الاثنين، 14 ديسمبر 2020

الدستور والمواطنة والشورى


نورة ال سعد

 

       من اهم الإشكاليات التي تواجه التحضيرات للانتخابات الشورية هي تحديد الدوائر الانتخابية اذ ان الدوائر المتكثرة في بلد صغير تؤدي حتما الى تبعثر الأصوات المحدودة أساسا ، فضلا عن ان القطريين يقلون أو يتمركزون في مناطق متفرقة من البلاد . والمعضلة الرئيسية تكمن في ضآلة عدد المسجلين في قيد الناخبين ، ممن يحق لهم التصويت في انتخابات الشورى ، فالرقم ذاته متواضع كما هو ، في سجل قيد الناخبين في انتخابات المجلس البلدي ( والذي يسمح بتصويت المواطن الذي مضى على اكتسابه الجنسية 15 سنة ) وقد كشف عضو اللجنة الإشرافية على الانتخابات بوزارة الداخلية العميد عبد الرحمن السليطي عن مشاركة 13334 ناخبا من أصل 26664 ناخبا بنسبة مشاركة وصلت إلى 50.1% في ابريل عام 2019 ( منقول عن الجزيرة نت )

و ذكر تقرير نشر في الشرق في حينه بأن الدائرة( 3) بلغ عدد المقيدين فيها 850 ناخبا وضمت الدائرة( 8 ) 1975 ناخبا  وفي العاشرة 900 ناخب وفي الدائرة ( 15) اكثر من 800 ناخب  في الدائرة( 17)  بلغ عدد المقيدين 780 ناخبا وذلك اثناء انتخابات البلدي في 2019  وهناك أربع دوائر حسمت  بالتزكية  من اجمالي 29 دائرة !

ترى هل سينجح عندنا عضو مجلس شورى - تتلخص شروط عضويته في انه أتم الثلاثين من عمره ويجيد العربية قراءة وكتابة ، ولم يسبق الحكم عليه - بمجرد حصوله على 50 صوتا فقط  في دائرته ؟ وسيصبح بالتالي ممثلا وعضوا بمجلس الشورى! ما اسهل تأمين تلك الأصوات حتى لو بلغت 100 صوت لاسيما اذا تم حشد أصوات (نسوان ) القبيلة، فان أصوات النساء هي التي رجحت الكفة في انتخابات مجلس الامة بالكويت مؤخرا  !

 الامر الذي يستدعي اشتراط احراز حد ادنى للأصوات لكي يسمح للمرشح باجتياز عتبة المجلس لاسيما في حال عدم توفر اقبال كاف او في حال احتدام منافسة بينه وبين خصومه تفتت الأصوات بينهم بحيث يمكن السماح بان يتنازل مرشح لآخر بأصوات مؤيديه (الامر الذي يخلق تحالفات وتعاونا على كل حال  )

 هل يعتزم المشرع توسيع مساحة الدائرة وتقليص عدد اجمالي الدوائر و تخصيص عدد من المقاعد لكل دائرة ؟ ما زلنا نترقب وننتظر .



صرح العميد سالم المريخي في ندوة اقامتها جامعة قطر مؤخرا - ونشرت تصريحاته في حساب انتخابات قطر بتويتر - بأن هناك تفكيرا في (منح العسكريين الحق في الانتخاب فقط ) ولست من مؤيدي الزج بالعسكريين في معمعة التصويت حفاظا وصونا للعسكريين من شبابنا الغض ( من المرشحين طلاب الكليات المختلفة  وسائر الرتب الأخرى  ) بل واعتقد بان ذلك مخالف للذهنية المنشودة للعسكري وعقيدته الحيادية .

واعتقد بان الحل الأمثل والأكثر منطقية هو التوجه نحو زيادة عدد الناخبين المحتملين من المواطنين غير أن قانون الجنسية القطري رقم 28 لسنة 2005 نص صراحة على حرمان القطري مكتسب الجنسية من ممارسة حقي الترشيح والانتخاب فنصت الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون ذاته على انه لا يكون لمن اكتسب الجنسية القطرية حق الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية بالرغم من محدودية اختصاصات مجلس الشورى التي لا ترقى إلى وظائف برلمانية.

 وعلى الرغم من كفالة المادتين (  34)  و(42) من الدستور لحقي الترشيح والانتخاب مطلقا للمواطنين دون تمييز بين القطريين أساسا أو بصفة أصلية أو من اكتسب الجنسية   – وهو بالمناسبة الدستور نفسه الذي صدر بعد استفتاء شعبي في 2003 نال فيه موافقة بنسبة  تفوق 96% شاركت فيها نسبة كبيرة من أصوات القطريين مكتسبي الجنسية  - الا ان ذلك الدستور منح احكام الجنسية القطرية الصفة الدستورية وبذلك لا يمكن تعديلها إلا بذات إجراءات تعديل الدستور.

 وفي كتابه ( المدخل لدراسة القانون الدستوري القطري ) يستعرض د حسن السيد أستاذ القانون العام رأيا حصيفا لفقهاء القانون فيما يخص مفهوم المواطنين بصفة أصلية وهم من اكتسب الجنسية بالولادة اذ انها (الجنسية الأولى التي اكتسبوها لحظة ولادتهم بغض النظر عن صفة جنسية الاب – أكانت أصلية أم مكتسبة –) ويمكنهم بالتالي وفقا للنظرية العامة الترشح لعضوية المجالس التشريعية وما شابهها ولهم حق التصويت والتعيين الا ان المادة( 2 ) من قانون الجنسية جاءت بخلاف ذلك ولم تقض فقط بحرمان أبناء المتجنس بل حكمت بالحرمان( على جميع ذريته من بعده مهما تعاقبت وتفرعت جيلا بعد جيل الى ما لانهاية ).

ان مجلس الشورى ، مجلس قرر له الدستور بعض الاختصاصات التشريعية والرقابية ، وليس مجلس( برستيج) او (لوردات )، ولعله قد كان كذلك بما يكفي طوال العقود الماضية ، فقد كان مجلسا لاعيان البلد وممثلا للأسر والعائلات القطرية  . ويفترض ان يغدو مجلس الشورى المنتخب القادم ، مجلسا لجميع المواطنين ، يخدم أعضاؤه تقدم المجتمع كله ويضعون نصب أعينهم المصلحة العليا .

 انما يُنظر الى (المجلس) على انه جاه اجتماعي وتمييز وتكريم لفئات تتطلع الى مكانة اجتماعية تاريخية لا لشي الا بسبب فقدانها عامل الاطمئنان ، وهي( حالة) من معاناة التهميش ومكابدة مشاعر الأقلية ، الأقلية التي لا تكاد تتنبه الا قليلا الى انها تكاد تتلاشى في التعداد السكاني كل سنة ولذلك يزداد وعيها وسعيها – عبثا - الى حيازة التاريخ والاستحواذ عليه ! ان التاريخ بلا قيمة اذا لم يكن منفتحا على الحاضر ومسؤولياته، ومستمرا بالتفاعل مع المتغيرات ومنسجما مع روح العصر ومتطلباته.

صرح العميد المريخي أيضا فقال ( نفكر في انشاء لجنة مستقلة من منظمات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات ) كيف تقوم الحكومة بانشاء لجنة ثم تعد مستقلة ؟ فهل سيقبل العالم من حولنا بنزاهتها وحيادتها في مسالة مراقبة الانتخابات ؟ لمَ  لا يناط الامر بأهله في جمعية المحامين القطريين ؟  الا ان يكون السبب هو ان قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 21 لعام 2020  يحظر على الجمعيات ان تصدر أي بيانات لا تتعلق بالمهنة !

هناك العديد من المسائل التي لم تحدد او توضح او يصدر بشأنها قرار بعد والتي نتوقع ان السلطات قد بتت في معظمها مادام الإعلان قد صدر والموعد قد حدد في أكتوبر القادم لاجراء اول  انتخابات طال انتظارها .

ونحن بدورنا - بوصفنا كتاب أعمدة- لن نتوانى عن الاسهام بآرائنا لانجاح خطوة مجلس الشورى المنتخب باعتباره نواة لبرلمان مرتقب في المستقبل.  

 

ليست هناك تعليقات: