السبت، 28 فبراير 2009

المصلحة العامة !!


21/02/2009
كتب نورة آل سعد :

تصاعدت وتيرة الاحتجاجات منذ حوالي الشهر، حول موضوع نزع الملكية في مناطق عدة في الدوحة وخارجها، في ما يشبه عزم حكومة قطر على استملاك كل مناطق قطر. وقد قيل ان الدولة عازمة على اعادة تخطيط واعمار بعض المناطق وتحويل بعضها الآخر الى محميات!وقد نزعت بالفعل ملكية العديد من المناطق باسم المصلحة العامة، بعضها من اهم الشوارع التجارية في الدوحة، مثل الخليج والاصمخ والنجادة ومشيرب، بالاضافة الى الريان القديم والريان الجديد والغانم وغيرها. وفي ما يخص منطقة الحضارمة مثلا (تقع بين الدوحة والوكرة) فقد سجلت سندات ملكية لما بداخل الكيلومتر المحدد فقط، وعُدّ ما هو خارج ذلك ملكا للدولة!لعل اهم ما اسفر عنه ذلك السيل من الشكاوى والتظلمات في البرنامج الجماهيري الاذاعي وفي المنتديات القطرية، طرح مفاهيم مفتاحية عدة ـ وان لم تشبع مناقشة وتحديدا ـ مثل مفاهيم: الدولة والحكومة والامير والشعب والدستور والقوانين والاملاك العامة، والمصلحة العامة.يرد الخبير الاداري حمزة الكواري ذلك «التغبيش» في الطرح الحكومي الى الخلط بين الدولة ككيان والحكومة كجهاز، فهناك خلط بين اراضي الدولة وبين املاك الحكومة للاراضي المقامة عليها منشآت عامة، ويبدو ان هناك من المواطنين من يتهم اللجنة الحكومية المعنية بنزع الملكية والتثمين بالاستيلاء على اراضيهم! اذ يزعم ان ما لم يدخل في التخطيط الحكومي هو ملك لوزارة البلدية والزراعة او الحكومة! بينما يؤكد القانون انه (تنزع ملكية الاراضي التي عليها سند ملكية للمصلحة العامة) وشتان بين الأمرين!لقد اصدرت دولة قطر سنة 1988، 21 قانونا لتنظيم العلاقة في ملكية الاراضي بين المواطنين والحكومة، ثم صدر قانون بتعيين حدود قرية الغشامية في 1992، وما يجري التنبيه عليه هو انه خارج تلك الحدود توجد أراض لمواطنين ستتم المطالبة بها بمجرد دخولها في التخطيط العمراني، ولا يجوز للحكومة ان تقوم بتملكها بغير الطرق القانونية.ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن منطقة الوسيل ورسوم قلعة، ومنازل مؤسس الدولة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، قد ظلت طوال العقود الماضية ملكا لذريته، وهكذا يجدر ـ بالمثل ـ ان تبقى منازل اهل قطر وقبائلها ملكا لذراريهم من بعدهم، لا سيما انهم يستطيعون اثبات تلك الاحقية بالاوراق الثبوتية واحيانا بالاحكام القضائية! وقد نبه حمزة الكواري على انه لا تجوز الاضافة او التعديل على قانون تحديد القرى والمدن الا بالاداة نفسها، التي صدر بها، وذكر ان الخلل في القانون هو ان سندات ملكية الاراضي خارج المدن تصرف بقرارات من وزير البلدية وكتب قبله د. محمد الكبيسي، مؤكدا ان اللجنة المذكورة قد تعدت على حقوق الآلاف من المواطنين من دون ان تقوم جهة ما بردعها، لدرجة ان البعض من المواطنين بحوزته احكام قضائية للتنفيذ ولكن من دون القدرة على تنفيذها!إذاً، يلاحظ الكواري ان هناك مادة في القوانين المذكورة استغلت في تغيير حدود المدن والقرى، سواء بالحصول على اراضي الدولة او من المواطنين باسعار اقل من قيمتها الحقيقية، باعتبارها خارج التخطيط العمراني او الحدود، وبعد الشراء دخلت الحدود!ويرد الكبيسي بدوره، على كلام اللجنة الحكومية المذكورة وتأكيدها انه لم ولن يتم تسجيل اي ارض خارج الحدود الا باسم الدولة، بقوله: «ونحن نقول لكم وبالادلة والبراهين ان سندات الملكية للاراضي الواقعة خارج حدود المدن والقرى، قد صرفت باسماء اصحابها ولا تزال تصرف وبقرارات من سعادة وزير شؤون البلدية!».ستتأثر شرائح متعاظمة من المقيمين والمواطنين حتما من عملية الاستملاكات الواسعة للحكومة وما يتبعها من اجلاء وهدم وتغيير ديموغرافي، غير ان عواقبها البعيدة قد تكون اكثر تأثيراً وأهمية!

ليست هناك تعليقات: