الجمعة، 30 يناير 2009

غزة والجزيرة


17/01/2009


كتب نورة آل سعد :
... وعادت الجزيرة الى واجهة الاعلام العربي بسبب تغطيتها الحية والمتفوقة لمحرقة غزة المحاصرة. لم يزل البعض منا في قطر يشعر باننا لم نقم باستغلال الجزيرة بما يكافىء ما ينفق عليها من جهة، وما نعانيه من صداع جراءها من جهة اخرى، حتى بثت الجزيرة خطابا مؤثرا لسمو امير قطر وجهه الى العرب والعالم. وفي مساء الاحد الماضي استضافت الجزيرة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وخرجت جريدة «الراية» في اليوم التالي بنص الحوار كاملا (تقريبا) فضلا عن تغطية لندوة نظمت من قبل ناد رياضي حول خطاب امير قطر.أما رئيس الوزراء فقد بسط عجز العرب، وكشف عن خلافاتهم والشروخ العميقة بين الحكومات العربية فيما يشبه دفاعا مبطنا عن قطر، وهجوما غير مباشر على الدول العربية الاخرى. وبالرغم من ان الحوار ركز على الدعوة الى اجتماع وزاري عربي فقد تجددت بعد يومين من الحوار الدعوة الى قمة عربية بالدوحة بعد مضي اكثر من اسبوعين على الفشل الاسرائيلي في تحقيق اهداف حملته العسكرية بآلياته المتطورة لمنطقة محاصرة ومعزولة، فلم يفلح العدو الصهيوني في اقتلاع حماس، ولا حتى ايقاف صواريخ «غراد» التي بلغت مدى ابعد بعد التوغل البري. وترسخ تغطية الجزيرة حقيقة ماثلة وهي ان الانتصار في بقاء المقاومة التي لم تعد تمثلها سوى حماس السنية، بقطع النظر عن تحالفات حماس وارتباطاتها التي تجعل الكثيرين يضربون اخماسا في اسداس خالطين ما بين ما هو مرحلي بما هو استراتيجي. وقد ألقى أمير خطابا آخر في فجر يوم الخميس الماضي عبر الجزيرة بعيد دعوة مفاجئة للسعودية لقمة خليجية في اليوم ذاته وقال فيها سموه انه بإمكان قمة الدوحة - المستهدفة بالافشال - اتخاذ خطوات مهمة بينها تجميد مبادرة السلام العربية والدعوة لوقف التطبيع مع إسرائيل وفتح جميع المحاور فوراً وإنشاء صندوق لإعادة إعمار غرة كما أعلن عن تبرع قطر بمبلغ 250 مليون دولار.وكان الكاتب محمد القحطاني قد طلب اغلاق مكتب التمثيل التجاري الاسرائيلي في قطر، مستندا الى ان كل اهل قطر وليس اغلبهم فقط مع اغلاقه، ووقف التطبيع المجاني. ولكن اذا لم يستشر القطريون في فتح المكتب المذكور فهل يكون لهم رأي في اغلاقه؟ وقد وجه د.عبد الرحمن بن عمير النعيمي مناشدة الى سمو امير قطر باغلاق المكتب الاسرائيلي، وذلك عبر رسالة في منتداه (المنبر القطري). وعلى الرغم من ان سمو أمير قطر قد شدد في خطابه الاول على ان من شأن عدم إيقاف العدوان على غزة أن يؤثر على علاقة قطر باسرائيل، فإن رئيس الوزراء القطري ربط اغلاق المكتب التجاري الاسرائيلي بقرار جماعي عربي، في حين انه من المعلوم ان إقدام قطر على فتح المكتب قد تم بقرار منفرد كما ان رئيس الوزراء ذاته قد اكد آنفا بأن العرب غير مستعدين لإتخاذ اي موقف موحد فيما يخص معضلاتهم الرئيسية. والغريب ان صحيفة ايطالية قد استقرأت في خطاب امير قطر تلويحا باغلاق وشيك للمكتب التجاري، بينما لم يشر الى ذلك الامر احد من الذين شاركوا في ندوة محلية تناولت الخطاب نفسه!!ونعى د.يوسف الحر على القناة الانكليزية لشبكة الجزيرة فقدانها للبوصلة في تغطيتها لمحرقة غزة، وتساءل «هل جاء إطلاق الإنكليزية بعد نجاح القناة العربية بهدف استكمال اعداد الفضائيات المسيسة في الاعلام الغربي على شاكلة الـ CNN والـ FOX وغيرهما؟». في حين لفت احد الزملاء نظري الى الحالة «اللامعيارية» الطاغية التي تصطبغ بها الاوضاع والخطابات السياسية، فهناك فراغ كبير لن تملأه زئبقية الموقف العربي واستغراقه في «السمسرات» والمزايدات المتبادلة! يقلقني تصريح العاهل الاردني للجزيرة منذ اكثر من اسبوع بان ما يزعجه هو ما بعد غزة! لقد احسست في مناسبات واحداث لا تحصى بان التاريخ لا يتحرك! اما وقد ترددت في الافق ملامح انهيارات وانكشافات جديدة، فانني لا ادري الى اين نقاد؟ وهل ذلك هو التحرك الذي يستبطن تغييرا منتظرا للعالم بعد غزة؟

ليست هناك تعليقات: