الجمعة، 13 فبراير 2009

هل يملك مجلس الشورى القطري المرتقب سلطة التشريع (1-2)


10/11/2007
كتب نورة آل سعد :
هذا عنوان بحث قانوني قيم للدكتور حسن عبدالرحيم السيد عميد كلية القانون في جامعة قطر نشرته مجلة الحقوق الكويتية وهي مجلة علمية محكمة في عدد يونيو 2007.يجيب البحث بلا مواربة ولا مداهنة عن السؤال عنوان البحث بانه على الرغم من ان النصوص الدستورية توهم بان لمجلس الشورى دورا حاسما في مجال التشريع، فان الدستور الدائم لم يمكن مجلس الشورى المرتقب من ممارسة السلطة الحقيقية والفعالة في ذلك الصدد، اذ انه زود السلطة التنفيذية بأدوات ووسائل تضعف من أهمية المجلس عمليا وفعليا!يقول د.حسن السيد 'على الرغم من منح مواد الدستور اعضاء المجلس حق اقتراح القوانين ومناقشتها واقرارها، وحق فرض رأيهم عند اعتراض الامير على اي مشروع يرفع اليه من قبلهم فان هذه المواد افرغت من محتواها بسبب ما منحه الدستور في الوقت ذاته للسلطة التنفيذية من وسائل تضعف دور مجلس الشورى في التشريع وتجعله اقرب ما يكون الى الشكلية، فلا يمكن ان يصدر أي تشريع الا اذا كان متفقا ومنسجما مع رغبة السلطة التنفيذية'.يلاحظ الباحث بان المشرع لم يغير مسمى مجلس الشورى الى اسم آخر يدل على وظيفة المجلس واختصاصاته الجديدة (الا اذا اصبح مفهومنا عن الشورى بانها ملزمة! ولم تكن كذلك من قبل) نتفق مع د.حسن السيد بانه كان يجدر بالمشرع تغيير المسمى ليتناسب مع دوره الجديد فيطلق عليه كما اقترح الباحث مسمى البرلمان القطري او مجلس الامة القطري او اي اسم آخر يدل على انه بصدد البزوغ بوصفه سلطة مستقلة.لا نشك كثيرا في امر توافق الارادتين ارادة مجلس الشورى وارادة السلطة التنفيذية (التي يتولاها سمو الامير بمعاونة مجلس الوزراء الموقر) ولكن البحث يعرض لحالة محتملة وواردة وهي عدم توافق ارادة مجلس الشورى وارادة السلطة التنفيذية بشأن مشروع قانون تقدمه احدى الجهتين من دون رضا الاخرى وقبولها! ويذكر د.حسن السيد مواضيع كثيرة ممكن ان تكون سببا في عدم توافق ارادتي مجلس الشورى والسلطة التنفيذية لان الدستور اكد تنظيمها بقانون ومثال ذلك القواعد المنظمة للجنسية والنظام المالي والمصرفي للدولة وتنظيم قروض الدولة والضرائب وحرية الصحافة والطباعة وبعض المعاهدات التي يجب ان تصدر بقانون وغيرها ولنفترض جدلا مع الدكتور حسن السيد بان الشورى يرفع مشروع قانون لا ترغب فيه السلطة التنفيذية! ونكرر سؤال الباحث معه: 'ما الآلية الدستورية التي يملكها مجلس الشورى لفرض رغبته؟ وما الادوات التي تملكها السلطة التنفيذية لتغليب رغبتها؟ ولمن الغلبة في نهاية المطاف؟' يشرح لنا الباحث بانه اذا لم يرد الامير التصديق على مشروع القانون المرفوع فانه يرده الى المجلس في غضون ثلاثة اشهر من تاريخ رفعه مشفوعا باسباب عدم التصديق، فاذا اقر مجلس الشورى مشروع القانون مرة اخرى بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس فان الامير يصدق عليه ويصدره. ويميز الباحث بين التصديق على القوانين والاعتراض التوقيفي، فالتصديق يمنح صاحبه (حق) الموافقة على مشروع القانون الذي اقره البرلمان او عدم التصديق عليه وبالتالي اسقاطه بينما يمثل الاعتراض التوقيفي 'اداة' فحسب يستطيع بموجبها رئيس الدولة ان يرد المشروع القانون الى البرلمان للنظر فيه مجددا وللبرلمان حينئذ حق تقرير مصيره باهماله او تعديله - ان شاء - او اقراره على صورته ذاتها ولكن يشترط حينئذ في دستورنا وكثير من الدساتير العربية اغلبية خاصة لاقراره.نستفيد من الفقرة السالفة ان الامير لا يمتلك الا حق الاعتراض التوقيفي على مشروع القانون، بيد ان العقبة الحقيقية في اشتراط الدستور توفر موافقة ثلثي اعضاء المجلس! ويبين الباحث ان ذلك الشرط معجز لا سيما اذا تذكرنا ان 33% من اعضاء المجلس معينون وموالون ضمنا للسلطة ومن المتوقع وجود موالين ايضا للحكومة ومتحالفين معها بين صفوف المنتخبين ممن تربطهم علاقات ومصالح وطيدة بالسلطة التنفيذية! يلفت الباحث انتباهنا الى انه على الرغم من ان اشتراط الاغلبية الخاصة موجود في الدستورين الكويتي والمصري غير انه لا يوجد عندهما اغراق للمجلسين النيابيين بالاعضاء المعينين كما هو الامر عندنا! الامر الذي يشكل 'سلاحا' لتعطيل مشاريع القوانين التي ترفع برغبة من قبل مجلس الشورى 'المنتخب'.

الديمقراطية القطرية


29/12/2007

كتب نورة آل سعد :
ليس لنا - بداية - ان نتوهم بان الدستور القطري الدائم حقيق بتبني أسمى صور الديموقراطية، وقمين بان يرد الكلمة الأخيرة في إصدار التشريعات الى الأمة التي يمثلها مجلس الشورى المرتقب، وذلك انطلاقا من واقع معطيات أحوالنا الاجتماعية والسياسية ذاتها. هل توجد - بعد - الأمة الناضجة القادرة على إدارة شؤونها بإرادة مستقلة والمالكة للآليات والوسائل الضرورية والمتمتعة بالضمانات القانونية والمدنية؟ لعل ما سبق يفسر لنا جزئيا سبب استمرار الرؤية السياسية ذاتها التي تحبذ التأجيل وتمارس التسويف بحجة التدرج والتطور البطيء في التوجه الديموقراطي (وان لم يكن يسوغها تماما!).نستطيع بلا شك، مناقشة بنود الدستور من الناحية النظرية، لكننا نعلم ان الأمور مختلفة في الواقع العملي وتخضع لاعتبارات عديدة ومؤثرات مهمة قد تفرز نتائج متناقضة بحسب اختلاف زاويا النظر.ما آليات التمكين في عملية المشاركة السياسية؟ وما الضمانات لعدم انتهاك حق المشاركة السياسية والحقوق المدنية الأخرى، كما كفلها الدستور القطري الدائم، لكن قيدتها قوانين أدنى مرتبة من الدستور وسمو مقامه؟ أسئلة تقودنا الى التساؤلات التالية: هل يترك للسلطة التنفيذية مطلق الحرية والصلاحية بان تضع الضوابط وتحدد المرتكزات وتعتبر راعية الحريات والمسيطرة على مجريات الأمور كيفما شاءت؟ فمن إذا يراقبها ومن يستطيع حقا محاسبتها؟ وهي التي تملك وحدها تفسير القوانين وكيفية تنفيذ التشريعات وتتدخل لمراقبتها وتفعيلها بحسب ما تقتضيه مصلحتها؟ وما مصداقية التشريعات اذا كانت مقيدة ومحبطة لكل محاولات الشراكة الحقيقية؟وأين هي مؤسسات المجتمع المدني؟ وما مدى فعالية صفتها الرقابية في ظل الظروف الراهنة؟!كلنا يعرف ما يشوب الانتخابات وعملية اختيار نواب الشعب في 'اللعبة' الديموقراطية من أخلاط الهوى والأغراض السياسية والتحالفات بين أصحاب النفوذ والمال. وهذا الأمر قد أعطى - للأسف - السلطة التنفيذية في مجتمعاتنا خاصية استثنائية، فهي صمام الأمان الذي يناط به استقرار المجتمع وتوازنه، وهي التي تتكفل بحفظ حقوق المعدمين وكبح جماح مراكز القوى واستئسادها على مصالح العامة، لانها تتمتع بالسلطة والقدرة ولأنها تجد أن من مصلحتها ان تحجز بين القوى المتصارعة وان توازن بينها لئلا يتقوض النظام العام للمجتمع. لا يستطيع نظام ادعاء الفصل بين السلطات الثلاث بمجرد اصداره 'دستورا' مكتوبا، لاسيما اذا كان مناقضا للدستور العرفي والفعلي في المجتمع، الذي يستلهم بنوده وقوته وهيبته ومصداقيته من جملة من الأسس الموضوعية المؤثرة.من اسف، اننا نطالب بعدم التدخل الرسمي السافر، لكننا نصرخ بعد 'شوية': 'يا حكومة الحقينا'، مطالبين أجهزة الدولة بالقضاء على المحسوبية والواسطة وظاهرة شراء الأصوات، بل نطالبها بتغيير السلوك الانتخابي! ولكن بذمتكم من ينظم الانتخابات؟ ومن يشرف عليها؟ ومن يراقبها بصورة أساسية؟ ومن الذي نناشده لكي يسن قوانين لضبط الحملات الانتخابية ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص؟!بل اننا- فوق ذلك كله -نتوقع من السلطة التنفيذية ان تطعم المجلس المرتقب بالعناصر الجيدة 'الكفو' عبر التعيين لإنقاذ الموقف اذا وصل 'الردي' بالانتخاب، فليس من المعقول ان يترك التشريع بيد مجلس ينتخب بطريقة عشوائية وبناء على اعتبارات مريبة من محاباة وموالاة وتمويل في مجتمع ناشئ تعود ان يهب للنجدات و'الفزعات' الوطنية من باب النخوة و'الحميا'، كما حصل مثلا يوم الاستفتاء العام للموافقة على الدستور القطري الدائم!

احترامي .. للحرامي


08/12/2007

كتب نورة آل سعد :
هل تختلف الامور في جوهر مجرياتها في قطر عنها في الدول المجاورة؟ اننا نسمع اشاعات واقاويل ويكشف الله ستر بعض الحرامية على ايدي الصحافة الغربية ويفتضح خبر الصفقات والنهبات، ولكن ماذا يعود منها الى خزانة المال العام 'السايب'؟تنتشر الاشاعات وتفوح 'الريحة' وتزكم الانوف ولا يوجد حسب علمي دخان من غير نار، وعلى الرغم من ذلك لا يرقد احد آمنا في بيته مثل الحرامية الكبار! وقد تساق بعض الكباش عرضا الى المحرقة قربانا لاسكات الرعاع امثالنا، بينما ينفق الحرامي الاموال المنهوبة، واقصى ما يمكن ان يواجهه هو ان تكف يده! قال غوار الطوشه مرة: كفوا بصري واعطوني مليون ليرة (مليون بس؟ وبالليرة بعد؟ صدق الفقارى ما ينعطون وجه!) قد توفر 'اللجنة الوطنية للنزاهة والشفافية'، التي صدر حديثا قرار بإنشائها في قطر، قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي اقتراحاتهم وشكاواهم، ولكن بالله عليكم من سيتقدم الى 'وجه المدفع' مجازفا برزقه وامنه الا ان يكون 'خبلا' او من سلالة 'ابو زيد الهلالي' المنقرضة. ينشد اكثر الناس السلامة وينسحبون من مواطن الريبة والخطر خوفا وواقعية ورشدا! ومن ذا يلومهم؟ ولكن هناك بعض 'الشجعان' من الذين يؤكد وجودهم تلك القاعدة ولا يكسرها حتما! لم يجد محمد الهاجري متنفسا سوى في منتدى الاسهم القطرية (الله يعز الانترنت ولا يحرمنا منه) لكي يطلق صوته منتقدا موافقة من وافق من رؤساء مجالس الادارات في الشركات المدرجة في البورصة القطرية على تخصيص نسبة 2.5% من صافي الارباح (من دون ان تسمى زكاة او تعد كذلك) لمصلحة الاعمال الخيرية او الانشطة المختلفة. وتساءل محمد الهاجري: تحت اي افق قانوني يناقش معالي رئيس مجلس الوزراء في قطر تخصيص تلك النسبة؟ ولم لا يصدر مرسوما قانونيا؟ وهل يمكن اصدار هذا المرسوم بشكل جزئي فقط على الشركات المساهمة؟ يطالب الهاجري باتباع الاسلوب القانوني في اقرار خصم او تخصيص نسبة فيما يشبه الجباية الرسمية، مذكرا بأن الاوضاع الاقتصادية لا تحتمل الوصاية. ورد عليه مشارك حذر في المنتدى نفسه سمى نفسه 'عزوز المضارب' بأن المادة 121 من قانون الشركات التجارية تذكر أن لمجلس الادارة اطلاع الجمعية العامة على التبرعات مع بيان الجهة المتبرع لها ومسوغات التبرع وتفصيلاته من دون اخذ موافقتهم عليها، وان لم تذكر المادة شيئا عن تحديد نسبة ثابتة للتبرع. وقال 'عزوز' ان الجمعية العامة اختارت مجلس الادارة وفوضت اليه التوقيع على عقود بملايين او مليارات في مشاريع الشركة العامة، فهو اصلا مفوض مسبقا من قبل الجمعية العامة بالتصرف المالي، واردف قائلا: وان كانت هنالك مساءلة فلتكن من الجمعيات العمومية التي تعقد في نهاية العام المالي ولتطرح الثقة في مجالس الادارة. وهنا مربط الجحش ايها السادة!!فمن الصعب محاربة الفساد في غياب النظام الديموقراطي الذي يعني بالدرجة الاولى الفصل الحقيقي بين السلطات التشريعية والتنفيذية. ولا تشكوا للحظة في أن حاميها حراميها لانه من الواضح ان عددا كبيرا من مسؤولي الحكومات في كل المنطقة العربية قاموا بتأسيس شركات لافراد اسرهم واصدقائهم، مستغلين نفوذهم السياسي والمالي. واولئك الكبار يقومون بالتلاعب في اوضاع المواطنين ومصائرهم، ويسهمون في تعطيل قرارات كثيرة ويوعزون لاصدار اخرى في غير مصلحة المواطن، فضلا عن التجاوزات المالية الكبيرة التي يرتكبونها ويشجعون عليها (كل واحد لقمته على قد شبعته)، اما نحن فتطفح مجارير حياتنا (وانتو بكرامة) بالفساد والشلل والتخلف لكي تستفيد شركات حقيقية او وهمية ويتم تنفيع اشخاص معينين، ويغض الطرف عن هبشات كبيرة لكيلا يطال التحقيق حمى المجرمين المتسببين في تلك الفوضى والمتطاولين على كل ما هو عام و(عايم)!وعلى قولة الشاعر عبد الرحمن بن فهد:احترامي.. للحرامي..صاحب المجد العصامي..يسرق بهمة دؤوبه..يكدح ويملي جيوبه..يعرق ويرجي المثوبه..ما يخاف من العقوبه..

المحاولة الانقلابية في قطر


26/11/2007


نورة آل سعد :

صدرت مكرمة أميرية في قطر بالعفو عن 89 سجينا بمناسبة اليوم العالمى لحقوق الانسان منهم 32 سجينا قطريا، ولكن العفو لم يشمل في هذه المرة.. ايضا محكومي القضية الامنية التي سميت بالمحاولة الانقلابية الفاشلة.جرى في مايو من عام 2001 تلاوة الحكم النهائي في قضية المتهمين في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في قطر في عام 1996 ووصفت بأنها استهدفت زعزعة الامن والاستقرار، واصدرت محكمة الاستئناف برئاسة المحاكم العدلية احكاما بالاعدام (شنقا او رميا بالرصاص حتى الموت) ضد 19 متهما في القضية واحكاما اخرى بالمؤبد ضد 20 متهما وبراءة 29 متهما غير انه ذكر انه يراعى عدم تنفيذ عقوبة الاعدام الا بعد مصادقة سمو امير قطر. وكان المدعي العام قد اعلن في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 1997 عن احالة المتهمين في هذه المحاولة، وعددهم حوالي 119 متهما، الى المحكمة الجنائية الكبرى لمحاكمتهم عن التهم المسندة اليهم، وبدأت المحكمة اولى جلساتها للنظر في هذه القضية في 26 نوفمبر من العام نفسه، وكان النطق بالحكم من قبل محكمة اول درجة في التاسع والعشرين من فبراير عام 2000 حيث تمت تبرئة اكثر من ثلثي المتهمين واصدار احكام مؤبدة ضد الباقين، كما جرت تبرئة المتهمين من تهمتي التخابر والتجسس وحمل السلاح ضد قطر اللتين تصل عقوبتهما الى الاعدام، واقتصار التهمة على محاولة عزل الامير، الامر الذي دفع الادعاء الى تقديم استئنافاته المضادة، وكانت المفاجأة في الاحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف هي ما طرأ من تعديل على اولئك الذين حكمت محكمة اول درجة ببراءتهم حيث صدر ضدهم حكم جديد سواء بالمؤبد او الاعدام، وكذلك عدلت الاحكام التي صدرت من قبل اول درجة من مؤبد الى اعدام بحق بعض المتهمين الامر الذي اثار دهشة كبيرة. وقد صرح ما سمي بمصدر مطلع وقتئذ بأن محكمة الاستئناف قد عكفت- قبل اصدار احكامها -على دراسة المراجع الفقهية والقانونية والتاريخية ذات العلاقة بالتشريعات الخاصة في مثل هذه القضايا والمعمول بها عربيا وعالميا، الا انه بدا جليا ان تلك الاحكام انما جاءت ردعا لكل من تسول له نفسه التآمر على زعزعة الامن والاستقرار.لم يعلن قط عن انتماءات سياسية لاولئك المتهمين ولا عن ميل الى تنظيمات دينية، بل لقد اكدت الاحداث بعدها أنهم ليسوا سوى مجموعة تورطت في مناصرة طرف على آخر، وقد أغروا - بلا شك- بالمال والمغانم من التقريب والتنصيب.اهتز وجدان المجتمع القطري الهادىء بعيد تلك الاعتقالات بيد ان الاحداث التالية ابرزت ملامح سديدة تميز بها العهد الجديد الذي بدأ بتولي سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم في قطر في يونيو عام 1995 وكان على رأسها التأكيد على صورة القضاء النزيه الذي حرص على تأمين حق الدفاع للمتهمين عن انفسهم، سواء من حيث توكيل المتهمين لمحامين، او تكليف المحكمة لمحامين بالدفاع عن آخرين، كما تمت احالة اولئك المتهمين (ومعظمهم من السلك العسكري) الى محكمة عدلية، فليس في البلاد محكمة امن دولة او محكمة عسكرية، وقد استنفد المتهمون ودفاعهم درجات التقاضي العدلي، واستدعت المحكمة لاول مرة عددا من الشهود من الشخصيات السياسية في البلاد منهم رئيس الوزراء آنذاك الشيخ عبد الله بن خليفة آل ثاني ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني اللذان ادليا بشهادتيهما علانية، وفتحت أبواب الجلسات للمسؤولين عن حقوق الانسان حيث تم توجيه الدعوة لمنظمة العفو الدولية ولسفراء دول اجنبية وعربية لحضور المحاكمة.على الرغم من تورط المتهمين في قضية انقلاب على الحكم واصلت الدولة صرف مرتباتهم لمصلحة اسرهم لعدة سنوات حتى جرى النطق بالاحكام، فجرد العسكريون من رتبهم وفصل المدنيون من اعمالهم، ولكن لم يحرم اهاليهم حتى اليوم من حق الاتصال الهاتفي والزيارات الاسرية فضلا عن الزيارات الخاصة للزوجات. يتطلع اهالي المحكومين في هذه القضية الى صدور عفو اميري كلما اقبل رمضان وقبيل كل عيد للمسلمين آملين ان يسدل الستار بأمان ونهائيا على تلك القضية التي دخلت اليوم عامها الثاني عشر. *

الجمعة، 30 يناير 2009

صبه .. رده


31/01/2009

كتب نورة آل سعد :
صدرت توجيهات حكومية في قطر بدمج العديد من الشركات المدرجة ببورصة الدوحة، باعتبار ذلك الخيار الأمثل، وربما الوحيد ، في الأفق المنظور في ظل الأزمة المالية التي تعصف بالعالم وأدركتنا تداعياتها بالرغم من كل التصريحات الرسمية التي نفت تأثر السوق القطري بتاتا!ومن أشهر تلك الاندماجات ،تلك الصفقات الثلاث التي شهدتها السوق المالية خلال الآونة الأخيرة وعلى رأسها اندماج شركتي بروة والعقارية، ويشاع أن ثمة مشكلات مالية تواجه شركة بروة نظرا لاضطلاعها بالعديد من المشاريع العملاقة والممولة من البنوك! وبما ان دولة قطر تملك الحصص الأكبر في كل الشركات التي تزمع الاندماج ،مثل الميرة ومواشي وبروة والعقارية، فان من حقها بالتالي اتخاذ اي توجهات مثل: التوجه الى الاندماج، ولن يكون لرأي المساهمين في مجالس الادارة أي أهمية تذكر اذ يبدو ان تلك الشركات - في نهاية المطاف - تندمج مع نفسها! وبصورة اضطرارية بهدف انقاذ ما يمكن انقاذه! واذا كانت شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري تملك ما يشكل 45% من رأس مال شركة بروة، فان اندماجهما معا يعد تحصيل حاصل! وبالرغم من ان الامر لم يزل - كما اعلنت الصحف - في طور الدراسة المتأنية والاعداد، ولم تتضح كيفية الاندماج عمليا فإن الصحف عاجلتنا بالتبشير بنجاحها سلفا! على ألسنة الأشخاص الذين اختيروا لاستطلاع آرائهم! في حين لم يتم الاعلان بعد عن برنامج زمني يحدد موعد نتائج دراسة دمج تلك الشركات. لقد اعلن قبل حوالي شهرين عن اندماج شركتي النقل البحري والملاحة مالياً، ولكن الاعلان منذ اسبوع فقط عن الاندماج بين شركة الميرة للمواد الاستهلاكية والشركة القطرية لتجارة اللحوم والمواشي، أثار استغرابا وتندرا وتكهنات! فقد زعم البعض ان الغرض من اندماجهما هو «التغطية على خسائر مواشي وتحميل الميرة أعباءها ،ورفع يد الحكومة من المساعدة السنوية للمواشي» بينما زعم البعض الآخر بأن «وراء ذلك خللا ماليا في شركة الميرة!».وقد تسارعت منذئذ وتيرة التكهنات والإشاعات بسبب غياب المعلومات التفصيلية الواضحة عن الناس من جهة، وبسبب عدم ثقة الناس في «السيستم» الذي يشرف على اداء تلك الشركات ومحاسبتها من جهة اخرى،! ..لا جرم - اذا - ان مصداقية «الرسمي» تتزعزع ازاء غلبة «الشعبي»، فكثيرا ما تطغى الإشاعة على التصريح الرسمي! ولذلك صار أهل قطر يلجأون الى التندر على مجمل الأحداث والأوضاع ومنها تلك الاندماجات من خلال رسائل نصية متناقلة ومنسوجة على نمط النكت ..التي سبقنا اليها اخواننا المصريون!ترى هل من الممكن خلق تكتلات اقتصادية ناجحة وقادرة على المنافسة عبر الادماج الطارئ والاضطراري وفي ظل مناخ احتكاري وموبوء بالمحسوبية والتسيب والقوانين المتغيرة او تلك التي هي قيد التعديل؟وهل ما يتردد من تحذير من رفع الحماية الحكومية بحلول عام 2012 عن الشركات يشمل ايضا تلك الشركات التي تملك الحكومة اكبر حصصها؟لقد التزمت قطر بفتح أبوابها لأنها وقعت على الاتفاقية الخاصة بالتجارة العالمية , فهل ستتمكن من استيفاء المتطلبات و»تضبيط شؤونها» في اقتصاد يوجه بأذرع حكومية وانفاق حكومي في كل قطاعاته؟وهل ستتوفر الشفافية حتما بحلول ذلك الأمد تلقائيا؟ وما الذي يضمن تدفق المعلومات لجميع الأطراف على قدم المساواة؟ وهل ستتمكن الصحافة يوما من تحليل الأخبار والقرارات الاقتصادية بحرية اكبر بحيث تتعدى تغطيتها مانشيتات الترحيب والتبشير بالرخاء ونفي التأثر بالأزمة المالية، التي يبدو انه لم ينج منها - غيرنا - في العالم!تتوالى الأخبار عن قيام جهاز قطر للاستثمار بمباشرة الاكتتاب وبنسب متفاوتة في مختلف الشركات ووفقا للقيمة السوقية لتلك الأسهم في السوق المالية المصطبغة بحمرة قانية، كأنما ترمز الى دم المساهم الصغير المعجون بين سندان الحكومة ورحى المساهمين الكبار بالشركات!هل ستعمل تلك الاكتتابات على ضخ السيولة وتحفيز التمويل في السوق المالية؟ وهل ستعيد اليها الحيوية ولو مؤقتا؟؟ هل هناك ما يجبر البنوك على تغيير سياستها الراهنة؟ هل ستغير تلك الاكتتابات الحكومية من المعطيات الرئيسية في الاقتصاد ومدارها الانتاج والأرباح التشغيلية ام انها ستكون صبه.. رده؟

غزة والجزيرة


17/01/2009


كتب نورة آل سعد :
... وعادت الجزيرة الى واجهة الاعلام العربي بسبب تغطيتها الحية والمتفوقة لمحرقة غزة المحاصرة. لم يزل البعض منا في قطر يشعر باننا لم نقم باستغلال الجزيرة بما يكافىء ما ينفق عليها من جهة، وما نعانيه من صداع جراءها من جهة اخرى، حتى بثت الجزيرة خطابا مؤثرا لسمو امير قطر وجهه الى العرب والعالم. وفي مساء الاحد الماضي استضافت الجزيرة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، وخرجت جريدة «الراية» في اليوم التالي بنص الحوار كاملا (تقريبا) فضلا عن تغطية لندوة نظمت من قبل ناد رياضي حول خطاب امير قطر.أما رئيس الوزراء فقد بسط عجز العرب، وكشف عن خلافاتهم والشروخ العميقة بين الحكومات العربية فيما يشبه دفاعا مبطنا عن قطر، وهجوما غير مباشر على الدول العربية الاخرى. وبالرغم من ان الحوار ركز على الدعوة الى اجتماع وزاري عربي فقد تجددت بعد يومين من الحوار الدعوة الى قمة عربية بالدوحة بعد مضي اكثر من اسبوعين على الفشل الاسرائيلي في تحقيق اهداف حملته العسكرية بآلياته المتطورة لمنطقة محاصرة ومعزولة، فلم يفلح العدو الصهيوني في اقتلاع حماس، ولا حتى ايقاف صواريخ «غراد» التي بلغت مدى ابعد بعد التوغل البري. وترسخ تغطية الجزيرة حقيقة ماثلة وهي ان الانتصار في بقاء المقاومة التي لم تعد تمثلها سوى حماس السنية، بقطع النظر عن تحالفات حماس وارتباطاتها التي تجعل الكثيرين يضربون اخماسا في اسداس خالطين ما بين ما هو مرحلي بما هو استراتيجي. وقد ألقى أمير خطابا آخر في فجر يوم الخميس الماضي عبر الجزيرة بعيد دعوة مفاجئة للسعودية لقمة خليجية في اليوم ذاته وقال فيها سموه انه بإمكان قمة الدوحة - المستهدفة بالافشال - اتخاذ خطوات مهمة بينها تجميد مبادرة السلام العربية والدعوة لوقف التطبيع مع إسرائيل وفتح جميع المحاور فوراً وإنشاء صندوق لإعادة إعمار غرة كما أعلن عن تبرع قطر بمبلغ 250 مليون دولار.وكان الكاتب محمد القحطاني قد طلب اغلاق مكتب التمثيل التجاري الاسرائيلي في قطر، مستندا الى ان كل اهل قطر وليس اغلبهم فقط مع اغلاقه، ووقف التطبيع المجاني. ولكن اذا لم يستشر القطريون في فتح المكتب المذكور فهل يكون لهم رأي في اغلاقه؟ وقد وجه د.عبد الرحمن بن عمير النعيمي مناشدة الى سمو امير قطر باغلاق المكتب الاسرائيلي، وذلك عبر رسالة في منتداه (المنبر القطري). وعلى الرغم من ان سمو أمير قطر قد شدد في خطابه الاول على ان من شأن عدم إيقاف العدوان على غزة أن يؤثر على علاقة قطر باسرائيل، فإن رئيس الوزراء القطري ربط اغلاق المكتب التجاري الاسرائيلي بقرار جماعي عربي، في حين انه من المعلوم ان إقدام قطر على فتح المكتب قد تم بقرار منفرد كما ان رئيس الوزراء ذاته قد اكد آنفا بأن العرب غير مستعدين لإتخاذ اي موقف موحد فيما يخص معضلاتهم الرئيسية. والغريب ان صحيفة ايطالية قد استقرأت في خطاب امير قطر تلويحا باغلاق وشيك للمكتب التجاري، بينما لم يشر الى ذلك الامر احد من الذين شاركوا في ندوة محلية تناولت الخطاب نفسه!!ونعى د.يوسف الحر على القناة الانكليزية لشبكة الجزيرة فقدانها للبوصلة في تغطيتها لمحرقة غزة، وتساءل «هل جاء إطلاق الإنكليزية بعد نجاح القناة العربية بهدف استكمال اعداد الفضائيات المسيسة في الاعلام الغربي على شاكلة الـ CNN والـ FOX وغيرهما؟». في حين لفت احد الزملاء نظري الى الحالة «اللامعيارية» الطاغية التي تصطبغ بها الاوضاع والخطابات السياسية، فهناك فراغ كبير لن تملأه زئبقية الموقف العربي واستغراقه في «السمسرات» والمزايدات المتبادلة! يقلقني تصريح العاهل الاردني للجزيرة منذ اكثر من اسبوع بان ما يزعجه هو ما بعد غزة! لقد احسست في مناسبات واحداث لا تحصى بان التاريخ لا يتحرك! اما وقد ترددت في الافق ملامح انهيارات وانكشافات جديدة، فانني لا ادري الى اين نقاد؟ وهل ذلك هو التحرك الذي يستبطن تغييرا منتظرا للعالم بعد غزة؟

الرواية النسوية في الخليج


27/12/2008

قطر الندى


كتب نورة آل سعد :

ترتكز موجة روائية فضائحية تقودها المرأة في الأدب الخليجي على «ثيمة» الجنس، ليس بوصفه حاجة او رغبة فحسب، بل باعتباره محورا أساسيا لفعل الإنسان وأفكاره ومواقفه. لم تعد المرأة في الخليج تستخفي وراء أستار الحب العذري، بل أصبحت تتحدث عن تجارب وخبرات جسدية سوية ومنحرفة.تتلمس الكتابة النسوية في الخليج طريقها نحو المعاناة الخاصة، فقد غدت كتابة من منظور المرأة عن نفسها ووسطها وعالمها! وأصبحت الكتابة ذاتها موقفا تتخذه المرأة ضد «الآخرين»! انها تجربة خاصة بالكاتبة، ولكنها متعلقة بجنسها الأنثوي أيضا. لم تعد المرأة الكاتبة تلحق نفسها وقلمها بركب مشروع سياسي او اجتماعي! ان المرأة اليوم مشغولة بذاتها لا بالعالم، ولا ينفي ذلك تأثرها البالغ بواقعها وقواعده ومحدداته، ولكنها لا تتجه إليه، بل الى تلك الحجرة المغلقة في داخلها، متجاوزة طبقتها ومجتمعها وظروفها لان ذلك هو السبيل الوحيد للتحرر او.. الهروب. ان استحواذ المرأة على المشهد القصصي، واستئثارها بالسرد الروائي تقريبا يدعوان الى الغوص في سيكولوجيا الذات النسوية والأسباب الاجتماعية لتمردها الجسدي. لقد عدت المرأة دائما جسدا! وها هي ذي تعيد ذاكرة الجسد وتفتح الأبواب المغلقة عليها.. ودونها! لقد عبّرت المرأة دهرا عن الأصوات الأخرى، وقمعت صوتها الداخلي وذاكرتها الخاصة، وآن الأوان لكي ترسم هي ذاتها هويتها العاطفية وتبسط تفاصيل ذاكرتها ووعيها لنفسها وجسدها وعالمها الأنثوي.لقد صدرت منذ منتصف التسعينات نحو 300 رواية سعودية، فضلا عن الروايات الأخرى في الخليج، وقيل إنها أنتجت كثيرا من الجنس وقليلا من الأدب، وقد كتبت المرأة بالذات أكثر الروايات شهرة ورواجا.ينعى عبدالقادر عقيل على إبداعات المرأة العربية في الوقت الراهن أنها تتنكب محاكمة الواقع السياسي والاجتماعي، وتتجه بقوة نحو اتخاذ الجسد محورا مفصليا ومعبرا عن «ترددات الحرية». ذكر عقيل عددا من الروايات واصفا إياها بأنها أعمال جادة أغنت المنجز الروائي العربي، بيد انه شدد على ان النجاح الذي حققته تلك الرواية النسوية دفع الكثيرات الى ارتياد الدروب السهلة على حساب المبنى العام للعمل الفني. لا شك ان الجسد يروج لتلك الأعمال من دون سواها، لان عددا من النصوص الإبداعية في الخليج لم تطبع الا مرة واحدة!! وبعضها كان إبداعا لافتا ونال حظا من الدراسة والتحليل النقدي، ولكن من دون ضجيج او رواج. لست أنكر أن «الرواج» يتعلق بأمور عديدة ليس لها علاقة بالأدب الجيد او الرديء، مثل طبيعة السوق والأوضاع العامة وذائقة القارئ العربي وظروفه الاجتماعية والسياسية.وفي معرض حديث د. عبدالله الغذامي عن العلاقة الوثيقة بين التنويرية والجماهيرية، وصف الروائية رجاء عالم بأنها كاتبة ارستقراطية، في حين عدّ رجاء الصانع «سواليفية»! وقد راجت بنات الرياض لرجاء الصانع لانها واقعية في طرحها وممتعة ومبتكرة، على حين كسدت روايات رجاء عالم لانها متمنعة ومجافية للذوق العام الذي يحبذ السردي والحكائي على فنون الترميز والغموض.أريد القول أخيرا ان الرواية، التي تستند الى وصفة الجنس وحده بصورة مقصودة ومفتعلة، ليست سوى كتابة إباحية (بورنوغرافية)! لقد توغلت المرأة الكاتبة في الخليج في مناطق الحظر من دون ان تقدر حقا مقدار التبعات المترتبة عليها، لذلك نجد أسماء تظهر ثم تخبو سريعا، وقد تصفعها قسوة الحظر في الداخل فتنكمش، وكثيرا ما تستتر وراء أسماء مستعارة، وقد تكون مقيمة أصلا في الخارج او منعزلة - طوعا او كرها - عن الحياة العامة. ومن متابعتي لشهادات بعض المبدعات في الخليج، استشعرت - كسواي - غلظة القيود وتعاضد التابوهات السياسية والاجتماعية، وقسوة المعاناة على الأنثى. فهي محض تكوين هامشي في السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. لقد جربت المبدعة في الخليج محطات متعددة، وتنقلت بينها في بحث مضن عن ذاتها، ولكنه كان مجزيا أحيانا، فقد أضحت الكتابة ضرورة أنثوية، لا لكي تعبر المرأة عن مطالبها فحسب، بل لكي توثق تاريخها وحضورها الاجتماعي ووجودها المادي.