا ومسلك المدلك وغطرسة ذهب وفظاظة الجريح المتعسكر من راسه حتى اخمصه الخ  بل نرقب فحسب كيف تعمل الايام مع هذا وذاك بلا أسف ولا تشف .
انها حيوات تثير الرثاء والاشفاق وربما الاحتقار احيانا فهي في حالة تخبط واضطراب ،  شخصيات رثة وقميئة ومهانة كشاكر  وسلامة الحسناء و خوجال  وموسى خاطر وسوكارنو واخيه وميخا ميخائيل والعجوز حليمة وخادمتها .بعضهم يعيش انقلابات داخلية فجائية بهدوء  كالممرضة سامتا في ( رعشات الجنوب ) التي تقرر فجأة ان تتقاعد  وتمتنع عن صبغ شعرها لتعيش صورة الجدة الصالحة بعد ماض غير صالح  بينما ينكص كاتب التقارير في( صائد اليرقات) عن عزمه لكتابة رواية راضخا ، برغم استشعاره للنقلة التي تشده الى عالم آخر الا انه يعود بلا مقاومة تذكر ، وانقلاب حياة علي جرجار في (العطر الفرنسي ) تودي به الى الجنون بسبب عدم قدرته على قبول خيبة الامل  ورضيانة ايضا تنتقل الى حياة العفاف وتعتصر كل انوثتها بل تخنقها خنقا  !
كأنما لا يصنع الانسان التاريخ عند تاج السر ولا يصنعه التاريخ كذلك ! وانما يسيران معا ( الانسان والتاريخ ) بتواز وتزامن كل منهما يخايل صورته في الآخر ! هل الانسان هو ميخائيل في رواية ( توترات القبطي) ؟ مجرد ورقة في مهب ريح عاصف أهوج بلا معنى ! لم يفكر ميخائيل بالاصلاح ولكنه كان قمينا بان يصبح مصلحا  ! كان موجودا في نقطة ما ، بالمصادفة وفي لحظة أخرى ، خسر كل شي مركزه ومستقبله وعروسه وعالمه الذي كان يألفه وحتى اسمه ومعتقده الديني فأصبح سعد المبروك ! فهل كان مبروكا !!

ليست هناك تعليقات: