السبت، 28 نوفمبر 2009

ابداع المرأة


نورة آل سعد
هل يوجد ثمة أدب عربي حديث ؟
هل يوجد عندنا ما يمكن ان نطلق عليه حقا نماذج ابداعية معتمدة ومكرسة ؟
تبدو لي تلك الضجة المثارة حول ما سمي أدبا نسويا ضجة مفتعلة الى حد كبير لان قضية الابداع ذاتها تعد اشكالية قائمة لم تمس بعد ! دع عنك تلك المقالات التي تعالج ما تكتبه المرأة وحظه من مسمى الادب (النسوي).
لا جرم انه نقد عربي مأزوم يلجأ اضطرارا الى تأويلات متعسفة ومصطنعة متوغلا في نفق نظري وجمالي معتم ومجتلب من الخارج لم تجسده اي من تلك النصوص الداخلية ! سأقولها بصراحة ووضوح : ان النصوص العربية المتواضعة التي رزىء بها النقد العربي لا تشكل تمثيلات ولا شهادات ولا مؤشرات ملموسة تعبر عن ذلك المنظور المعرفي الاكثر اتساعا وفاعلية وخصوبة من كافة تلك النصوص الضعيفة والجامدة والمتعارضة كذلك مع التوجه النقدي ذاته.
بيد ان النقد الجديد ينفخ في صورة النصوص متجاوزا ومتساهلا ومختلقا ! ولست أجحد شفافية بعض تلك النصوص الادبية وصدقها في معاناتها واستثارتها للاهتمام والرصد غير أنها ليست- فعليا- سوى حزمة تجارب متعثرة ومتدنية المستوى والقيمة فنيا بل انها تقريبا محض احتجاجات ولافتات وعظات مباشرة او هذيان مطلق ! نعم انها نصوص ترهص بتحولات وتعكس ظواهر اجتماعية وتشي بمناخات محتقنة وتتجلى عن تشخيص لآفات وكذلك تفعل الدراسات في العلوم الاجتماعية باسلوب أبهى وأنصع وأكثر منهجية ! ان الكتابة الابداعية ينبغي الا تلغي (الابداعية) والا تنتصب بمعونة التقييم واسناد الاطروحة النقدية والتشريح الثقافي والفكري (العصري) .
لست أشهد في أغلب المقالات النقدية الا تحيزات واسعة واعتسافات بالغة للوقائع والدلالات والتقييمات وكل ذلك لان النقد يظن بأنه يقوم بدوره في استكشاف الدلالات والتنبؤ بالتحولات ! كم من اسم ومن نص اعتمد كلية على التداول النقدي في الظهور دون ان يكون مقروءا ( مثلا اعمال فوزية الشويش) وكم من عمل وجد طريقا الى الترجمة واعادة الطبع دون ان يثبت حضورا مكينا في عالم الابداع (مثلا رجاء الصانع ) ان النص الابداعي الحقيقي يظل حيا ولا يبقى اسما في البيبلوغرافيا . كل ذلك الانتاج الروائي الوافر في المنطقة يأتي محاكاة لنماذج مكرسة ومستوردة من الخارج باعتبارها تمثيلات لاشكال كونتها سياقات تاريخية وثقافية مغايرة في أماكن اخرى.
ولن نمنع الروائيين من ان يحشروا انفسهم في اي سياق يختارونه هربا او لجوء او حتى مغامرة واختيارا ! ولن نعرقل سبل التفاعل المبتسر ولكنني لا أتفاءل كثيرا بتلك الانعكاسات الالية والاستيعاب المباشر لانها في تقديري لا تقود الى حيوية المنتج الادبي ولا تدفع الى تجدد الابداع والفكر. ضقت ذرعا بالحديث عن المنجزات الابداعية للمراة في المنطقة والزج بالنسوية ومفاهيمها في السياقات النقدية حتى في ذلك الخطاب التحرري الذي كاد اليوم ان يخون نفسه ومبادئه بالحديث عن قضايا المرأة الخاضعة للاستبداد الذكوري وكأن الرجل في مجتمعاتنا حر مريد كريم !
أي حديث عن مقصدية محجوبة ؟ وأي ضروب مضحكة في التأويل باسم النقد الجديد ؟ انها تناقضات مفجعة وسافرة تستحضر مفاهيم جاهزة من الفكر الفلسفي المعاصر لكي تطبق نقدا ادبيا تقليديا على أعمال تسقط في وهاد المباشرة والسطحية والتكرار وتسمى نصوصا جريئة ! أعمال تفضي الى العبث والعدمية وتدعى نصوصا شفيفة وكثيفة الرموز ومشفرة .
انها روايات تكتبها المرأة كما قد يفعل الرجل غير أنها تفوقه قليلا في جرأة الكشف المتعمد عن المستور وملامسة المسكوت عنه الجنس والدين أما السياسة فقد توارت في الرواية الخليجية منذ الثمانينيات تقريبا .
انه أدب نسوي وافر في انتاجه وفي دلالته السالبة أدب مهووس بالمخالفة والعصيان والمصادمة الى حد البذاءة فلماذا يا ترى ينال المثوبة النقدية على تجاوزاته... لا على ابداعيته ؟

السبت، 21 نوفمبر 2009

مركز الدوحة المحلي للاعلام


21/11/2009

كتب نورة آل سعد :
منذ استقالة مدير عام مركز الدوحة لحرية الاعلام المسيو روبير مينار في يونيو من عام 2009 معلنا أن الحكومة القطرية قد توقفت عن تمويل المركز الذي تأسس في العام الماضي فحسب، انطفأ وهج مركز الدوحة لحرية الاعلام باعتباره مركزا دوليا.
وقد ذكرت «الوطن» القطرية في ابريل الماضي قولا منسوبا الى السيدة مريم الخاطر نائب مدير المركز أن «المركز يعكف حاليا بشكل مكثف على رسم استراتيجيته للمرحلة المقبلة، ووضع خطة عمل نوعية تخدم أهدافه التي رسم من أجلها حيث سيتم الإعلان عنها قريبا» الا انه لم يكشف النقاب عنها بعد!
بدأ مركز الدوحة نشاطه رسميا في 15 أكتوبر 2008، واعلن مديره العام في حينها أنه «سيعنى برعاية الصحافيين والمؤسسات الإعلامية في حالات الاضطهاد والملاحقة وفي ظل الحروب والكوارث الطبيعية، والتأكد من تقديم من يتورطون في قتل صحافيين في مناطق مختلفة من العالم للعدالة مهما كانت مكانتهم». يعتبر مركز الدوحة مؤسسة نفع عام أسست استنادا الى قانون المؤسسات الخاصة، وكذلك الامر مع المؤسسة العربية للديموقراطية، وان كان القطريون لا يستطيعون التحقق مما أنجزته تلك الاخيرة حقا على المستويين الداخلي والخارجي! لقد أعقبت استقالة روبير مينار فترة صمت مريبة حتى شاع خبر تجميد او اغلاق مركز الدوحة.
ثم تم استدعاء السيدة الخاطر مجددا ونشط المركز ببعض البيانات التي لم تخرج عن «النَفَس» الميناري الذي انقطع قبل ان يستكمل! وبالرغم من ان المركز حاليا بلا مدير فانه يدار من رأس مجلس ادارته بلا ريب! ولم يزل المركز «ميناريا» كما هو واضح في اجترار أفكار ادارته السابقة، وان اختلف تطبيقها وطرحها بطبيعة الحال! فقد كانت ادارة مينار تشكل فريقا كاملا واحترافيا ذا علاقات واسعة وانشطة ممتدة في كل الاتجاهات حسبما كان ملموسا على موقعه الالكتروني الرسمي قبل ايقافه.
وقد كان البيان الاول للمركز بعد رحيل مينار هو استضافة منتظر الزيدي، وكانت تلك في الأصل فكرة مينار ومبادرته قبيل رحيله واعيد طرحها بصياغة غير دقيقة عيبت على المركز واعتبرت سقطة مهنية في مقال كتبه المحامي طارق النعيمي. ثم جاء البيان التالي للمركز نسخة غير مطابقة للأصل الميناري! اذ كان مينار يؤكد مرارا على التعجيل باصدار قانون شامل عادل للاعلام خلفا للقانون المتخلف الرجعي عام 1979، وعلى ضرورة انشاء نقابة للصحافيين لتمثيل مصالحهم، كما كان فريق مينار عاكفا على الاعداد لتنظيم أول ملتقى لجميع الاعلاميين والصحافيين والكتاب في قطر، ولكنه اضطر الى الاستقالة بسبب التضييق ومنع الموازنة المالية عن المركز. اما اليوم فان السيدة الخاطر تصرح بان مركز الدوحة «يدعم تطوير وترقية قوانين الإعلام ليس في قطر فحسب، بل في كل الأقطار العربية»، ولكنها لم توضح كيف ينوي ان يفعل ذلك؟
لقد نظم مركز الدوحة ندوة مغلقة صغيرة حول مناقشة قانون المطبوعات القديم، ومن الغريب الاشارة الى «حرص المركز على ألا يظهر القانون إلا وقد فتحت مائدة لمناقشة الأمر من أهل المهنة» وكأن هناك مشروع قانون جاهزا بالفعل قد أعد للاصدار بقطع النظر عما قيل وسيقال في اي ندوة تنظم بانتقائية وللفرجة وبعض التنفيس!وقد قالت الخاطر «ان المائدة استقطبت كافة أطياف المجتمع الإعلامي ليس في جلسة رسمية تحت وصاية جهة ما، بل من خلال مظلة المركز الذي لا يتبع أي جهة رسمية ولا يمثل الحكومة». غير ان «الراية» القطرية وعددا من الكتاب انتقدوا غياب اكثر الاعلاميين والصحافيين وعدم حضور وزير الثقافة (الذي يتواجد في كل مكان آخر تقريبا) وذكروا الحضور القليل والانتقائي في الندوة الاعتباطية الذي لم تضع على الطاولة مشروعا لمناقشته!!
وكانت قاصمة الظهر هي تصريح الخاطر في اليوم التالي «انه لا توجد قناة للاتصال بمجلس الوزراء لعرض التوصيات عليه مباشرة» وان المركز يعول على ما «تعلن نتائجه في الصحافة» المكلومة التي لم تستطع أن تنقل بعض المشاركات المميزة بأمانة وموضوعية!!

السبت، 14 نوفمبر 2009

يا ليل ما أطولك !


14/11/2009

كتب نورة آل سعد :
في حوالى عام 2002 شاركت شخصيات قطرية في مؤتمر مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي عقد في الكويت تلبية لدعوات شخصية وجهت إليهم، منهم د. علي خليفة الكواري والسيد عيسى آل اسحاق ومحمد صالح الكواري، وبعد عودتهم قرروا تأسيس جمعية أهلية لمساندة حقوق الشعب الفلسطيني استنادا الى قانون الجمعيات لعام 1998، ووقع على الطلب 100 شخصية قطرية، وتقدموا الى وزارة الخدمة للشؤون المدنية ووزيرها آنذاك الشيخ فلاح بن جاسم بن جبر.
لم يأتهم الرد، فقاموا بعد مرور شهر وهي المدة المحددة قانونا للرد، برفع تظلم الى مجلس الوزراء، ولكن بلا استجابة ايضا. بعد ذلك دعا وزير الخارجية القطري بعض المؤسسين، وأبلغوا في ذلك اللقاء بانه من المستحسن تأجيل ذلك الطلب الى حين اصدار قانون جديد للجمعيات!
وذكر لهم بان هناك لجنة تسمى لجنة مساندة القدس، وهي تغني عن قيام جمعيتهم! جدير بالذكر ان اللجنة المذكورة يرأسها وزير الخارجية.
ذلك القانون الجديد المشار إليه لم يكن سوى قانون عام 2004، الذي لم تشهر بعده كثير من الجمعيات حتى الآن، ونحن على أعتاب عام 2010، بل ان عددا منها صدرت موافقة مبدئية على اشهارها، ولكنها معلقة إلى حين إصدار قانون جديد مرة أخرى! لا نعلم متى سيحين وقته؟ وكم من الجمعيات ستحظى بالاشهار في ظله؟لقد أكدت السيدة ظبية النصر مدير ادارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة في حوار صحفي منذ اسبوعين «أن تعديل قانون الجمعيات بشكل يحول الجمعيات المهنية إلى نقابات لو تم، فسيكون توجها صحيحا».
وقد ربط البعض بين تصريحها ذاك واستقالتها المباغتة بعدئذ، اذ انه من الغريب ان يقدم الموظف استقالة فجائية لاسيما اذا كان مديرا لإدارة!لا يتجاوز عدد الجمعيات المشهرة حتى الآن في قطر العشرين جمعية فقط! واكثرها في الجانب الخيري والاجتماعي والنفع العام، وقد مضى على إشهار بعضها ما بين 11 و30 سنة تقريبا. وهناك ما مجموعه 45 جمعية مختلفة غير مشهرة بعد لسبب أو لآخر منها 31 جمعية لن تشهر أبدا، لأن طلبها قد رفض.
جدير بالذكر ان كثيرا من تلك الجمعيات المشهرة اليوم هي جمعيات تحت مظلة حكومية بشكل أو بآخر مثل الهلال الأحمر القطري الذي يعين مجلس إدارته بقرار رسمي، أما الجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة فيرأس مجلس ادارتها الشيخ ثاني بن عبدالله آل ثاني منذ عام 2002، وفي ابريل الماضي تم تشكيل مجلس ادارتها من 11 عضوا، وأعيد انتخاب كل الأسماء القديمة بمن فيها رئيس المجلس، فضلا عن وجود اثنين من ابنائه، وتتلقى الجمعية دعما ماليا جزلاً من البنوك والشركات.
فيما يخص اللجنة القطرية لحقوق الإنسان، فقد صرحت السيدة النصر بانه لا داعي لجمعيات أهلية حقوقية أخرى لأن «هذا الأمر تقوم به حاليا اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وأعتقد أنه في ظل وجود جهات حكومية تعنى بهذا الأمر، فلا داعي لجمعيات أهلية في هذا الشأن»، الغريب ان السيدة النصر صرحت بأن جمعية حماية المستهلك (من أهم الجمعيات التي تقدمت لنا، ومن المتوقع أن يتم اشهارها قريباً) ربما نسيت وزارة الشؤون الاجتماعية انها سألت المؤسسين مستنكرة طلب تأسيس جمعية أهلية لحماية المستهلك في وجود ادارة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد والتجارة.
لا يجدر بنا التعويل على «قريبا» تلك، اذ ان هناك عددا من الجمعيات المجمدة التي نالت موافقة بالفعل، ولكنها لم تحصل على شهادة اشهار لممارسة انشطتها! ان تلك الجمعية بالذات قد طلبت الاشهار مرارا، ومنذ أكثر من سبع سنوات، واذكر ان محمد صالح الكواري وهو أحد مؤسسيها سأل وزير الخارجية اثر محاضرة عامة: («ما الضير في السماح لها بالاشهار؟».
هذا بينما اشهرت الجمعية القطرية لهواة الحمام الزاجل في 2006 برئاسة الشيخ محمد بن أحمد آل ثاني بجهود الفاعلين في الهيئة العامة للشباب وتتبع اليوم وزارة الثقافة!

السبت، 7 نوفمبر 2009

هل أفشي سرا ؟

07/11/2009
كتب نورة آل سعد


لعلي لا أفشي سرا حين أخبركم بأن الرواية القطرية قادمة!

فهناك أربع كاتبات قطريات تعكف كل واحدة منهن على كتابة روايتها أو تنقيحها، وهناك رواية خامسة لرجل من خارج الوسط الأدبي، فضلا عن الأشخاص الذين لم يبلغني منهم او عنهم العزم على كتابة رواية.
لقد ظهرت الرواية في قطر منذ عام 1993 على يد الاختين دلال وشعاع خليفة وأسهم د. أحمد عبدالملك بثلاث روايات كان آخرها رواية «فازع» التي افرج عنها توا بعد احتجاز دام اكثر من شهرين في عهدة وزارة الثقافة القطرية. هل يعد ذلك الفيض المرتقب من الروايات في قطر كتابة ارتجاعية تعكس حنينا إلى الماضي؟ لا جرم ان الرواية تولد من رحم التحولات الاجتماعية المؤلمة والعصية على العرض الصحفي المباشر المبتذل. انها معاناة تعكس سير اشخاص وتاريخ مجتمع، غير انها تتبدى بالذات في استكشاف الحياة الداخلية في دهاليزها المعتمة والمتسترة.
ازعم بان شكل الرواية الجديدة سيخضع غالبا لتجسدات تنسجم مع تلك التوجهات النفسية، وتتكيف مع المناخ المكبل والوتيرة البطيئة للتغير الاجتماعي والسياسي في قطر. انه مناخ مشحون بمفارقات مستمرة تتحدى قدرة الفرد وصبر المجموع، لانها تخترق الأمن النفسي والمشاعر الدفينة التي تنشد المعنى والامان والمعقولية والتي باتت تدريجيا تفقد ثقتها في الحاضر وتخشى المستقبل على مكتسباتها وتطلعاتها وحتى على وجودها.
سوف يلوذ الافراد- عبر رواياتهم- بالماضي محاولين ان يقفوا على أرضيته المستقرة للنظر إلى ما تسارع من احداث ومستجدات لا يملكون لها تفسيرا ولا تحويلا. وأتكهن بان تبذل معظم الروايات القطرية القادمة محاولات دائبة لاستعادة العالم القديم مجددا! وستعمل على لأم انكساراته واعادة بنائه من بقايا اجزاء الواقع المتهشم، وأرجح بان عددا
من اولئك الكتاب سيحاولون تقديم اطروحات متفاوتة المستوى في مشاريع متشابهة تنحو طرح الاسئلة وحسب! ان
الروايات التي نتوقع صدورها في قطر ستكون حول ثيمات تصب مهما اختلفت تنوعا في رغبة الانسان في فهم موقعه، وايجاد دوره في مواجهة المطلق (من اقدار ومجتمع وقوانين وسلطة بلا حدود) نامل الا تتوقف كل الروايات القادمة عند عتبة طرح الاسئلة، بل نطمح ان يتجاوز بعضها مرحلة تسجيل الموقف الاخلاقي إلى بناء التصور الكلي المختار للعالم.

قد تتعدد الثيمات ولكنها سوف تتقاطع في ثيمة مشتركة، وهي التشبث بالتاريخ (تاريخ الإنسان والمجتمع) وتفسير وقائعه وطرح وجهات نظر قابلة للدحض وقادرة على التشكيك بعضها ببعض. لن تهتم الرواية القادمة كثيرا بالوضوح المعماري، ولن تولي اهمية قصوى لتلبية شروط الانجاز الفني عموما، وسوف يؤثر ذلك في شكل الرواية في قطر ونكهتها، فلن تكون تجريبية ومغامرة بل اقرب إلى الانعكاسية والتقليدية، ولكن يمكننا التعويل على انها ستكون في مجملها كالفسيفساء المتكاملة في لوحة واحدة تعيد صياغة آمال القطريين ومخاوفهم الجمعية.

تنطوي الرواية ذاتها على امكانات هائلة وبمقدورها استثمار المعارف والانفتاح على الحقول الاخرى واستغلالها، اذ ان الرواية هي التحول في الذاكرة الشخصية إلى ذاكرة المجتمع، وروح الرواية هي اللاتصالح مع الواقع والتعقيد واللغة النسبية، فالرواية ضد المباشرة والاطلاق والمنطق البسيط والتحليل السطحي للاحداث، فهل ستكشف الرواية في قطر عن الموقف الاساسي للشخصية القطرية؟وهل ستكون رواية الإمكان والتقدم ام رواية السلبية والماضوية؟ واذا كانت اغلب المرشحات من النساء، فهل ستكون الرواية نسوية بالضرورة ام بالعصرنة؟

لم يعد ثمة مخرج الا.. الرواية! ولكن اخشى ما اخشاه ان تحمل وعيا فقيرا عن واقعها وألا تمثل تعددية واعية ومعجونة بالمغامرة الفنية! ان الرواية القطرية اليوم على اعتاب المناجزة الحرة لاشكاليات اجتماعية ورقابية.. وابداعية ايضا.

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=547813&date=07112009