السبت، 22 نوفمبر 2008

المواطنة والولاء


25/10/2008


كتب نورة آل سعد :
لا نتحدث عن المواطنة باعتبارها علاقة تنشأ عن عقد اجتماعي سياسي يحتكم الى دستور ديموقراطي مكتوب ومهاب وفاعل، بل بوصفها تراثا شفويا ضمنيا فضفاضا قائما على التراضي والتوافقية المحكومة بشروط لها صفة القهرية والتسليم.لقد ارتبطت المواطنة بمفهومها الدارج الرائج بمسألة الولاء ارتباطا سياميا غير قابل للانعتاق، فهل المواطنة مرتهنة – بدهيا - بالولاء للانظمة السياسية؟ وهل يترتب على تقديم الولاء السياسي الحصول على جملة من الهبات والغنائم ام حزمة من الحقوق المدنية والسياسية؟ واذا وقع الحرمان من تلك الحقوق بعضها او كلها، او تم انتزاعها من فئة دون اخرى فهل يبرر ذلك تراخيا في الولاء أو تنصلا منه؟ وهل يقود ذلك الى تحول في انماط التفكير والسلوك الاجتماعي للشرائح منزوعة الحقوق نحو المجتمع الذي تعيش فيه؟ وهل يعد ذلك انسحابا من دور الدولة التقليدي ام تصحيحا واجبا تبعا للمستجدات والاسباب التي يراها صناع القرار؟ وهل يعتبر التمييز فئويا بين المواطنين نوعا من الظلم الدائم الذي تنسحب آثاره جيلا بعد جيل على التضامن والتماسك الاجتماعي ام يعد المواطن في تلك الحالة ناكرا للجميل ومنتقصا في ولائه فحسب؟تستطيع الأنظمة تحديد مكتسب الجنسية، وتقرير منحه الجنسية باعتبار ذلك حقا سياديا، لكنها لا تستطيع استزراع المواطن ولا استيراده من الخارج بمواصفات مطلوبة، كما لا يجوز لها استبعاد المواطن او التشكيك في ولائه (للوطن على الاقل)!لا تستطيع الدولة ايجاد الانتماء ما لم تكن أسسه موجودة بالفعل على ارض الواقع ومكفولة بالقانون الضامن لكل ذي حق حقه؟ على الرغم من أن الولاء كلمة مائعة فإنها رأسمال الفقراء وميراثهم لأبنائهم، ولذلك لا يملون من ترديدها. وقد ثبت بالتجربة والبرهان انهم ينهضون غالبا بتبعاتها لاسيما في اداء واجب الدفاع عن حياض الاوطان، بينما يحصد ثمرة الولاء كبار الشخصيات وسائر الحاشية ومن يمشي في ركابهم وظلالهم، فاذا لهج الفقير بحب الوطن فان كبار التجار يتغنون بحب خيرات الوطن.هل هناك مواطنة بلا ولاء؟ وكيف نقيس حينئذ ولاء الشخص لوطنه؟ليست المواطنة سوى خلاصة تاريخية للتجربة الغربية تجلت سياسيا عن ايجاد دستور ديموقراطي لا يحكم لأقلية على حساب الأكثرية ، واجتماعيا عن ترسيخ قيم العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، تلك القيم التي يحرسها سور عظيم من الحريات المصانة المكينة.وتختلف المواطنة عن «الوطنية» فالأخيرة شعور جياش ونشوة طاغية تعقب غالبا الفوز باحدى المباريات «المصيرية» وينجم عنها الاندفاع الى مسيرة «عفوية» مخفورة بسيارات الدورية على طول الكورنيش!ترى ما المواطنة الحقة؟ وما معاييرها؟عندما تتحقق المواطنة الحقة ترتفع بأصحابها لتجعل ولاءهم مصروفا لقيم المواطنة ذاتها (قيم الحرية والعدالة والمساواة) والا ذهبت الولاءات لما دون ذلك من قبيلة او طائفة او زعامات! الى متى يدق اسفين الفئوية في المجتمع الواحد بين فئة أولى وفئة أدنى الى الأبد؟ وهل يجوز ان يطالب المواطن بواجبات المواطنة بينما لم يحصل بعد على أهم حقوقه المدنية والسياسية؟يقول الشاعر القطري محمد بن الذيب:«الى صار ماني بعضو في المجتمع فعالاباشعل فتيل الحرب في كل ميدانيأعاني من الاجحاف وأشكو من الاهمال مريضن من الواقع مرض شبه نفسانيأنا خايف أعيش وأموت دون آمالماني بخايف اني أعيش وأموت وحداني»

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

المواطنة الحقيقية حسب فهمي البسيط للامور .. هو العمل على رقي البلاد وان كان ما نقوم به ضد مصالحنا الشخصية ..
المواطنة الحقيقية رفع الظلم عن الناس وان كنا نعيش في رخاء وسخاء من الراحة ..

المواطنة ان نرفع اصوات الحق في وجوه الجميع دون خوف او تردد فالهدف اولا واخرا الرقي والتطور و الحرية والمساواة ..

المواطنة لا يمكننا ترجمتها بالكلمات
فلا يشعر بها الا من حركته حاجته لها ..

ياليت يا ام عبدالله يتم تدريس عيالنا في المدارس هالمقال كدرس من الدورس الأساسية التي لابد ان يرضعها الطالب عند بدء شرب العلم .