الجمعة، 9 أكتوبر 2009

اسلاميون في قطر


09/10/2009


كتب نورة آل سعد :

أميل الى الاعتقاد بأنه لا توجد في قطر تجمعات أو تكتلات واضحة المعالم، وحتى لو كانت هناك تجمعات من أي نوع فهي غير ممكّنة من أي منابر او قنوات لايصال وجهات نظرها حول ما يدور حولها. هل يعد الاسلاميون اذاً- بوصفهم افرادا- خطرا ماثلا في الافق في حال اقامة مجلس شورى منتخب في قطر؟ لا شك أن تصريحا نشر منذ مدة للشيخ خالد بن جبر آل ثاني نائب رئيس اللجنة الدائمة للانتخابات، قد عكس ظلالا من الشك والتخوف ممن يتوقع منهم «تخريب» ما تبنيه الحكومة منذ سنوات، وان لم يعينهم خالد بن جبر او يسمهم.
قد يكون أي مرشح بصبغة اسلامية قمينا بالفوز في الانتخابات المرتقبة، ولكنه لن يدخلها حتما الا بصفته القبلية لانه غير محسوب على اي جماعة اسلامية قائمة. جدير بالذكر ان القبلية تتضافر بقوة مع العامل الديني وتلتحف بالتاريخ الوطني للقبائل القطرية.
لقد استضافت قناة الحوار منذ فترة قطبين اسلاميين في قطر، هما الباحث د جاسم سلطان والناشط د. عبدالرحمن عمير، وتستوعب المساحة المرنة بين كل من د. سلطان الباحث المستنير ود. ابن عمير الناشط المحافظ، طيفا واسعا في المجتمع القطري، لكنني لا استطيع ان أحدد الاتجاهات وحجمها من دون وسائل للاستطلاع، لا سيما في ظل غياب قنوات منتظمة وعلنية للتعبير! لا يسعني الا اللجوء الى بعض المقالات والمنتديات، ففيها بعض النشاط المحدود الذي قد يستقطب اهتمام الدوائر البحثية، وكذلك الامنية لمراقبته عن كثب.
يتفق الاثنان سلطان وابن عمير، على توصيف ما يدعى بالحركات الاسلامية في المنطقة بانها لا تعدو كونها مجموعات سقفها تربوي وبرنامجها ثقافي ويقوم اساسا على منظومة شعائرية وتعبدية، بحيث لم ير الاثنان انها تشكل بناء هيكليا تنظيميا او فكريا، وتشككا- والحال تلك- ان تعد تلك الجماعات قوى سياسية فاعلة أو مؤثرة في اي حراك فعلي حتى لو خاضت معمعة الانتخابات!
بطبيعة الحال، فانه ليس هناك اي تيار او جماعة من دون مطالب سياسية ضمنية (دافعية او غائية) فحتى المطالب التربوية في البرامج الثقافية مؤطرة بغايات واهداف سياسية. ويخلص الاثنان د. سلطان ود. ابن عمير الى نتيجة بالغة الاهمية، وهي أولوية التركيز على تأسيس ركيزة المجتمع المدني.
وقد أشار بن عمير الى دور القبائل القطرية في السابق، حيث كانت تحل محل المجتمع المدني في التمثيل والتساند والمحاماة عن الحقوق، بينما علل د. سلطان حل التنظيم القطري الذي كان يتبع «الاخوان المسلمين» بقوله «ان النظر الى التنظيمات يجب ان يكون باعتبار جدواها، ففي بيئات معينة يكون التقدير العام ان هذا المجتمع عنده مؤسسات علنية بديلة تدعمها الدولة، وتقوم باللازم، فاذا كان سقفك تربويا فلماذا تلجأ الى ممارسة باشكال لها حمولات معينة؟»، يرى د. سلطان انه بعد مرحلة الاستقلال للدول العربية جاءت القطيعة بين الانظمة وبين الاسلام المكون الاساسي لثقافة الشعوب، ويقول «لو ان الانظمة العربية تبنت الاجندة الاسلامية لما كانت هناك حاجة للجماعات الاسلامية»، لا شك في ان المجتمعات الخليجية كلها بحاجة ماسة الى المزيد من الحريات في خياراتها من خلال ارادة التشريع.
وانني لأتفق مع باحثين قطريين اكدوا ان ما وقع في الخليج لم يكن قط تحديثا ولا علمنة للمجتمع، ولا فرزا ثقافيا وانتقاديا للأوعية التقليدية، بل كان بالاحرى عملا اعتباطيا انتقائيا بامتياز لم يستدع الماضي اصلا، بل قام بتدمير المكتسبات الشعبية والنخبوية بشكل كاف لارباك الحاضر وشل حركته. وليس اللجوء اليوم مجددا الى التحديث الفوقي والسطحي للمجتمعات من خلال الانفتاح العشوائي ذي السمت التجاري وفرض تشريعات صورية مفرغة او معطلة، الا انزلاقا اشد اضرارا واكثر مجانية وتشويها للهوية الاسلامية ذاتها بدفعها اكثر نحو هاوية الاحادية والانغلاق والتزمت.

هناك تعليق واحد:

محمد الهاجري يقول...

أعتقد موضوع بناء الانسان فكريأ ياخذ وقت طويل حوالي 19 سنة (سنتين روضة+12 دراسة+5 سنوات جامعة) لكن لابد من البدء من نقطة ما .

في رايي فهم الدين عندنا مشوة , فالنبدأ في تصحيح ذلك .

أنا ضد نظام الدوائر في انتخابات البرلمان , و أويد دائرة وحدة + شروط تفرز لنا النخبة و الافضل وليس كانتخابات البلدي , الي جابت المتردية و النطيحة .

و هذا كفيل بتجاوز المحنطين في التاريخ و الي نظرهم فقط الي الورأ و لا يعرفون إلا لغة الموت و الاخرة, و نصيبهم من الفكر في التعمير و البناء قليل أن لم يكن معدوم.

نعم فية تقصير شنيع في بناء الانسان في الخليج , و لكن مثل مايقولون الجود من الماجود , وهذا الي قدرنا علية الى حد الان . أعتقد لتسريع عملية التصحيح محتاجين الفكر الجمعي و هنا راح يكون للنخبة دور إذا حسو أنة فية مصداقية من أولي الأمر . لان الاحساس بالوجود دافع للمشاركة و التفاعل , فهل يدرك أولي الأمر هذا بالسرعة الكافية قبل الفوات و ضياع الوسيلة و هي عوائد البترول .