السبت، 7 نوفمبر 2009

هل أفشي سرا ؟

07/11/2009
كتب نورة آل سعد


لعلي لا أفشي سرا حين أخبركم بأن الرواية القطرية قادمة!

فهناك أربع كاتبات قطريات تعكف كل واحدة منهن على كتابة روايتها أو تنقيحها، وهناك رواية خامسة لرجل من خارج الوسط الأدبي، فضلا عن الأشخاص الذين لم يبلغني منهم او عنهم العزم على كتابة رواية.
لقد ظهرت الرواية في قطر منذ عام 1993 على يد الاختين دلال وشعاع خليفة وأسهم د. أحمد عبدالملك بثلاث روايات كان آخرها رواية «فازع» التي افرج عنها توا بعد احتجاز دام اكثر من شهرين في عهدة وزارة الثقافة القطرية. هل يعد ذلك الفيض المرتقب من الروايات في قطر كتابة ارتجاعية تعكس حنينا إلى الماضي؟ لا جرم ان الرواية تولد من رحم التحولات الاجتماعية المؤلمة والعصية على العرض الصحفي المباشر المبتذل. انها معاناة تعكس سير اشخاص وتاريخ مجتمع، غير انها تتبدى بالذات في استكشاف الحياة الداخلية في دهاليزها المعتمة والمتسترة.
ازعم بان شكل الرواية الجديدة سيخضع غالبا لتجسدات تنسجم مع تلك التوجهات النفسية، وتتكيف مع المناخ المكبل والوتيرة البطيئة للتغير الاجتماعي والسياسي في قطر. انه مناخ مشحون بمفارقات مستمرة تتحدى قدرة الفرد وصبر المجموع، لانها تخترق الأمن النفسي والمشاعر الدفينة التي تنشد المعنى والامان والمعقولية والتي باتت تدريجيا تفقد ثقتها في الحاضر وتخشى المستقبل على مكتسباتها وتطلعاتها وحتى على وجودها.
سوف يلوذ الافراد- عبر رواياتهم- بالماضي محاولين ان يقفوا على أرضيته المستقرة للنظر إلى ما تسارع من احداث ومستجدات لا يملكون لها تفسيرا ولا تحويلا. وأتكهن بان تبذل معظم الروايات القطرية القادمة محاولات دائبة لاستعادة العالم القديم مجددا! وستعمل على لأم انكساراته واعادة بنائه من بقايا اجزاء الواقع المتهشم، وأرجح بان عددا
من اولئك الكتاب سيحاولون تقديم اطروحات متفاوتة المستوى في مشاريع متشابهة تنحو طرح الاسئلة وحسب! ان
الروايات التي نتوقع صدورها في قطر ستكون حول ثيمات تصب مهما اختلفت تنوعا في رغبة الانسان في فهم موقعه، وايجاد دوره في مواجهة المطلق (من اقدار ومجتمع وقوانين وسلطة بلا حدود) نامل الا تتوقف كل الروايات القادمة عند عتبة طرح الاسئلة، بل نطمح ان يتجاوز بعضها مرحلة تسجيل الموقف الاخلاقي إلى بناء التصور الكلي المختار للعالم.

قد تتعدد الثيمات ولكنها سوف تتقاطع في ثيمة مشتركة، وهي التشبث بالتاريخ (تاريخ الإنسان والمجتمع) وتفسير وقائعه وطرح وجهات نظر قابلة للدحض وقادرة على التشكيك بعضها ببعض. لن تهتم الرواية القادمة كثيرا بالوضوح المعماري، ولن تولي اهمية قصوى لتلبية شروط الانجاز الفني عموما، وسوف يؤثر ذلك في شكل الرواية في قطر ونكهتها، فلن تكون تجريبية ومغامرة بل اقرب إلى الانعكاسية والتقليدية، ولكن يمكننا التعويل على انها ستكون في مجملها كالفسيفساء المتكاملة في لوحة واحدة تعيد صياغة آمال القطريين ومخاوفهم الجمعية.

تنطوي الرواية ذاتها على امكانات هائلة وبمقدورها استثمار المعارف والانفتاح على الحقول الاخرى واستغلالها، اذ ان الرواية هي التحول في الذاكرة الشخصية إلى ذاكرة المجتمع، وروح الرواية هي اللاتصالح مع الواقع والتعقيد واللغة النسبية، فالرواية ضد المباشرة والاطلاق والمنطق البسيط والتحليل السطحي للاحداث، فهل ستكشف الرواية في قطر عن الموقف الاساسي للشخصية القطرية؟وهل ستكون رواية الإمكان والتقدم ام رواية السلبية والماضوية؟ واذا كانت اغلب المرشحات من النساء، فهل ستكون الرواية نسوية بالضرورة ام بالعصرنة؟

لم يعد ثمة مخرج الا.. الرواية! ولكن اخشى ما اخشاه ان تحمل وعيا فقيرا عن واقعها وألا تمثل تعددية واعية ومعجونة بالمغامرة الفنية! ان الرواية القطرية اليوم على اعتاب المناجزة الحرة لاشكاليات اجتماعية ورقابية.. وابداعية ايضا.

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=547813&date=07112009

ليست هناك تعليقات: