الاثنين، 21 ديسمبر 2020

القطرية في مجلس الشورى


نورة ال سعد

 

        لا يوجد تجمع بشري لا يتشوف الى ممارسة حقوقه السياسية ومن اهمها تكوين الجمعيات والحق في التجمع  وحق تقديم العرائض وحق التصويت وهناك طريقان ، تسلك المجتمعات احدهما لتلبية تعطشها ؛ اما السعي في سبيل ممارسة حقوقها واما اللواذ والاحتماء بدرع قبلي او طائفي او دوغمائي يمنحها تعويضا وشعورا بالتفوق والتمايز والاستحقاق الاعلى .

يزعم باطلا بان المرأة القطرية لم تطالب ولم تسع لنيل حقوقها السياسية  وواقع الامر ان المرأة في مجتمعنا لم تمتلك قط منبرا ولا منصة للتعبير والاعلان ولم تستطع تحرير طاقاتها الحبيسة حتى انها تحايلت لكي تعبر عن نفسها من خلال أنشطة اجتماعية تطوعية – ولفترة وجيزة - من خلال ما سمي بالفرع النسائي لجمعية الهلال الأحمر القطري . ظهر الفرع في عام 1982 بوصفه رغبة مجتمعية وبجهود نخبة من السيدات وكان عملا تطوعيا وأهليا خالصا وكان بحق أول تنظيم نسوي بمجلس إدارة ترأسته السيدة مريم جاسم الدرويش وشاركت عضوات منه في محافل نسائية خليجية بصفة غير رسمية وبادرن الى حضور اجتماعات تنسيق العمل النسائي في الخليج على نفقتهن الخاصة وسرعان ما أوقف العمل الاهلي وتم حل مجلس الإدارة وتولى الهلال الأحمر الاشراف على مقر الفرع وتم تعيين مديرة تتبع المدير التنفيذي  منتدبة من جهة عملها منذ عام 1983 وتعاقبت المديرات المنتدبات حتى تم الاستغناء نهائيا عن الفرع في عام 2000 .

كان الفرع في عامه الاول علامة بارزة للعمل الأهلي النسوي الذي اجهض باكرا  ولو أتيح له الاستمرار أهليا ، لكان لدينا اليوم في قطر جمعية نسائية مستقلة لها فروع وصفوف من القيادات النسوية والاسهامات البارزة.

 وهذا يقودنا الى اختلال السيرورة التراكمية التي تدأب المجتمعات على استمرارها جيلا بعد جيلا والا اصبحنا مجتمعات تخرج من الصحراء صفر اليدين وكأنه لا نفط مر من هنا ولا تنمية ولا بشر يسعون في الأرض.

تذكر الكاتبة الصحفية  مريم ال سعد في مقال نشر في الراية في عام 2010  بان ثمة جمعية نسائية تنتظر الموافقة على اشهارها ولكنها قيد البحث والدراسة في وزارة الشؤون الاجتماعية (آنذاك ) وانها قد دعيت للانضمام الى تلك الجمعية وحضرت اجتماعات توالت خلال شهور مع من وصفتهن الكاتبة بانهن ( عقول مبدعة من مجموعة سيدات يمثلن الأستاذة الجامعية والمختصة العلمية والمديرة التنفيذية وسيدة الاعمال والتربوية الخ ) وعكفت المؤسسات- بمعاونة قانونيين -على صياغة النظام الأساسي للجمعية  وتقول الكاتبة ( واكتشفنا في سعينا .. بان هناك عطشا لوجودها من المرأة القطرية فقد توالت الاتصالات والرغبات بالانضمام الى (تلك ) الجمعية ) التي لم تر النور قط .


وقد اخبرتني مؤخرا صديقة عن نخبة لاحقة من السيدات سعت بدورها الى تقديم طلب اشهار جمعية نسائية ! من يدري كم مرة تحركت النخب القطرية النسائية ودفعت باتجاه ايجاد جمعية نسائية انطلاقا من رغبة المجتمع وحاجته الى التعبير والتجمع والتنسيق وأداء الأدوار .

لئن كان  الدستور الدائم قد جاء على شكل منحة من خلال لجنة اعداد الدستور المعينة -وليست المنتخبة - فان سعيا  حثيثا سبق ذلك بعقود وتجسد في عرائض شعبية ونخبوية ظهرت في لحظات تاريخية وطالبت بالتمثيل وبالمشاركة في القرار السياسي  وباءت بالفشل  ثم يأتي بعد ذلك من يردد في تحليلات سقيمة متملقة بان تأخر الإصلاح السياسي سببه عدم وجود مطالبات شعبية !

ليس شيئا أفدح ظلما من ان يقال بان المرأة القطرية أو ان المجتمع القطري لم يطالب بحقوقه ولكنه قدر المجتمعات الصغيرة ، انها كيانات قابلة للاحتواء ومن السهل توجهيها والتحكم فيها .

تقف القطرية اليوم بين تجربتين قريبتين منها : تجربة المرأة الكويتية في مجلس الامة المنتخب من جهة وتجربة المرأة السعودية في مجلس الشورى المعين من جهة أخرى  أما الكويتية فقد اكتسبت حقوقها بعد نضال ومطالبات وخاضت الانتخابات بدون كوتا وكان اهم نجاح لها عام 2009 حيث حصدت اربع مقاعد وان لم تحصل في الانتخابات الأخيرة على أي مقعد بالرغم من كثافة المشاركة النسائية حيث شكلت النساء ما نسبته نحو 52% من إجمالي عدد الناخبين .

بينما خاضت المرأة السعودية معاركها بشرف وصلابة وقاومت تيارات محافظة ومتشددة حتى استجابت السلطات التي لم تعد تستطيع مقاومة العصر ومتغيراته وجرى تعديل نظام مجلس الشورى في 2013 وحصلت السعودية بالتعيين على ما نسبته 20 بالمئة من المقاعد وقد أتمت السعودية عامها الثامن في المجلس و تقلدت امرأة مؤخرا لأول مرة منصب مساعد رئيس مجلس الشورى. وبغض النظر عن ان اغلب توصيات العضوات في المجلس قد قوبل بالتعطيل والرفض الا ان العضوات اشتغلن خلال السنوات الماضية بفتح  ملفات مهمة مثل تمكين السعودية في الحياة العامة وفي سوق العمل وملف الولاية واشتراطاتها وقضايا المعنفات وقد نفذت قرارات من خارج المجلس فصدرت اوامر ملكية بقيادة المرأة للسيارة وتم تعيينها في مناصب قيادية فما يعطله المجلس تنفذ الحكومة منه ما تراه مناسبا وكأن المغزى من انشاء مجالس الشورى- في نهاية المطاف – هو تهيئة المجتمع او تحميته او قياسه او الهائه او امتصاص غضبه او توجيه استيائه الى مقدمي المقترحات والتوصيات  !

يتعين علينا- نحن القطريات - الاستنئناس بالتجربتين حيث تصارع كل من الكويتية والسعودية اعاصير المجتمع المتزمت من جهة وأساليب ومنهجية عمل المجالس التي يهيمن عليها مناخ الإعاقة والتسويف والابطاء من جهة أخرى .

ان المرأة رقم صعب في الانتخابات ولسوف ترتفع أعداد الناخبات في قطر و تفوق نسبة الناخبين اذ ان افواجا من الذكور تنضم سنويا الى الكليات العسكرية واكاديمية الشرطة وكلها غير مسموح لمنتسبيها بالتصويت  .

 حري بالمرأة -اذا - أن تنتفع بحصة وافرة من التعيين لتحقيق تمثيل المرأة مادام المجتمع يعلن بانها نصفه ، وان أمامها لتحديات جمة فعسى ان تجتاز المرأة -بصمودها ودهائها - المحاذير القاهرة .

وليست المرأة الوزيرة في الحكومة مثل المرأة العضو في مجلس الشورى حتى لو كانت في الحالتين معينة وليست منتخبة ! ولست أتعامى عن انضمام اربع نساء بالتعيين منذ عام2017 الى مجلس الشورى بنظامه الحالي وقد عجز (غوغل )ان يظهر لي في البحث اي نتائج تتعلق بنشاطهن !!  بيد أنني موقنة بان المجلس المنتخب يتيح مساحة تختلف قليلا عن الحالي (وان لم ترق الى وظائف البرلمان)  وأدرك كذلك بأن لدى الناخبين والناخبات اليوم أدوات تعبير ورقابة تتزايد فعاليتها من خلال السوشل ميديا .

 

ليست هناك تعليقات: