الجمعة، 16 أكتوبر 2009

حرث البحر


17/10/2009


كتب نورة آل سعد :

لقد صودر حق المجتمعات في المشاركة في الرأي والشورى (صنع القرار) واستلبت حقوقها (في المواطنة والرقابة والمحاسبة) وتم تهميش دور الشعوب حتى اصبح المسلم في أمس الحاجة الى علاجه من القابلية للاستعباد لغير الله!
من تخدم الجماعات الاسلامية؟ وكيف ستتحول الى احزاب سياسية؟ وهل القضية المطروحة هي انتزاع سند مشروعية فكرية او قانونية وإسباغه على هياكل غير تنظيمية وغير سياسية اصلا؟ ينبغي الكشف عن مدى خطورة الازمة الداخلية لفكر الجماعات الاسلامية ونظرتها الى الحياة السياسية وممارساتها والاعتراف بانه ليس هناك اشد شراسة على الدين من اصحاب المعاول الدينية انفسهم، اولئك الذين ينعزلون باطراد عن واقع الناس ومعاناتهم وقضاياهم.
ان اكثر الجماعات الاسلامية في الخليج تغض الطرف عن ممارسات الانظمة، ولا تبدي اهتماما يذكر بالحقوق والحريات العامة، بل تسعى عمليا الى خنقها بمنظورها التقليدي المتحجر! يُستفز الاسلاميون بيسر للاحتجاج على حفل لنانسي عجرم ولا يهتزون ضد انتهاكات عظيمة بحق هدر المال العام وغياب استراتيجيات الأمن القومي والصناعي والتعليم وقضايا العدالة الاجتماعية، وكأن تلك الامور لا تدخل في صلب الشريعة ولبها!
لقد حُرم -بناء على التأويل- الخروج على تلك الانظمة المستبدة وسميت احيانا حكومات اسلامية، برغم اقصائها للشريعة تطبيقا وعدلا وتحويلها علماء الدين الى سدنة في مؤسساتها الرسمية. أمست تلك الجماعات الاسلامية في اكثرها تتعايش مع استبداد تلك الانظمة وتخدمها وتسهم في شرعنة ممارساتها بأسانيد مؤولة من دون ان تكون لتلك الجماعات أهداف أبعد وأكثر استراتيجية من مرحلة التهادن والتصالح الآنية! لست ادري أي احزاب سياسية تنوي تلك الجماعات اقامتها وأي اجندة اصلاحية ستفضي اليها بذلك الخطاب السياسي الانتهازي المتناقض؟
لطالما كان السبيل الى تحقيق المشروع الاصلاحي، السبيل الدستوري السلمي باقامة احزاب سياسية وفكرية تبلغ البرلمان عن طريق الانتخاب الحر المباشر، فيقوم الحزب المنتخب بانشاء حكومته -كما ينبغي ان تقضي بذلك الدساتير الشرعية التي يتوافق عليها الشعب ويقرها- وتتحول حينئذ بقية الاحزاب الى معارضة تتعهد الحزب المتقلد للحكومة بالتصحيح والمراقبة وتتعاون معه وفق التحالفات والصفقات السياسية المسموح بها في الحياة الديموقراطية، ووفق موازين القوى والتكتلات في كل بلد، في ظل ضمانات محصنة وليست مكبلة للحريات العامة.
ليس كل ما سبق الا سجالا نظريا لقضايا حيوية، غير انها تعد -في مجملها- بناء فوقيا في مجتمع لا يمكن استيلاد آلياته ومؤسساته المدنية المستقلة فعليا، دونما وجود حقيقي للبناء الانتاجي التحتي الاساسي.

هناك تعليقان (2):

محمد الهاجري يقول...

من تخدم الجماعات الاسلامية؟ وكيف ستتحول الى احزاب سياسية؟ وهل القضية المطروحة هي انتزاع سند مشروعية فكرية او قانونية وإسباغه على هياكل غير تنظيمية وغير سياسية اصلا؟ ينبغي الكشف عن مدى خطورة الازمة الداخلية لفكر الجماعات الاسلامية ونظرتها الى الحياة السياسية وممارساتها والاعتراف بانه ليس هناك اشد شراسة على الدين من اصحاب المعاول الدينية انفسهم، اولئك الذين ينعزلون باطراد عن واقع الناس ومعاناتهم وقضاياهم.
ان اكثر الجماعات الاسلامية في الخليج تغض الطرف عن ممارسات الانظمة، ولا تبدي اهتماما يذكر بالحقوق والحريات العامة، بل تسعى عمليا الى خنقها بمنظورها التقليدي المتحجر! يُستفز الاسلاميون بيسر للاحتجاج على حفل لنانسي عجرم ولا يهتزون ضد انتهاكات عظيمة بحق هدر المال العام وغياب استراتيجيات الأمن القومي والصناعي والتعليم وقضايا العدالة الاجتماعية، وكأن تلك الامور لا تدخل في صلب الشريعة ولبها!

من اروع ماقريت في وصف حالهم . و الفقرة التالية في المقال تفضح الضرر الاجتماعي و الحضاري من هؤلاء الانتهازيين رغم حسن النية , لكن للأسف مصحوبة بفهم سطحي و مشوة للدين , و هم في حاجة الي من ياخذ بيدهم .

لقد حُرم -بناء على التأويل- الخروج على تلك الانظمة المستبدة وسميت احيانا حكومات اسلامية، برغم اقصائها للشريعة تطبيقا وعدلا وتحويلها علماء الدين الى سدنة في مؤسساتها الرسمية. أمست تلك الجماعات الاسلامية في اكثرها تتعايش مع استبداد تلك الانظمة وتخدمها وتسهم في شرعنة ممارساتها بأسانيد مؤولة من دون ان تكون لتلك الجماعات أهداف أبعد وأكثر استراتيجية من مرحلة التهادن والتصالح الآنية! لست ادري أي احزاب سياسية تنوي تلك الجماعات اقامتها وأي اجندة اصلاحية ستفضي اليها بذلك الخطاب السياسي الانتهازي المتناقض؟

ياريت تشرحين بتفصيل أكثر الفقرة التالية , لاني مافهمتها .

ليس كل ما سبق الا سجالا نظريا لقضايا حيوية، غير انها تعد -في مجملها- بناء فوقيا في مجتمع لا يمكن استيلاد آلياته ومؤسساته المدنية المستقلة فعليا، دونما وجود حقيقي للبناء الانتاجي التحتي الاساسي.

مقال رائع و قوة في الطرح و وضوح في الرؤية , يعطيك العافية و مزيد من التألق .

قطرية بنت الفجاءة يقول...

شاكرة لك متابعتك واهتمامك.
ما اشرت اليه وهي فقرة (ليس كل ما سبق الا سجالا نظريا لقضايا حيوية، غير انها تعد -في مجملها- بناء فوقيا في مجتمع لا يمكن استيلاد آلياته ومؤسساته المدنية المستقلة فعليا، دونما وجود حقيقي للبناء الانتاجي التحتي الاساسي.)

لا اجد في الحقيقة افضل من ايراد فقرة جميلة اظنها للاستاذ الباحث القطري عبد العزيز الخاطر يقول:


تبقى الاشاره الا ان التحديث عمليه مقصوده ومخطط لها
اما الحداثه فهو اشبه بمخاض تدفع به حركةالمجتمع وما يمر به من ظروف ودرجة الوعى المرتبطه بذلك
التحديث يغلب عليه صفة الماديه بينما الحداثه عمقها وجوهرها فكرى
ففى عالمنا العربى هناك تحديث تختلف درجة التخطيط له من بلد الى اخر بينما ليست هناك حداثه بالمعنى المتعارف عليه للكلمه على جميع الاصعده فلاقتصاد يبدو راسماليا وفى الاساس عباره عن ريع والحزب عباره عن القبيله او الطائفه والبرلمانات الممثله للشعوب صور والمعارضه مصنعه وليست حقيقه . ايضا يمكن الحديث عنها بمنظور مختلف لانها اعتقد عباره عن موازييك له ابعاد متعدده.