السبت، 22 نوفمبر 2008

الليبرالية في قطر


20/09/2008


كتب نورة آل سعد :
يمكنني ان اعدد أسماء ليبراليين في كل دول المنطقة، بيد ان الحرج والتحفظ سوف يمنعاني من ذكر اسم ليبرالي واحد في قطر فضلا عن «وصم» عدة كتاب ومثقفين وفنانين بهذه «التهمة»! وذلك بسبب ارتباط الليبرالية بالعلمانية، وبسبب توجس الشخصيات المعروفة في المجتمع من شبهة التصنيف مطلقا، الأمر الذي قد يؤثر في حظوظهم المهنية واحتمال تقلدهم للمناصب العامة، لذلك فان الجميع في قطر مستقلون! هل يمكن ان تعد الليبرالية خارج النص في بلد يقر سياسة الانفتاح ويخطو نحو تحديث تغريبي، ويسن قوانين منسجمة مع عولمة التجارة الحرة؟وقعت على مقال نشر في موقع الجزيرة نت أشار فيه صاحبه عبد الله العمادي الى «ظهور تنظيمات ماركسية منذ الخمسينات وان كانت أغلبها سرية.. وأخرى في قطر عام 1963» يشير العمادي الى تلك الحركة عينها التي وصفها الباحث الدكتور علي خليفة الكواري بأنها حركة شعبية عمالية وطنية أسهمت فيها الاهتمامات القومية عند الشعب القطري ذي الانتماء العربي في الخمسينات وبلغت ذروتها في مارس من عام 1963 عندما قدمت تلك الحركة مطالب شعبية تتعلق بتحقيق العدالة في توزيع عائدات النفط وتوفير الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية وفرص العمل أسوة بما كان يحدث في الكويت آنذاك.يؤكد العمادي أن بعض المثقفين تحركوا في المنطقة بعد تدفق عوائد النفط وخيراتها «منعاً لتبديد الثروة الجديدة وانفراد فئات قليلة بالاستفادة من خيراتها.. فظهرت من جراء ذلك التنظيمات والتجمعات المختلفة» ويستطرد «وانتبهت الدول الى امكانية ضبط الأمور ومنع تلك التحركات والنشاطات من الظهور.. فعملت على جذب العناصر المهمة الناشطة واغرائها بالمناصب والامتيازات والمخصصات المالية... ومن لم تقدر الحكومات على تطويعهم بالمال انتهى الحال بهم اما الى السكون والانزواء أو الهجرة والعيش في الخارج لحين من الزمن» .لقد نشأت اهم الحركات الاصلاحية في المنطقة في الفترة التاريخية من الأربعينات وحتى السبعينات وقام الأحرار والاصلاحيون والمثقفون في المنطقة بتأسيس الجمعيات ومارسوا أنشطة ثقافية وتجارية وسياسية شكلت في مجملها اسهامات الدول الخليجية وعطاءها الانساني، وثابرت كل تلك الطاقات الوطنية المخلصة لقناعاتها – من قوميين ويساريين واشتراكيين واسلاميين – لاثبات موقع الانسان الخليجي.في ذلك الوقت، كان الاصلاح شأنا داخليا لا يطالبنا به احد، بل كان خيار المجتمع وقدره ومبعثا على تلاحمه. وتمثل العمل الوطني في تأسيس أندية و بروز مثقفين وظهور تجمعات وتنظيمات قومية ويسارية واسلامية منذ الخمسينات تندد بسياسات بريطانيا في الخليج واحتكار شركات النفط الأجنبية وتطالب باصلاحات ومشاركة سياسية.وكان لنشاط اولئك الاحرار صدى واسع وأثر ملموس في تغيير الأوضاع برغمكل الاخفاقات والتعثرات التي منيت بها مجتمعاتنا نتيجة الأزمات الهيكلية المزمنة. فقد كان ذلك التغيير الذي يتبناه ويتصوره أبناء المنطقة وعلى أيديهم لا ما تنسجه مؤسسات أجنبية وترسمه وتوجهه لغاياتها ومصالحها. لم يزل التيار الليبرالي في الخليج يعاني – بحسب بعض المراقبين - انحسارا واضحا ولا يملك رؤية واضحة حيال القضايا الحيوية. وهو حبيس نخب اجتماعية معينة. بينما تجد التيارات الدينية مؤيدين من جميع الشرائح الاجتماعية، غير انها تورطت في مساقات التطرف والجمود وانحشرت في لعبة الديموقراطية البرلمانية والصفقات السياسية بلا استعداد فكري ولا برامج عملية ولا قدرات تنظيمية كافية!تنتعش الليبرالية الاقتصادية اليوم بالرغم من انها لا تستدعي الديموقراطية بالضرورة، بل انها تفتح بالفعل أبواب النهب والاستغلال على مصراعيها، ولا تعدو تلك الليبرالية كونها أداة لسيطرة الاحتكارات وعلاجا وهميا لانسداد الأفق السلطوي والاجتماعي في عملية التغيير، وقد أصبحت الديموقراطية موضة العصر باعتبارها شكلا سياسيا مرغوبا لادارة صراع المصالح داخل «السوق - الوطن» بطريقة متحضرة وسلمية. ثمة مبادئ وأفكار اصلاحية لا تسقط بالتقادم ولا تلغيها أي اعتبارات، ولا تحتكرها أي قوى، هي ركائز تؤسس لنهوض المجتمع وتقدمه وليس في مقدور أي تيار – منفردا - ان يتصدى لتحقيقها وحده، فالأمر يتطلب تضامنا وتحالفا بين القوى والجماعات لخلق قنوات التنسيق والاتصال والاتكاء على المشتركات وتقبل التعدديات والايمان بمبدأ المشاركة لا المعاركة باعتباره تكتيكا مرحليا وتنازلا مشروطا للعمل الوطني بهدف البقاء اجتماعيا وسياسيا في الحقبة القادمة .

ليست هناك تعليقات: