السبت، 26 ديسمبر 2009

ثقافة الخوف


26/12/2009
كتب نورة آل سعد :

كتب الإعلامي علي الظفيري قبل مدة مقالا في «العرب» القطرية عنوانه «إنه طرف الخيط» ربما لو تأخر الظفيري قليلا لم يكن مقاله لينشر اليوم !
ترى هل استشعر كل من رئيسي تحرير صحيفتي «العرب» و«الراية» بأنهما مغادران فتبحبحا قليلا في أواخر عهديهما، أم قد تراءى لهما ضوء أخضر فكان سرابا؟ لقد خلفهما رئيسا تحرير بالبدلة الرسمية الفوسفورية، وبدأ الاثنان عهدهما بالمنع!
يسأل الظفيري في مقاله: أين الخلل في الصحافة والإعلام القطري في حين ان الاعلاميين الرسميين لا يعترفون بوجود اي خلل بل يسبحون بحمد الحرية المسؤولة ويحمدون؟ تساءل الكثيرون: لماذا كان هامش الجزيرة من الحرية الاعلامية لا يساويه ما هو ممنوح للاعلام الرسمي، وعجبوا ان كل شيء في الدوحة يشي - كما يقولون - بإن القيادة تفسح وتمنح ولا تصد وتمنع!
ربما تكمن المشكلة في ثقافة الخوف !
عندما تجري لقاء صحفيا مع احدهم يفترض أن ثمة حدودا في النشر تمنعك من أن تضر به، فإذا نشرت حواره كما هو في صحيفة الكترونية ازبد وارغى! وبطبيعة الحال فإن البعض يحتاط لنفسه فإذا أطفأت المسجل انطلق لسانه الذي كان معقودا.
قال لي احد الصحافيين الوافدين: عندما نطقت برأيي صريحا في مجلس جمعنا برئيس هيئة طأطأ زملائي وكأن على رؤوسهم الطير لانني قلت له ان الخطوة المزمع عليها لن يكتب لها النجاح لاسباب ذكرتها لم توجه الي تلك الشخصية تحفظا ولا ابدت انزعاجا ولكن زملائي «استلموني» بعدها.
لقد سألت كاتبا قطريا انقطع عن الكتابة: اين انت؟ فأجاب أن ما يكتبه ينقل مفسرا ومؤولا بصورة ملتوية، وقد ناشده اهله الاقربون الا يضر بمصالحهم ومناصبهم الحكومية! ترى هل استهدفوا، ام خيل اليهم بسبب ما يتردد في داخلهم من خوف وما يحيطهم من ضغوط؟
تنمو في دواخلنا - مع الوقت - رقابة ذاتية أعتى واشد الجاما من أي وسيلة خارجية، اعرف أشخاصا لم يضاموا ولم يمنعوا بأمر رسمي من الكتابة وكل ما هنالك انهم استشعروا الريبة والتوجس واستشفوه من افواه من حولهم فتراجعوا اختيارا وامتنعوا عن الظهور والنشاط العام وغنموا لقب أبطال او مساكين سيان! بيد انهم في حقيقة الامر لم يتح لهم اختبار فعلي للمدى الذي يمكن ان تصل اليه بطولتهم او يبلغه غضب السلطة، لقد اكتفوا بأن يجتروا مواقف منقوصة وراوحوا في اماكنهم بل انهم جبنوا ان يواصلوا، ولو استمعت الى احدهم لوجدته اكثر الناس رجعية او انتهازية!
لا يتطلب الامر في مملكة الخوف زوارا للفجر! بل تغني بضع اشاعات وتصرفات مبهمة لكي يدور المرء حول نفسه ويتخاذل، بينما يستدعى الصحافيون والكتاب ويستجوبون حينا ويقفون أمام المحاكم حينا آخر في كل بقاع العالم، ولكن ذلك الامر يضخم في مجتمعنا القطري ويعد سبة ولطخة في تاريخ وطنيتك وولائك وتصبح منبوذا.
قد عرفت اناسا اعلنوا مواقف وثبتوا عليها ولم يخسروا سوى فرصا نالها الجبناء والانتهازيون ،اولئك الذين قايضوا كرامتهم مقابل السكوت فنالوا الحظوة والتعيين. فهل بعد ذلك يتساءل البعض: لماذا تتقدم القيادة وعيا ورؤية ويتخلف المجتمع في خطواته؟

هناك تعليق واحد:

temsa7 يقول...

يعطيج العافية اول شي على حرقة في القلب نتجت عن الاحتكاك في المجال الصحفي القطري اللي يهمش كل ماهو واقع ملموس ويمجد ويبجل كل ما هو نفاق و كذب وحشو ... بس ما دام الانترنت موجود انشالله ستصل كلمة الحق الى جيل اكثر وعي وله قابلية اكبر على احداث التغيير ورفض ما يملى عليه من تلفيقات


يعطيج العافية
اتابعج دايما