الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

المكان دلالات كشفية في رواية ( أشجار البراري البعيدة )

للروائية دلال خليفة
نورة ال سعد
مايو 2005

يحمل البعد المكاني دلالات الكشف عن رواية الانسان عن نفسه وعن الآخرين لاسيما عندما يقدمها ساردا بضمير المتكلم ويعكس فلسفته في الحياة ولذلك يرتبط هذا البعد بوجود الإنسان وحركته وتفكيره ومصيره كذلك . والمكان يشكل هاجسا واقعيا وذهنيا في الوقت نفسه واذا تنافر الأمران فان المرء يعيش حينئذ فيزيقيا في مكان بينما تعيش روحه مكلومة ومحكومة بقانون مكان آخر.
 
إن المكان ليس أرضا وسماء ولكنه تشبيك معقد من الانثربولوجيا والهوية والانتماء والحاجات الأساسية والوعي الفردي والجمعي وبدون المكان المتعين ينتفي الزمن أصلا ويصبح بلا علائق ولا موجودات فعلية . إن الإنسان لا يستطيع استبطان افكاره وذكرياته ومخاوفه وتطلعاته بدون ان يتقاطع ذلك –غالبا- مع مكان مخصوص واقعيا كان ام خياليا . والرواية عندما تدور في نطاق سرد ذاتي حول شخصية رئيسة  تثير أسئلة ممهورة بطابع الزمكانية باعتبار الرواية ذلك التخييل الفني الذي يوهمنا بموازاة الواقع بيد ان يستقل عنه تماما في (واقع) روائي مخصوص .
ليس المكان إذن في هذه الرواية إطارا جغرافيا زائدا أو محايدا لأحداث لابد أن تقع في مكان ما بل هو – في المقام الأول - عنصر جمالي مرتبط عضويا بنسيج الرواية ومضامينها وبنائيتها وعلاقاتها الداخلية وفي تكوين الشخصية وتفاعلها مع محيطها ومصيرها .
ان الامكنة في رواية دلال خليفة ( أشجار البراري البعيدة ) تساهم في الكشف عن معان ومضامين وعن رؤية للشخصية تدفعها في هذا الاتجاه أو ذاك . ان الامكنة تطور الحدث وتصّعده وتتشكل ضمنه شخصية الراوية ( نورة ) وباقي الشخوص وتتضح افكارهم وردود افعالهم . ان الامكنة هي واقع قائم بذاته يتحاور مع الشخصية ويجسد طريقة تفكيرها ويكشف تدريجيا عن معاناتها.
ان الأمكنة تتوالى ويتبدى أثرها في سير الرواية التي تبدأ من موقف معين يجعل نورة تنسحب الى حجرتها وتنسحب الى ذكرياتها وهذه الاستعادة لشريط الذكريات تسير في إطارها العام في خط متتابع  يبدأ برحلة إلى انجلترا للدراسة وينتهي بعودتها الى الدوحة .  برغم ضيق المكان في الدوحة ومحدوديته تتحرك  نورة بفاعلية في محيطها الأسري والاجتماعي وتبدو شخصا مسئولا ومنضبطا في سلوكياته وتفعل نورة ما يجب فعله بصورة توهم نفسها بأنها طوعية واختيارية.. وبطولية .
ولا تبدو الأمكنة في انجلترا معادية بوصفها (المكان الآخر) بل تتحرك نورة في الأماكن المتعددة وتتعامل معها بشكل مباشر وجلي (   الجدار الروماني – سوق الاحد المكتظ – سكن الطالبات الداخلي  – مبنى الجامعة العريق - بيت جدة دونالد وحديقتها التقليدية ) وهذه الاخيرة تصورها (نورة) بوصفها سيدة عجوزا تقدس تقاليد عفا عليها الزمن بل اننا نحس من سرد (نورة)  التهكمي ووصفها للجدة وبيتها وتصرفاتها بصورة انجلترا العجوز المسرفة في التشبث بتقاليدها وأمجادها الغابرة .
لم يستطع المكان عموما في انجلترا أن يبهر ( نورة ) أو يغير قناعاتها وان خضعت (نورة) لمحدداته الموضوعية ووظفته الكاتبة دلال خليفة لتستحلب منه دلالات نفسية وشعورية ايحائية . ولم يتغير موقف ( نورة ) المحايد نحو المكان الاجنبي عنها حتى بعد ارتباطها بدونالد بعلاقة حب ولذلك لا توجد في الرواية فقرات مسهبة في وصف الأمكنة لان (نورة) تصف المكان باقتضاب كما تراه وتنظر اليه وهي تتحرك فيه .
لاشك أن المكان يلعب دورا مهما في السرد الروائي الذي يأتي على لسان الراوية وهي الشخصية الرئيسة (نورة) ، وتقدم نورة في سردها الذي تندغم فيه عدة تكنيكات تتقاطع وتتشابك ولكن يجمعها السرد القصصي باعتبارها شريط ذكريات مضت ، سجلته الراوية نورة في ملف سري على قرص مدمج وأخذت تتأمله وتطعمه –دائما- بموقفها ورؤيتها فليس هناك شيء لا يأتي من قبل وجهة نظر الراوية نورة مصبوغا بكلمتها حتى في الوصف والحوار والخبر وتقديم الشخصيات الاخرى والحكم عليها. ومن خلال ذلك السرد المتنوع الذي لجأ الى الفلاش باك في مشاهد مستعادة من الذاكرة متجاورة جنبا الى جنب حول علاقتها العاطفية بدونالد خلفت مرارة عظمى بسبب أثرها الناتج عن المفارقة بين ماحدث هناك ( في انجلترا ) وما يحدث هنا ( في الدوحة ).

يجب أن نتوقف ونسأل هل كانت الحاجة ضرورية الى إثارة مسالة الاتصال بين الشرق والغرب من خلال قصة حب حسبما عهدنا في الرواية العربية في نماذج معروفة ؟ ان هذا الموضوع ليس ذا صفة رئيسية مقصودة لذاته في هذه الرواية فإن قصة الحب الرومانسي التي عكست تكافؤا وانسجاما بين المتحابين نورة ودونالد  كانت -بلا جدل- محكا لابراز الموضوعة الأساسية للرواية وهي تلك الانشعابات الاجتماعية والانسدادات الثقافية وجملة التناقضات والأوضاع الفظة التي تقتضي من الأفراد الأحرار أن يروضوا أنفسهم على تقديم تنازلات مستمرة سرعان ما تودي بإنسانيتهم وكرامتهم.. و سعادتهم دون أن تقدم في المقابل بدائل معقولة أو كافية .
لم يأت التقابل في رواية ( أشجار البراري البعيدة ) إذا بين الشرق والغرب صراعا أو انبهارا بل كان الامر مستقرا في نفس نورة  منذ البداية فلم تكن منجذبة بأفكارها ومشاعرها الى الغرب ولا مأخوذة به كما لم تكن تزدريه أو تنغلق دونه . ان نورة شخصية واعية بذاتها ووجودها وكانت طريقة تفكيرها التنظيمية العملية باعثا على ميلها الرومانسي المؤقت الى استاذ البرمجة الحاسوبية القصير الاصلع حتى ظنت انها ستحبه ولكنها للمفارقة وقعت في حب شخص على النقيض من الشخصية الغربية النمطية ونعني بها الشخصية العملية الديناميكية الايجابية المادية فقد كان حبيبها الانجليزي دونالد مدرسا مثقفا شاعرا أشبه ما يكون بقيس عذري رومانسي في ملامحه وشاعريته وحبه لها وتصرفاته حيالها .

لقد كانت ظاهرة الفضاءات الخارجية في الرواية الخليجية ظاهرة طبيعية وغير طارئة فقد تحققت لدى روائيين ومبدعين خليجيين كثر استبطنوا النص الروائي بانزياح مكاني الى مدن عربية وغربية عكست تجارب الروائيين الخليجيين وخبراتهم الخصبة ولبت احتياجات الرواية الخليجية التي ولدت ناضجة في مضامينها وآفاقها وتشعب علاقات أهلها بالاغيار الوافدين وعبرت عن اتصال الشخصية الخليجية الواعية بالثقافات المتعددة وانفتاحيتها النسبية بسبب تسارع وتائر المثاقفة والتغير الاجتماعي حصادا لطفرة نفطية نقلت المنطقة بسرعة قياسية من مرحلة الى أخرى .
ولكن لماذا كان يتحتم على شخص الحبيب أن يكون انجليزيا ؟ لم لم تدرس نورة في بلد عربي وتحب شخصا عربيا ؟ لقد كان دونالد – برأينا - انجليزيا – بالضرورة -لان الاشباع العاطفي الكامل والمثالي بين الرجل والمرأة كان يجب ان يصور في هذه الرواية مستحيلا الى درجته القصوى فليس ابعد من افتراق الدين والثقافة .  وقد وطنت الشخصية (نورة) نفسها على هذا الامر باعتباره قضية مسلما بها منذ البداية وتحدثت الى دونالد في هذه المسألة وحسمتها بشكل قاطع ولكنها سوغت لنفسها استمرار اللقاءات بينهما برغم ذلك .
لقد مثل دونالد فكرة الحب الطوباوي في نظر امرأة مثقفة تنشد اكتمال وجودها ووعيها في عين شخص آخر يعتبرها ( ملكة ) لانها أدركت استحالة تحقق الحب بوصفه الحالة التي تتجلى فيها اكتمال العلاقة بين شخصين ناضجين مستقلين يحترم كل منهما وجود الآخر وكينونته وإرادته ويشتركان معا في النظر الى شؤونهما الفكرية والعاطفية على قدم المساواة لأن ذلك لم يكن ممكنا في إطار الواقع الاجتماعي القطري حتى بين الأقارب من ابناء العمومة والخؤولة بسبب تلك الظروف المحبطة التي تجهض تكوين وعي الأفراد وإرادتهم وعلاقاتهم برغم أواصر القرابة وظروف العمل وتعهدات الحب وعقود الزواج .
ولذلك كان دونالد غربيا ومتحضرا لان الحضارة – في أصدق مظاهرها -  تهذب حواشي النفوس وتنتج – غالبا- آدابا وتقاليد وأسسا للعلاقات المتوازنة والمتكافئة بين الرجال والنساء .




لقد قامت الشخصية الرئيسية عبر سردها بنظم حبات الأحداث والتجارب والخبرات في عقد من الأفكار يشكل تنظيما معماريا فكريا لترتيب ما جرى بحسب نظرتها لنفسها وللمجتمع ترتيبا ينسجم مع تفكير نورة المنطقي الرياضي حتى لم يعد هناك شيء زائد لم تدغمه نورة ببراعة رياضية في رؤيتها للعالم من حولها فحوى كل ما صادفته من تجارب وأشخاص وأفكار ومخاوف لتبنى نظريتها عن قوالب المجتمع التعسفية التي تعرقل نمو الأفراد وانطلاقتهم نحو تحقيق الذات كما يفعل الصينيون عندما يتدخلون لعرقلة نمو الأشجار طبيعيا فيقصون شيئا من جذورها وغصونها ويقحمونها داخل قوالب تحد من تطورها لتصبح أشجار بونساي قزمة توضع داخل البيوت للزينة  .
أما أهم الأماكن في الرواية فهو مكان مجازي انه العالم الداخلي للشخصية الرئيسة ( نورة ) الذي أطر تأملاتها وموقفها الجاهز منذ البداية والتي تسير به نورة تحمله على ظهرها عبئا وقدرا والتزاما .
 اننا نعيش الرواية بكل ما فيها من أحداث وشخوص ومواقف ونراه كما تقدمه لنا الراوية ولا تكتفي نورة بذلك بل انها تقوم تحديدا في الفصل الاخير من الرواية بإعادة تحليل ما حدث وتربط بين الاحداث بعلاقات تفسرها وتنسجها وفق فكرتها عن نفسها ووفقا لصورة العالم في ذهنها.  وقد يكون ذلك ضربا من السعي وراء احداث التوازن وفهم ما يحدث لها. لقد تحولت الشخصية الى موقف تفاعلي وبحثت عن دور ايجابي وتطلعت الى المستقبل ممثلا في ابنتها فقد خسرت نورة الكثير فقدت دونالد (قدريا) وفقدت حقها في السعادة والتحقق وقدّر عليها موت ابنائها الذكور بسبب مرض وراثي (قدري ) بيد ان ابتنها مثلت لها فرصة للاستمرار والحب والامل والتغيير .
وذلك المكان الداخلي بالذات أصبح مستودعا لتلك العلاقة الذهنية الراقية بين دونالد ونورة فقد كان شخصا ساحرا مرحا تتبادل معه حوارا ذكيا وتستطيع ان تضحك معه وان تركن اليه باعتباره ( بيت جدتها ) الذي تأوي اليه وهذا يقودنا الى القول بأن دونالد هو علاقة الحب اليوتوبية التي احتاجتها نورة فعاشتها ولو لم تكن عرفتها لاوجدتها في مخيلتها مقابلا للعلاقات المبتورة المفلسة بين الرجل والمرأة في الوطن. والوطن - على الحقيقة - ليس مكانا فحسب بل هو عالم كامل وحالة حاضرة في ذهن نورة دائما حتى وهي موجودة في انجلترا فهي تستحضر الوطن غالبا من خلال رموز رادعة ( اشارات الخطر الحمراء ) فالمكان الدوحة بسبب ارتباطه النفسي والعصبي بظروف واوضاع معينة انتقل من البعد المكاني الى صيغة الرمز .
 اما في الدوحة فقد اختفت صورة انجلترا واصبح دونالد في مستوى الحلم الباهت وفي حدود الذكرى البعيدة واكتفت نورة بدمعتين انطفأتا
على خديها واحتوت مشاعرها وودعت حلما واستقبلت واقعها فورا  .
عندما تعود نورة بذاكرتها الى انجلترا عبر التأملات والتحليل
تبدو انجلترا مكانا خياليا منفتحا متخلقا داخل الجو العاطفي لعلاقتها بدونالد . أما الدوحة- بالمقارنة- فتبدو مكانا موضوعيا محكوما بقواعد وتقاليد : انه مكان الانضباط وتقنين الاختيار وتنظيم الافكار.
في انجلترا تتهكم نورة على افراط الجدة في الاهتمام بآداب المائدة والأكواب الفخمة والحديقة المنسقة البديعة ولكنها في الدوحة تصف بألفة وتفهم سلوك عمتها وحديقتها البسيطة حيث تتجاور السدرة مع الغردينيا .
ومن انجلترا الى الدوحة نرصد نقلة نوعية في سردها ومشاعرها من كمون وتأمل وفرجة الى تفاعل وتنظيم والتزام فهناك في انجلترا كانت نورة تتأمل الاشياء وتصف الاحداث من بعيد وحتى ما جرى لها شخصيا من أحداث مثل حريق السكن ورحلة الحائط الروماني لم تفهم مغزاه الا بعد عودتها الى الدوحة وحتى دونالد لم تقترب منه كشخص ولم تتفهم رغباته وافكاره ونظرت اليه بتحفظ شديد عن بعد كعلاقة طارئة مؤقتة . اما الدوحة فكانت مكانا واقعيا ذا متطلبات تحولت فيه نورة الى شخصية واقعية تجاوز (فعلها) الروائي حدود التأمل والفرجة لقد استقالت نورة من عملها الحكومي وأسست شركة مع زميلة لها ووازنت بين ثلاثة خطّاب واختارت احدهم زوجا وتفاعلت مع مشاكل اختها الاسرية بوصفها الخالة المثقفة وبالرغم من ان الحركة كانت فكرية في مجملها لكنها كانت (فعلا) من جنس الفعل الروائي الممكن في داخل ذلك الظرف الاجتماعي الرديء .
لقد بدأت الرواية من أول سطر بهروب نورة الى حجرة المكتب، ولجوئها الى حجرة الذكريات حيث اغلقت على نفسها الباب وانتهت الرواية أيضا في النقطة نفسها حيث نورة تعتصم بحجرة المكتب ولا تستجيب للنداءات وبين البداية والنهاية حدث كل شيء ولكن في - نهاية المطاف -لم يحدث شيء البتة .
من المكان ابتدأت نورة والى اضيق حدوده التجأت وقد اغلقت على نفسها  بيدها وكأن الرفض هو غاية ما تستطيع ان تجابه به قهرية الظروف الاجتماعية وعسفها فقد خسرت فرصتها في العاطفة المكتملة وخسرت سنوات درسها وتحصيلها الرياضي في مجتمع يسير بالمقلوب وخسرت الامل الذي تطلعت اليه في ابنتها لان المجتمع يعيد ترويض النفوس البرية الحرة .
لقد أحالتنا الرواية فورا منذ البداية الى الماضي ماضي نورة بيد انها كانت في الواقع تنسج الحاضر وتحاور المستقبل على الاقل لان احداثها بالنسبة الينا لم تكن زمنا غائبا بل هي واقع حاضر ندخله للمرة الاولى.
ان الزمن الحاضر يسيطر على الامكنة فتبقى في اطاره وفي إساره والعودة الى الماضي لا تجعل نورة تقص ما حدث كما حدث تماما بل انها ترويه لنا اليوم بوعي الحاضر وانكشافاته وأحكامه ونتائجه بوصفه امرا كليا منقضيا تقوم بمراجعته اليوم وتطعمه بكلمتها وموقفها الآني بعد أن أصبح بعيدا ورومانسيا وهي تعقب على ما حدث عندما تستدعيه في ذاكرتها ( ما كان اسخف تفكيري آنذاك ) ( انظر رواية أشجار البراري البعيدة - ص 86 )
توهمنا الراوية نورة بانها عادت الى الماضي اضطرارا بسبب أمر وقع لابنتها في المدرسة ولكننا نكتشف بعد ان تبدأ السرد انها لم تفتأ تجتر الماضي منذ أن عادت الى الدوحة فقد انسحبت الى ذكرياتها في انجلترا ، وقامت بفتح ملف سري في الحاسوب باسم (حياتي) وقبيل زواجها قامت بإلغائه ثم عادت بعد انتكاسة فكرية ونفسية لتفتح الملف مرة اخرى باسم (حياتي 2 ). ان ما حدث ( هناك ) في الماضي يقتحم فضاء الحاضر لا بوصفه المقدمات للنتائج التي ترتبت عليه فحسب ! بل بوصفه الزمن المفقود ولكن الاشد حضورا من الحاضر نفسه ! ان الزمنين والمكانين يتلابسان وينسلخان بصورة مستمرة في داخل نورة التي تعيش في داخلها حاضرا مرتهنا بزمن مرتحل .
ويتجاذب السرد الروائي ذو الاصوات المتعددة الحوار والقطيعة مع هذا الاجترار الزمني ويخدمه تماما فالسرد لا ينتمي الى تجربة الماضي بل تستودعه الراوية نورة حكمة الحاضر وموقفه إما ندما وتحليلا وإما اصرارا واصطبارا ولذلك تسربل السرد بتلك النبرة التهكمية دائما:  نبرة العارف المجرب لا المستذكر المستسلم للذكريات الغابرة .
وهذا السرد بالذات أفاد من تلك اللغة المكثفة التي تستدبر التداعيات والاستطرادات والنظرة ذات الاتجاه الآحادي التي تطبع عادة رواية ضمير المتكلم وتنساب في مراوحة بين الازمنة والامكنة بين هنا الآن وهناك آنذاك وبين الموقف القبلي والبعدي وبين الانتماء والرفض
ان شعرية اللغة في هذه الرواية لم تتبد في زخرفها واستخداماتها البلاغية البارعة بل في كثافتها ودفقها الموجه وتناغمها مع سائر البناء الروائي  .
ان دلال خليفة لم تسجن فضاءها اللغوي داخل قالب التأنق اللفظي فلغتها المنسابة لا تنحت من صخر القواميس بل تصنع قاموسها الخاص من أسلوب سهل مرسل في ظاهره لكنه يستبطن لغة في غاية الكثافة والإيحاء تعكس شفافية عالية في الوعي والطاقة الشعورية لاسيما في حواراتها الكاشفة عن دواخل الشخوص ومواقفها من نفسها ومن الآخرين والتي تعبر بفنية راقية عن مضامين وأفكار وتطرح أسئلة صعبة ولكن بصورة عارضة واعتيادية .



وقد مثلت (نورة) في رواية( أشجار البراري البعيدة ) للكاتبة دلال خليفة المرأة القطرية المحافظة على اكمل ما يمكن ان تمثله شخصية روائية فهي تلك المرأة المتحفظة في إبداء عاطفتها والحذرة في تصرفاتها والتي نهضت بمسئولياتها الاجتماعية وتصالحت مع أوضاع مجتمعها فور عودتها .
وفردانية  الراوية (نورة) لم تنزعها من الكل الاجتماعي الذي تنتمي إليه وتريد أن تساهم في إصلاحه وتغييره إنها تقول لأستاذها ( في بلدي أظن اننا نحتاج الى تدريس مقررات اكثر تطورا لمستويات أعلى )( الرواية - ص  62) ولكنها أصبحت فيما بعد تدرك ان الواقع شرط تاريخي تغييره مرهون بالشفافية والحوار والانفتاح على المشكلات وأسبابها ومتوقف على السماح بولادة الحرية والابداع والمشاركة .
وفي آخر فصل من الرواية المعنون بنهاية الطريق ينهار عالم نورة الهش فعندما تعود ابنتها من المدرسة معاقبة على خطأ بسيط تعود نورة بذاكرتها الى الوراء حيث تعرضت في العمر نفسه لحادثة قمع مثيلة وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأن الامور لا تتغير وكأن معاناتها بلا ثمن وكأن تنازلاتها تذهب سدى وكأن الامل في الغد  ينطفىء كشعلة واهية فماذا يتبقى إذن ؟
وتبدأ عقارب الرواية في العودة كرة أخرى الى الوراء هذه المرة بسرعة فائقة وتركيز شديد ويلتئم نسيج الرواية وتتعاضد أحداثها وتتحدد مفاصلها وتتكشف محاورها التي مرت بنا فنعود مع الراوية نورة الى ذلك اليوم الذي عادت فيه نورة الطفلة الى المدرسة بيدين منتفختين من اثر الضرب مع شعور بالظلم والمهانة بسبب خطأ غير متعمد ولكن خالتها لم تر في عقاب المعلمة مبالغة ولا سوءا وكذلك تصورت نورة وبسبب هذا الموقف وأمثاله تحولت نورة الى شجرة برية واصبح عليها ان تختار دائما الطريق الوعرة الموحشة ( لربما كنت رأيت نفسي في حجمها الحقيقي ولم أحملها كل ما حملتها )( الرواية - ص 168 ) ولذلك تحملت نورة أخطاء الآخرين وأغضت على المهانة والمظالم بحسبانها أمرا طبيعيا مفروغا منه حتى لقد حرمت أن تبكي ابنها لما مات لان صمودها كان مطلبا في مواجهة انهيار زوجها وحتى النجاة من حريق السكن لم تسعد به بل تخوفت مما قد يعقبه من ثمن وعندما اغلقت على نفسها حجرة المكتب تكشف لها مغزى الموقف في رحلة الحائط الروماني الذي لم تسره الى نهايته وآثرت العودة وقد ظنت (أنني يجب أن اصل الى نهايته مهما كان الثمن ) ( الرواية ص 172 )وهنا تعود في فلاش باك الى ( هناك ) الى عالم الحلم حيث قال لها دونالد ( انني اشعر فعلا أنني لست انجليزيا تماما .. ولكنك ايضا بطبعك لست عربية تماما ) ( الرواية ص177 ) لقد التقيا في منتصف الطريق بتساو وتبادل واحترام .
ان التناقضات التي تلفع بها المجتمع القطري طالت العلاقات بين افراده وهمشت  شخصياتهم وشوهت نظرتهم  الى الامور وأحلت قيما بديلة غير ماكنة لقيم  تقليدية هشة  الأمر الذي قسّم البيوت بين تحلل ومغالاة ففي بيت هيا أخت نورة كان فيصل المراهق المائع ابن المدرسة الاجنبية  يلاحق الموضة وينضم الى فرقة موسيقية من الشباب المنحرف وأخوه في البيت نفسه ابن الثامنة عشرة يرفض الحداثة جملة وتفصيلا بأدواتها ووسائلها ومخترعاتها بينما ابواهما يشتغلان بتوفير معيشة مرفهة مظهرية الطابع تفرضها قيم المجتمع المتغير الناشىء .
ان تقييم الانسان في مجتمعنا تقييم فاسد يجعله مرشحا للجنون او الاستسلام للازدواجية لذلك عندما قالت هيا ببرود لنورة ( كل هذه الشهادات لا معنى لها بلا زوج )( الرواية ص  113 ) انتزعت نورة شهاداتها من الجدار ورمت بها في الارض !
ولم يكن ذلك التثمين الخاطىء الوحيد لقيمة الانسان في مجتمعنا فقد اضمحلت طموحات نورة واصطدمت مثالية افكارها ودراستها العملية بمجتمع لم يزل متخلفا عن استيعاب قيم النظام والمهنية واحترام العمل وسيادة القانون ولما استقالت هربا من البيروقراطية وقعت في شرك العمل الربحي في اضيق حدوده وقوانينه ولم تحقق شيئا مما ارادت  وكان المجتمع يدفعها بضراوة باتجاه مشروع الزواج بصورة تخلو من التكافؤ وتفتقر الى ابسط قواعد المنطق
 حقيق بنورة ان تشعر بالانسحاق تحت وطأة تلك الضغوطات والتنازلات المستمرة برغم انها قد وطنت نفسها على التضحية  ( لا يعلمون أنني قمعت نفسي وتنازلت عن مثل هذه الرفاهية ( تعني الحب ) . ومن اجل من ؟ من أجلهم . )ص 144 هؤلاء الذين يرونها (فاكهة على وشك الفساد ) ارادوا ان يدخلوها في ( دورة حياة الجرادة) تقول نورة   ( وداعا للعقل والعلم والذوق الشخصي والقبول وكل شيء آخر في سبيل ان تكتمل تلك الدورة بأسرع ما يمكن )ص  113 وهذا ما جعلها ( في لحظات مجنونة تمنيت باخلاص لو كان دونالد امسك بذراعي في ذلك اليوم و .. اقتادني برغم ارادتي الى المحكمة وانهى اجراءات الزواج ولكنه ترك القرار لي )ص 117
لاشك أن نورة مثلت على الجملة المرأة المحافظة ولكن المنفتحة التي تحققت لها المعرفة والقناعة من خلال تجربة الخطأ والصواب لا النكوص والانغلاق وقد كانت (حصة) في الرواية مقابلا تاما لشخصية نورة بمعنى من المعاني ولذلك استبطنت نورة شخصية حصة المتكورة على ذاتها في السرد عندما وصفتها قائلة : ( خلعت غطاء رأسها وألقت به جانبا وأرسلت شعرها. وكان شعرها .. منسدلا بحرية على كتفيها بعد أن اطلقت سراحه  )ص 85 ولا تكتفي بهذا الوصف الموحي بل تقول نورة عن حصة ( شعرت انه لابد لمثلها أن تكون له قصة أو قصص مؤثرة قبل ان تصل الى تلك المرحلة الجادة من حياتها )ص 85  لقد عنفت حصة نورة على ذهابها مع دونالد الى بيت جدته وقالت لها ( لماذا تتركين افكار الغرب تتسرب اليك )ص 85  وربما بدت حصة حينئذ متزمتة ومباشرة في كلامها لكن نورة كانت تعلم في قرارة نفسها ان كلام حصة لم يعد الحق لذلك لم تقاطعها وان اخفت عنها فيما تلا ذلك اللقاء كل ما يتعلق بعلاقتها بدونالد و بررت لنفسها: انني ( واثقة من حسن محافظتي على نفسي واخلاقي )ص 86 كانت نورة مدركة لما هي مقدمة عليه  ( أضاءت في داخلي اشارات حمراء كثيرة تطالبني بشدة أن اتوقف عند ذلك الحد )ص 65 وتصور نورة الوقوع في الحب مثل حوادث السيارات التي تحدث على حين غفلة وبصورة خاطفة وعلى الرغم من اتباع ارشادات المرور . ولكن  نورة لم تقاوم كثيرا هذا (الحادث المروري ) تقول عن دونالد ( لمس مني جانبا دفينا .. ذلك الجانب الهش ) الذي ظنت نورة على حد قولها ( اني خالية منه لاني خلقت بشكل مختلف صلب يعطي ولا يحتاج الى العطاء .. من الممتع أن اكون مثل باقي البشر )ص 69
وتتضح التقابلية بين شخصيتي نورة وحصة عندما نفاجأ مع نورة بزواج حصة من جاسم الطالب الذي كان سيىء السمعة في الغربة والذي عاد بلا شهادة ولم تقبله نورة خاطبا فتحول الى حصة . ولكننا نتوقع  ردة فعل جاسم لما رفضته نورة فعيّرها انه رآها ذات مرة تركض مع صديقتها السورية في احد شوارع لندن وعدّ ذلك امرا معيبا على ( امرأة ! امرأة خليجية مع الاسف )ص 111 .
ليس لمجتمع التناقضات والاعتساف ان ينتج افرادا منسجمين مع انفسهم أو معافين من شيء من العاهات والآفات التي تتكاثر في اجواء الانغلاق والتكتم والحصار لذلك نستطيع تفسير تبريرية حصة ورجعية جاسم ومغالاة احمد وانحراف فيصل ومعاناة نورة وسطحية هيا .
بيد ان نورة تحمل تدينا مستورا لم يخف اثره منذ البداية برغم امتعاضها من متناقضات المجتمع ونفاقه الجلي  و بعد موت ابنها حديث الولادة والذي كان معادلا موضوعيا لفشل علاقتها الزوجية من الناحية العاطفية تطيف بها ذكريات انكساراتها المكرورة ولكنها تقول للظروف المتعسفة  ( اسهمك دائما هشة أكسرها بيدي وألقي بها الى الارض وأتجاوزها وأكمل طريقي متسلحة بالايمان )ص 141 ويستبين هذا التدين عند نورة عندما تقول لاختها هيا ( هل فكرت في مستقبل ابنتك ؟ انها تفكر بشكل اوربي لا يصلح لمجتمعنا المحافظ هذا !) 144 و تشتكي اختها هيا تطرف ابنها الديني فتقول نورة ( انه متدين فقط على حد علمي ! وذلك في حد ذاته شيء جيد . انه يعصم الشباب من الوقوع في كثير من الاخطاء ! )ص 144

من العسف أن نرى في رواية المبدعة دلال خليفة ( أشجار البراري البعيدة ) جانبا واحدا ونغفل عن سائر الجوانب فالرواية طرح لقضية المرأة في المجتمع القطري الخليجي وهي بالقدر نفسه معالجة لقضايا التربية والتنشئة وهي كذلك رصد لملابسات التغير الاجتماعي والفجوة بين الأجيال وهي التقاء الشرق بالغرب عبر قصة حب مؤثرة كما أن الشخوص بنمذجتها وتعبيرها عن بانوراما اجتماعية في مرحلة معينة كانت موضوعا مهما في الرواية . ان تلك المحاور جميعا بوصفها عناصر فنية  ملتئمة في البنية السردية قد اصطفت معا جميعا لتخلق ذلك النص الروائي بما هو عليه .
والمكان باعتباره وجودا لفظيا بامتياز شكل عنصرا جماليا بذاته وعكس في الوقت نفسه وجهة نظر السارد وموقفه الشعوري مما حوله لاننا نتلقى المكان بكلمة السارد ووعيه ووصفه للمكان فلم تتعامل دلال خليفة في روايتها مع المكان بمنطق الواقعية التفصيلية بل بإشارية لغوية موحية تراوح  بين هنا وهناك فهناك كان المكان ( مرسى مؤقتا ) وهنا هو( قدر ملازم ) وهو كذلك ذاكرة وثقافة ومستقبل لذلك كانت هناك قطيعة مكانية بين الثلج والصحراء فهنالك مجتمع يعيش أفراده كطالبات السكن الداخلي ( ميري وجولي ولانا ) شخصيات فردانية مأزومة في غرف منفصلة ومآزق وجودية وشروخ نفسية عميقة بينما هنا يوجد مجتمع يحاصر أفراده و يعمد الى ترويضهم لكيلا يواصلوا النمو طبيعيا وتطورا.
ان الأمكنة عناصر تعكس مخاوف الإنسان وأشواقه وهواجسه وتأتي أهميتها في الرواية عندما وفقت الروائية دلال خليفة في الربط بين المكان والشخوص دون ان تستغرق في التفاصيل والاوصاف بل أصبح المكان يعطي بسخاء - دلالات كشفية لشخصية نورة ونظرتها لنفسها وللآخرين وللحياة ويصبح تعبيرا عن إحساسها بما حولها ومهادا للفعل الروائي الذي سيتحقق تاليا من خلال خياراتها وتفاعلها مع من حولها.
ان الامكنة في انجلترا بلا ذكريات وبلا ألفة وهي غريبة لكنها ليست معادية تصف نورة الجامعة فتقول ( كانت القاعة أثرية الجمال توحي بنوع من الرهبة لاول وهلة . كان السقف عاليا تتدلى منه مصابيح أثرية ضخمة .. مع أن العراقة لا تهمني الا بقدر ارتباطها بمستوى الجامعة )ص 37 وعندما تذهب الى الحائط الروماني تشرح لهم المرافقة ان الرومان داروا حول الجبال بينما الانجليز ساروا فوقها فتعلق نورة ( ما أعقل الرومان وما أقصر نظر الانجليز ! )ص 39 وتصف المشرفة اثناء رحلة ترويحية فتقول نورة بتهكمية واضحة (خيل الي انني ارى ياقة شكسبير الشبيهة باطار الدراجات النارية حول عنقها قبل ان تصدح قائلة )ص 35
لذلك سرعان ما اقتلعت نورة نفسها من (هناك) الى (هنا) ففي طائرة العودة الى الدوحة غيرت نورة توقيت ساعتها واخترقت ذاكرتها صور اسرتها ( أبي وخالتي واخوتي وبيتنا وغرفتي المطلة على اشجار البمبر )ص 94
لقد اخبرت نورة دونالد بانها لا تستطيع قفز الحاجز العالي بينهما فقال لها ( انك فرس عجوز في عالم الصواريخ والسفن الفضائية )ص 90 لكن نورة لم تكن تريد القفز أصلا الى عالم دونالد (انني لا انتمي اليها (تعني انجلترا ) ولو رسمت لي بيئة احلام لكانت بيئتي التي نشأت فيها ) 90
أما الامكنة في الوطن فهي تكتسب ظلالا ثقافية وبيئية وينطلق المكان من مخزون عاطفي ونفسي خصب ففي الوطن استقبلت نورة الشمس والبيوت المتفرقة والأشجار الكالحة والشوارع ( وأنا أرقبها بسرور وشوق )ص 95 وفي بيت الاسرة ( كان المنزل جميلا .. وكنت انظر بفضول الى الاشياء والممرات والحجرات وكأني أراها لاول مرة )ص 96 فهنا يوجد شيء لم يكن موجودا هناك ( لم تكن هناك أذانات ترفع ولم يكن ثمة شيء قدسي يعلمني ببدء اليوم الجديد )ص 96 هناك ( في تلك الديار التي نبذت كل ما نقدسه والتي تختلف عنا في كل شيء )ص 102 . لقد أصبح سرد الشخصية الرئيسة وأفكارها بؤرة مغناطيسية تجتمع إليها دلالات الأمكنة المتعددة ومصائر الشخوص وتتشكل في بناء روائي معماري محكم متصل الحلقات يرتب الوقائع والنتائج فتبدو حينئذ جميع الأحداث اكثر تنظيما وترابطا ومنطقية .ان رواية دلال خليفة لا يمكن إلا أن تكون وعيا ناضجا بالمكان بوصفه بعدا فيزيائيا وتكنيكا فنيا وركنا أساسيا من أركان عمل روائي ابداعي  .
ونورة هي شخصية المرأة القطرية الجديدة تلك التي شقت طريقها في عالم الأرقام لكيلا تسقط في عالم المراوغات والتناقضات والزخرف البلاغي والتناقضات الفاضحة وكانت تطمح منذ سنوات الدراسة الجامعية الى ( حياة مستقبلية طيبة ومرتبة )ص 27
على خلاف رفيقاتها مريم ولطيفة وسارة اللاتي تراوحت طموحاتهن بين الزواج وتحقيق مستوى معين من الرفاه والمكانة المرموقة .
كانت علاقة الحب -في حد ذاتها -اكتمالا وتحقيقا للذات بقدرتها على العطاء وبحصولها على أهلية من اعتراف الآخر وتفهمه وكان دونالد رومانسيا شاعريا لان نورة احتاجت أن تزيح من حياتها – لبعض الوقت – الارقام والانضباط ونكران الذات الذي تنشأ عليه الانثى في الشرق فتعتاد منذ الصغر أن تتوارى وراء الجدران ووراء رغباتها وتطلعاتها  وتعتاد على نكران وعيها والاغضاء على استلاب حقوقها لانها تحمل مسئوليات جساما فهي تحمل شرف الأسرة وتحمل أمن المجتمع وتنهض بالأعباء وتضحي بلا حدود دون ان تملك ان تريد أو تعبر عن ارادتها.
ان نورة تدرك أنها قطعت من الطريق المسافة الأصعب وان عليها بحسب تعبيرها أن تتجاوز دورها الذي لم تجرب سواه ص 177 غير أنها تظن أنها ( أجبن من أغير دوري ) وهي تتحدث عن ( قوتها ) بينما تعبر عن  (عجزها )عن القيام بالخطوة الاولى (في محاولة تغيير نفسي )ص 178 .
ربما كان علينا ان ننتظر بضع سنوات أخرى كيما تعود نورة من جديد في جزء ثان من الرواية او في رواية اخرى للكاتبة نفسها او غيرها ممن سيلتقط الخيط المهترىء لكي يبدع عملا روائيا ذا فضاء مختلف تتحرك فيه المرأة القطرية التي لم تزل – في المرحلة الراهنة - كنورة حبيسة حجرة في بيت كبير..  تنتظر وينتظر منها .


هناك تعليق واحد:

السأم يقول...

يجب قراءة رواية دلال لفهم نقد نوره.

تحياتي لك