الأحد، 30 نوفمبر 2008

ضروس التجربة القطرية


5-4-2007
بقلم: نورة آل سعد ..
لم يكتب الدكتور علي خليفة الكواري بالأمس في الراية (وهو مفكر غني عن التعريف وأكثر غنى عن التزكية) مقالة تأبين لفقيد عزيز فحسب بل سجل شهادة موثقة لحركة سياسية شعبية ناضجة في تاريخ قطر المعاصر وخليق بنا نحن القطريين منذ اليوم أن نصدر عن رأي اكثر ثقة بالمستقبل وأن نتقدم بقناعة وجرأة أكبر في تجربتنا القطرية الممتدة جذورها بأهلنا وعروقنا وتاريخنا وتضحياتنا لأننا - بصراحة - أصبحنا نتلمس أرضاً واقعية صلبة نتكيء عليها ونستقرئها الدروس والإرهاصات المستقبلية.
لقد تحدث الدكتور الكواري بالأمس عن حركة طليعية تجارية برجوازية ناضجة في قطر حملت مطالب شعبية تقدمية ترأسها ناصر بن عبدالله المسند وعدد من رجال قطر فدعوا الي الاصلاح وتضامنوا مع الحركة العمالية والطلابية واستجيب - نظراً لتكتلهم - الي عدد من مطالب الإصلاح وحصل أهل قطر - كما يذكر الكواري - علي خدمات اجتماعية من تعليم وصحة وإسكان ومساعدات اجتماعية كما أنشئت بلدية قطر، وطبق قانون المرور وتم تفعيل غرفة التجارة، وكان هناك اتجاه لانتخاب مجلس بلدي وإقامة مجلس شوري وصدر قانون العمل وأقيمت إدارة العمل ومحكمة العمل، وتم الاعتراف باللجان العمالية للعاملين في شركات البترول.ولكن تصعّد الموقف واندلعت المواجهة بين السلطة والحركة في أبريل عام 1963 علي إثر اطلاق الرصاص علي مظاهرة مؤيدة للوحدة الثلاثية وبعد ذلك عم الاضراب العام وقدمت عريضة شعبية بمطالب أهل قطر، ذيلت بتوقيع الشهيد (بإذن الله) حمد بن عبدالله العطية وفقيد قطر المرحوم ناصر بن عبدالله المسند (غفر الله لهما) وعدد كبير من رجالات قطر.
يمثل كلا الرجلين (ناصر وحمد) رمزاً وطنياً ناصعاً في صفحة المعارضة الشعبية في قطر من أجل التغيير والتحديث وإرساء قيم العدل والمساواة والكرامة وقد تحقق - بالفعل - بفضل تلك الحركة المباركة إصلاحات محدودة ولكنها ظاهرة في المجتمع القطري آنذاك ولها آثار ملموسة في جانب الخدمات والتشريعات والمؤسسات.
إننا اليوم بلا شك كما أشارت الدكتورة لولوة المسند في مقالها في الراية يوم الاثنين الماضي لم نزل نستثمر نتائج تلك الحركة وآثارها وثمراتها وندين لتلك الحركة الوطنية التي تبرعمت في الخمسينيات ولكل من كان وراءها لأنها تمثل - علي أقل تقدير - (قيمة إنسانية وتراثاً وطنياً) وميثاق شرف لا مندوحة لكل وطني وناشط وحقوقي ومواطن شريف عن معرفته وحفظه. انه درس التاريخ الذي لا يخيب بأن نقدم المصلحة العامة دائماً علي اعتباراتنا الشخصية إذا أردنا أن ننعم بنتائج فعلية ولو بعد حين. انها الفسيلة التي يزرعها فلاحها لكي يحصدها غيره في أوانها!.لقد كابد أولئك الأحرار السجن والفصل والتضييق والإبعاد لأنهم تحملوا مسؤوليتهم الوطنية والتاريخية لكي يأتي الله باليوم الذي نعيشه الآن ولذلك فإن تجربتنا الديمقراطية بلا ريب تجربة لها ضروس ! وتلك المرحلة السابقة قد مهدت بلا ريب - تاريخياً وموضوعياً - لهذه المرحلة اللاحقة.

ليست هناك تعليقات: