الأحد، 30 نوفمبر 2008

مانفيستو الصحافة الحرة

في 20-3-2005
نورة آل سعد

يتحتم علي القطريين في الظروف الراهنة ان يستجيبوا لحالة ضمنية تدعوهم الي الخروج من الدوائر الضيقة في المجالات الاعلامية والاجتماعية والثقافية والدينية، لأن ذلك يبدو مخرجا من انسداد وفرصة ذهبية أمام الأفراد للارتقاء بحياتهم وتطوير امكاناتهم المادية واستثمار أموالهم وتغيير أوضاعهم وتحقيق مكاسب جديدة في مشاريع التنمية والاصلاح والديمقراطية، ولكن لن يخلو الأمر تماما من ظهور مشكلات طارئة في التكوين النفسي والسلوكيات الاجتماعية وانتكاسات محتملة متعددة لا تبعث علي البهجة والتفاؤل.
إن طبيعة هذه المنطقة الصحراوية وتاريخها تتقصد التقليدية والمحافظة غاية ووقاية. نعني المحافظة بمعناها المنغلق والمتحوط والمتجافي مع روح الريادة والمبادرة والاسهام الايجابي ومما زاد الطين بلة تلك الذهنية الريعية الاستهلاكية الاستقبالية التي تنتظر موجهات ومحفزات خارجية لكي تدفعها باتجاه التحول السياسي والاجتماعي وتملي عليها طبيعته وكيفيته ومقاديره. أما النخب في هذه المنطقة فهي تلك النخب المكبوتة ولكن المفوهة التي سرعان ما تنخرط في ندوات دعائية في أبواب الاصلاح والتغيير والديمقراطية وثقافة التحديث دون أن تشهد مجتمعاتها أنشطة ملموسة ولا ظواهر محددة ولا منطلقات واقعية في المفاهيم والبرامج والخطوات، لأن هذه النخب لا تحمل ثقافة مشاغبة مغايرة ولا تصطدم بالقوي والشروط المتسلطة علي الحياة الثقافية والاجتماعية.
لِمَ لم يتزحزح خطاب الصحافة المحلية عن مستوي الدرجة الثالثة برغم أجواء المرونة والانفتاح؟ لِمَ لم تترك الصحافة المحلية فرصة إلا وتماهت فيها مع الخطاب الرسمي في افتتاحياتها ووجهات نظرها؟ وكأنها المعني -رسمياً- بالتعبير عنه والذود عن حياض واستنكفت هذه الصحف -مريدة واعية- عن طرح الأسئلة والبحث عن آليات العمل والحركة ومواجهة المشكلات والكشف عن مواطن القصور والزلل وحث الأداء الحكومي علي تنمية قدراته ورفع درجة أهبته وتقديم اضافات جديدة ونوعية في المجال الصحفي.
إننا نناشد القيادة العليا الكريمة التعجيل في اخراج مجلس شوري منتخب ومعبر عن كافة شرائح الشعب القطري وتفعيل دوره التشريعي والرقابي لا سيما فيما يخص ضبط وتحديد القوانين واللوائح الخاصة بحرية الإعلام في مجال العقوبات والقيود والضمانات للحد من تجاوزات السلطة التنفيذية وهيمنتها علي الحياة العامة ونفوذها غير المحدود في سن التشريعات كافة. إننا نناشد القيادة العليا الكريمة العفو عن المعتقلين القطريين المدانين في قضية مؤامرة الانقلاب الفاشلة في عام ،1996 تضامناً مع آباء المعتقلين وأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم وأقاربهم ومعارفهم تعزيزا لروح الوئام الوطني ولحمة التآزر القبلي وصلات الأرحام والمصاهرة بين العائلات القطرية.
إننا نطالب باطلاق حرية التنظيمات مثل النقابات المهنية والعمالية والجمعيات السياسية واللجان الشعبية والوطنية الوسيطة ونشدد علي ضرورة انفتاح هذه التنظيمات علي بعضها البعض تكاتفاً وتشبيكا. إننا نطالب بإطلاق حرية اصدار الصحف وتنظيم الاستثمار الاعلامي حتي تنشأ مؤسسات صحفية حرفية تعمل في مناخ تنافسي حر ومتوازن لكي يصبح لدينا تعددية حقيقية في الخطاب والتيارات والمصالح. إننا ندعو الي التصدي لعملية التمييز المتمثلة في تقديم تسهيلات حكومية من أي نوع للمؤسسات الصحفية الموالية أو لنقل الأكثر ولاء. إننا ندعو الي حماية حقوق الصحفيين في الوصول الي مصادر المعلومات وإلغاء القوانين والعقوبات التي تسعي الي تجريم الصحافة والنشر والتعبير عن الرأي وإناطة الأمر بسلطة القضاء وحده والعمل علي تعزيز استقلال القضاء ومقتضيات النزاهة واحترام القانون. إننا نشدد علي ضرورة ظهور قانون المطبوعات والنشر الي النور متوافقاً في صورته النصية علي الأقل مع (الحيوية) التي تظهرها الشعارات السياسية. إننا نطالب بحرية الاتصال والتنسيق مع المنظمات الحقوقية التي تعمل في مجال انتهاج الحريات الصحفية وحرية التعبير عن الرأي. إننا نطالب بالعمل علي تحسين أوضاع العاملين في الصحافة والارتقاء بأدائهم المهني من خلال ورش العمل وحلقات التدريب وتوعيتهم بحقوقهم الوطنية والتشريعية وحماية حقوقهم في التجمع والتجمهر والتنظيم والإضراب.
إن جميعة الصحفيين في قطر والتي لم تشهر بعد سوف تحمل -شاءت أم أبت- مؤشرات مهمة علي وضع الصحافة القطرية وتحولاتها وحاجاتها وامكاناتها حرفيا واجتماعياً واقتصاديا وهي مرشحة -وفقاً لطبيعة تنظيمها ونشاطها المقبل- لأن تصبح مشروعا واعدا لخلق حوار سياسي فاعل بين الحاكم والمحكوم وايجاد روابط تعاون وتنسيق بين قوي المجتمع وتنظيماته المدنية إما باتجاه تحول اعلامي واجتماعي استثنائي وإما الارتكاس الي المستويات البيروقراطية والاستعراضية المعهودة!.

ليست هناك تعليقات: