الجمعة، 13 فبراير 2009

الديمقراطية القطرية


29/12/2007

كتب نورة آل سعد :
ليس لنا - بداية - ان نتوهم بان الدستور القطري الدائم حقيق بتبني أسمى صور الديموقراطية، وقمين بان يرد الكلمة الأخيرة في إصدار التشريعات الى الأمة التي يمثلها مجلس الشورى المرتقب، وذلك انطلاقا من واقع معطيات أحوالنا الاجتماعية والسياسية ذاتها. هل توجد - بعد - الأمة الناضجة القادرة على إدارة شؤونها بإرادة مستقلة والمالكة للآليات والوسائل الضرورية والمتمتعة بالضمانات القانونية والمدنية؟ لعل ما سبق يفسر لنا جزئيا سبب استمرار الرؤية السياسية ذاتها التي تحبذ التأجيل وتمارس التسويف بحجة التدرج والتطور البطيء في التوجه الديموقراطي (وان لم يكن يسوغها تماما!).نستطيع بلا شك، مناقشة بنود الدستور من الناحية النظرية، لكننا نعلم ان الأمور مختلفة في الواقع العملي وتخضع لاعتبارات عديدة ومؤثرات مهمة قد تفرز نتائج متناقضة بحسب اختلاف زاويا النظر.ما آليات التمكين في عملية المشاركة السياسية؟ وما الضمانات لعدم انتهاك حق المشاركة السياسية والحقوق المدنية الأخرى، كما كفلها الدستور القطري الدائم، لكن قيدتها قوانين أدنى مرتبة من الدستور وسمو مقامه؟ أسئلة تقودنا الى التساؤلات التالية: هل يترك للسلطة التنفيذية مطلق الحرية والصلاحية بان تضع الضوابط وتحدد المرتكزات وتعتبر راعية الحريات والمسيطرة على مجريات الأمور كيفما شاءت؟ فمن إذا يراقبها ومن يستطيع حقا محاسبتها؟ وهي التي تملك وحدها تفسير القوانين وكيفية تنفيذ التشريعات وتتدخل لمراقبتها وتفعيلها بحسب ما تقتضيه مصلحتها؟ وما مصداقية التشريعات اذا كانت مقيدة ومحبطة لكل محاولات الشراكة الحقيقية؟وأين هي مؤسسات المجتمع المدني؟ وما مدى فعالية صفتها الرقابية في ظل الظروف الراهنة؟!كلنا يعرف ما يشوب الانتخابات وعملية اختيار نواب الشعب في 'اللعبة' الديموقراطية من أخلاط الهوى والأغراض السياسية والتحالفات بين أصحاب النفوذ والمال. وهذا الأمر قد أعطى - للأسف - السلطة التنفيذية في مجتمعاتنا خاصية استثنائية، فهي صمام الأمان الذي يناط به استقرار المجتمع وتوازنه، وهي التي تتكفل بحفظ حقوق المعدمين وكبح جماح مراكز القوى واستئسادها على مصالح العامة، لانها تتمتع بالسلطة والقدرة ولأنها تجد أن من مصلحتها ان تحجز بين القوى المتصارعة وان توازن بينها لئلا يتقوض النظام العام للمجتمع. لا يستطيع نظام ادعاء الفصل بين السلطات الثلاث بمجرد اصداره 'دستورا' مكتوبا، لاسيما اذا كان مناقضا للدستور العرفي والفعلي في المجتمع، الذي يستلهم بنوده وقوته وهيبته ومصداقيته من جملة من الأسس الموضوعية المؤثرة.من اسف، اننا نطالب بعدم التدخل الرسمي السافر، لكننا نصرخ بعد 'شوية': 'يا حكومة الحقينا'، مطالبين أجهزة الدولة بالقضاء على المحسوبية والواسطة وظاهرة شراء الأصوات، بل نطالبها بتغيير السلوك الانتخابي! ولكن بذمتكم من ينظم الانتخابات؟ ومن يشرف عليها؟ ومن يراقبها بصورة أساسية؟ ومن الذي نناشده لكي يسن قوانين لضبط الحملات الانتخابية ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص؟!بل اننا- فوق ذلك كله -نتوقع من السلطة التنفيذية ان تطعم المجلس المرتقب بالعناصر الجيدة 'الكفو' عبر التعيين لإنقاذ الموقف اذا وصل 'الردي' بالانتخاب، فليس من المعقول ان يترك التشريع بيد مجلس ينتخب بطريقة عشوائية وبناء على اعتبارات مريبة من محاباة وموالاة وتمويل في مجتمع ناشئ تعود ان يهب للنجدات و'الفزعات' الوطنية من باب النخوة و'الحميا'، كما حصل مثلا يوم الاستفتاء العام للموافقة على الدستور القطري الدائم!

ليست هناك تعليقات: