الأحد، 28 يونيو 2009

مصير مركز الدوحة


نورة آل سعد

تحدد أخيرا مصير روبير مينار !
فقد استقال المدير العام لمركز الدوحة لحرية الاعلام من منصبه ورحل عن المركز بمعية فريق عمله ونشر خبر استقالته يوم الثلاثاء الماضي على الموقع الالكتروني للمركز ، وذكر فيها الاتي :

" وقف روبير مينار على كل العوائق التي اعترضت سير عمل المركز محددا المسؤولين عن اقامتها ولاسيما رئيس مجلس ادارة المركز الشيخ حمد بن ثامر ال ثاني ..(الذي ) منع معاونين لمركز الدوحة مؤقتا من مغادرة البلاد.. ورفض الشيخ حمد بن ثامر ال ثاني توقيع مستندات ادارية تسمح باستضافة صحافيين مهددين في بلدانهم .. حاول ..فرض نظام داخلي جديد ينتهك النظام التاسيسي للمركز بهدف السيطرة على سير عمله "
فضلا عن تأخير تسديد قيمة موازنة المركز والتي كانت مرتقبة منذ الاول من ابريل الماضي .
بالرغم من أن رئيس مجلس ادارة المركز الشيخ حمد بن ثامر ال ثاني قد حضر منذ أكثر من عشرة أيام لقاء مع لجنة الشؤون الثقافية والإعلام في مجلس الشورى القطري (الاستشاري المعين) لمناقشة اقتراح تقدم به أحد الاعضاء " بشأن المطالبة بإعفاء روبير مينار، من منصبه (بتهمة) الإساءة للبلد ومقوماته الاجتماعية، والتدخل في الشؤون السيادية لدولة قطر" اقول بالرغم من ذلك فإن سعادته قد اكد في افتتاح الاحتفالية العالمية لحرية الصحافة التي نظمها مركز الدوحة بالتعاون مع منظمة اليونسكو في مطلع مايو الماضي بأن " قطر .. تصر على الاستمرار في هذا المشروع الطموح" ويعنى به مركز الدوحة لحرية الاعلام.
ان السؤال الأهم الان هو:
من سوف يخلف مينار في ادارة المركز ؟
وبذلك ستتحدد اجابات الاسئلة اللاحقة : هل سيستمر المركز ؟ وكيف سيدار ؟وهل سيكون مستقلا ؟ وما الصلاحيات التي سيتمتع بها ؟ وما منطلقاته ومهامه في نظامه التأسيسي القادم ؟ لقد بدأ المركز أعماله بموجب مرسوم أميري صدر في سبتمبرعام 2007 ووقعت كل من مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع و منظمة "مراسلون بلا حدود" على بروتوكول تعاون بينهما اعقبه انطلاق المركز في اكتوبر من عام 2008 تحت ادارة مينار متعهدا بتوفير ملجأ للصحافيين المضطهدين في بلدانهم باستضافتهم لعدة شهور في الدوحة .
جدير بالذكر أن (مراسلون بلا حدود) اصدرت بيانا متزامنا مع استقالة مينار عبرت فيه عن استنكارها " لموقف السلطات القطرية التي لم تكن على قدر الرهان المطروح مانعة المركز من اكتساب الاستقلالية". وانسحبت مما اسمته (المغامرة) التي بلغت حدها! فهل يجدر بنا ان نترقب الدعوة العاجلة الى اجتماع لمجلس ادارة مركز الدوحة الذي يضم عددا من الشخصيات العالمية المرموقة ومن بينهم الناشر الكويتي الاستاذ جاسم مرزوق ؟ لقد أشير في خبر استقالة مينار الى أن : " بعض المسؤولين القطريين لم يرغبوا يوما في مركز مستقل وحر في التعبير بغض النظر عن اي اعتبار سياسي او دبلوماسي ، وانتقاد حتى دولة قطر نفسها ! فأين مصداقيتنا ما لم نكشف مشاكل الدولة المضيفة ؟ " و كان الشيخ حمد بن ثامر قد صرح لجريدة العرب في مايو الماضي في معرض رده على سؤال حول إحجام الصحافة القطرية عن استغلال (هامش) الحرية المتاح لها وفق رغبة السلطات القطرية بان تلك المسألة -في رأيه- تعد " قضية ثقافة معينة تسود في أذهان (البعض)، مشيراً إلى أن هذه المشكلة ستزول بمرور الوقت، ولن تبقى دوماً." وأعلن رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام بأن " جمعية الصحفيين القطريين ستُرى في القريب العاجل.. مضيفاً أن مشروع قانون الإعلام الجديد بدوره سيتم الإعلان عنه في القريب العاجل". ما الضمانات القائمة لمثل تلك الوعود في ظل (شلل) مركز الدوحة لحرية الاعلام ؟؟

الجمعة، 12 يونيو 2009

اشربي والا العصا !

كتب نورة آل سعد :

بينما كنا نطرح ضرورة اصدار قانون عصري لتنظيم الاعلام في قطر، يواكب المتغيرات ويلبي التطلعات، بوغتنا بهجوم غير مبرر من مجلس الشورى القطري (الاستشاري المعين)، حيث انتقد بشراسة -يوم الاثنين الماضي- من وصفهم «ببعض الأقلام الصحفية المأجورة والقنوات التي استغلت حرية التعبير لتتعدى الخطوط الحمراء، وأساءت الى دولة قطر ومؤسساتها وقيمها الاجتماعية»، وبالرغم من ان مجلس الشورى نفسه قد اجاز بالاجماع عام 2002 مشروع قانون مطبوعات (لم يصدر لسبب ما) نص على عقوبات بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر وغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال، فإن احد اعضاء مجلس الشورى يطالب عام 2009 برفع عقوبة الحبس من 6 أشهر إلى سنة، وزيادة الغرامة من 3 آلاف إلى 300 ألف ريال، فما دواعي ذلك التصعيد؟ وهل تلك العقوبات مرشحة للزيادة وقابلة للرفع بمرور الوقت، وبحسب شدة استياء الاعضاء ودرجة اهتياجهم على (بعض) الاقلام ! واي الاقلام تلك التي تطاولت على قطر او اساءت الى رموزها من «اعلاميين ينتسبون الى قطر؟»، ولماذا دعيت بالمأجورة؟ فمن يمولها ولماذا لا تعاقب بحسب قانون المطبوعات لعام 1979؟ من المفارقة الجميلة انه في اليوم ذاته الذي نشرت فيه ثلاث صحف تغطية لجلسة مجلس الشورى بما لوحت به من تهديدات نُشرت ثلاث مقالات -في «الشرق» - تدور حول حرية الاعلام والمطالبة بالضمانات اللازمة. وانتقدت احداها اداء مجلس الشورى ذاته! ما مبررات ذلك الاقتراح برغبة الذي تقدم به 24 عضوا من اعيان البلد ممن تحفظ لهم مكانتهم الاجتماعية والعمرية؟ كل ما نعلمه ان احد الاعضاء طلب دعوة الشيخ حمد بن ثامر للاستفهام منه عن بعض الامور، لعل احدها زيارة فلمنغ روس لقطر الا انه لم يستجب لطلبه. وقد عاتب العضو المجلس على ذلك. احسب ان اعضاء مجلس الشورى يحتاجون الى مزيد من ضبط النفس وضبط المصطلحات والاطلاع على بعض النواحي القانونية، اذ ان الاقتراح برغبة الذي قُدم لا يعدو ان يكون مشورة «باطلة» لانه يحمل مخالفة صريحة للدستور الذي يدعي التمسح به. لماذا لم يفتح مجلس الشورى ملف مركز الدوحة لحرية الاعلام مباشرة، بدلا من اللف والدوران؟ ولماذا لم يتحرك الاعضاء يوما للمطالبة بضمانات اكبر للحريات، بدلا من انتقاد ما تحقق منها من هامش بفضل جهود سواهم من نشطاء الانترنت؟ وبأي وجه حق يستعدي مجلس استشاري حكومة البلاد على شعبها من مواطنين واعلاميين، مطالبا بتشديد وتطبيق عقوبات قانون المطبوعات وقانون الجنسية؟ ألا ينطبق امر تلك العقوبات على اعضاء المجلس انفسهم؟ لولا تعطيل ثلث الدستور لما استمر (وجود) مجلس الشورى ذاته الذي يتحجج بالدستور لينقض الحريات المنصوص عليها في الدستور نفسه. لقد تواترت منذ فترة انتقادات متواصلة لاداء مجلس الشورى المعين، ورماه المواطنون (وليس الاعلاميون ) بالتقاعس والتواني. وسوف تستمر القذائف ما استمر الحال «المايل»، فهل يرغب مجلس الشورى الحالي في التمهيد والتوطئة لقرارات مقبلة تتعلق بتشديد الرقابة على الانترنت والفضائيات بعد ان احكم اللجام على الصحافة ووسائل الاعلام؟ وهل تعتبر الجزيرة مشمولة بالاجراءات المفترضة ام ان المعني الرئيسي من الامر هو المنتديات القطرية وماذا يناقش فيها اصلا؟ ام انها مناورة استباقية للاطباق عليها وخنقها؟ ان اخطر ما في الامر هو استعداء اعضاء المجلس الحكومة على الشعب بالتلويح بسحب الجنسية ممن اغترفوا من خيرات وطنهم! والعجيب ان يزعم بأن التطاول والاساءة لقطر وليس انتقادا لاوضاع عامة يسأل عنها ويحاسب عليها مسؤولون في الحكومة ذاتها!! من اعطى اولئك الصامتين دهرا، الضوء الأخضر لطرح مقترح لكبح حراك وليد جاءت به ظروف الانفجار الاتصالي وانفتاح الدولة ومتطلبات الوفاء بالتزامات التوقيع على اتفاقيات دولية؟ اننا نترقب رد فعل مناسب من مركز الدوحة لحرية الاعلام بوصفه معنيا بالدفاع عن الحريات في كل مكان.. حتى في قطر!


http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=508585&date=13062009

الجمعة، 5 يونيو 2009

استحقاقات مؤجلة


06/06/2009


كتب نورة آل سعد

نأمل أن يرى الملتقى الاول للصحافيين والاعلاميين النور قبل نهاية هذا الشهر لعل انعقاده يقطع الشك باليقين في جدية التوجه نحو اصدار قانون لتنظيم الاعلام.
لا شك ان ذلك القانون يعد احد استحقاقات المرحلة التي باتت تستنجز المقايضة المحتومة! فبعد سحب البساط الرعائي للدولة لا بد من توفير غطاء معقول ــ بالمقابل ــ من الحقوق المدنية والسياسية مصداقا للخطاب الرنان الذي يقرع اسماع الناس في المؤتمرات الدولية.
كنت اتمنى لو استطعت القول بأن الملتقى المرتقب يأتي استجابة لمطالبة من اعلاميين قطريين، ولكنني سأكون واقعية واتوجه بالشكر الى مركز الدوحة لحرية الاعلام لتنظيم الملتقى آملة ان يكون بداية التصالح والتوفيق بين مهام المركز ومصداقيته في الخارج والداخل. يسوؤني حقا ان تنبعث ــ بين الفينة والاخرى ــ اشاعة حول اغلاق مركز الدوحة، وكأن اولئك المغرضين لا يرون بأن قطر قد افتتحت للتو مركزا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الدوحة، واحتضنت المنتدى العالمي للقانون الذي اعلن عن افتتاح أول محكمة دولية مدنية وتجارية في قطر.
سيناقش الملتقى المنتظر مسودة هزيلة لا ترقى الى ان تكون مشروعا فعليا لقانون حول وسائل الاعلام، وقد قام باعدادها بعض المنتسبين الى الاعلام الرسمي، بيد أن أهمية الملتقى تأتي من حشده لجمع من الاعلاميين وطرحه العلني لملف مغيّب منذ سنين.
واذا عدنا الى الوراء فاننا سوف نستذكر مشروعا اكثر اكتمالا يدعى مشروع قانون المطبوعات والنشر الجديد، وقد تمت اجازته من مجلس الشورى القطري بالاجماع في الرابع من مارس عام 2002 بعد مداولات استغرقت اكثر من عامين ولكنه لم يصدر.
يتطابق كلا القانونين (الجديد الذي لم يصدر والقديم الذي لم يجدد منذ عام 1979) حيث ان كليهما يستغرقان في الاعتناء بالقواعد الاجرائية ويتناظران تماما في التعريفات والاشتراطات وفي تقرير العقوبات بالسجن والغرامة، وكلا القانونين عاجز عن تحديد معايير واضحة ويغفل امر تنظيم القنوات الفضائية ولا يشترط في مالك المطبوعة الصحفية الا ان يكون قطريا راشدا عاقلا حسن السير والسلوك، كما انهما لا يعتنيان بان يكون ذا صلة بالاعلام من قريب او بعيد، وليست هناك اشتراطات لمنصب رئيس التحرير القطري، الامر الذي مكن السلطات دائما من اقحام عناصرها من اي مستوى كانوا ومن اي مجال!
كما دأبت المؤسسات الصحفية على توظيف صحافيين ومراسلين ليسوا دارسين ولا ممارسين للصحافة وغير مقيدين في اي نقابة في بلدانهم، وذلك في مخالفة صريحة للقانون، بل انهم قد يزاولون مهنا كالرعي أو الخدمة في المطاعم. اذا كان القانون الحالي «مركونا» بسبب تخلفه ورجعيته، فان ابتداع قانون مناظر له في الخصائص لم يكن مجديا!!
وقد صبت وجهة نظر رؤساء تحرير الصحف المحلية (الثلاث انذاك) في التأكيد على ان ذلك المشروع لم يكن يشكل اي تقدم يذكر على القانون الحالي لعام 1979 فلا توجد فيه اية ضمانات تحمي الصحافي وتضمن حقه في الوصول إلى المعلومات بينما تفصل مواده في تشديد العقوبات. اما رد الشيخ حمد بن ثامر عليهم باعتباره رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حول المشروع في عام 2000 فقد كان كالتالي: «ان قانون المطبوعات والنشر رقم «8» لسنة 1979 نادرا ما كان يتم تطبيقه على صحيفة، وان المقصد الأساسي هو أن يكون القانون بمنزلة صمام أمان للصحف. أما العقوبات الواردة في مشروع القانون ومن بينها الحبس فهي منصوص عليها في كل قوانين المنطقة»
وكأنما المقصود هو تعليق تلك العقوبات كالمقصلة فوق الرؤوس على سبيل التخويف لكيلا يقدم رئيس تحرير على نشر ما يمكن ان يدعو الى تطبيقها عليه بحسب تفسير الجهة المخولة بالاشراف او التنفيذ. وقد ذكر بان القانون الحالي لم يطبق سوى في حالتين فقط ! لعل احداها ايقاف الشرق لثلاثة شهور على اثر اصدارها عددا مسائيا بغير ترخيص، نشر فيه خبر احتلال الكويت في عام 1990.