الأحد، 30 نوفمبر 2008

نبيها دائرة واحدة



بقلم : نورة آل سعد ..
يتألف مجلس الشوري المرتقب من 45 عضوا، يتم انتخاب 30 منهم فقط عن طريق الاقتراع العام السري المباشر فهل ستقسم البلاد إلي 30 دائرة ام ستظل 29 وتمنح إحدي الدوائر (الأكبر أو الأكثر من الناخبين) مقعدان؟ قد نتصور إعادة توزيع الدوائر تقليصا ولكنني لا أتوقع أن تكون قطر دائرة واحدة بعد! لاشك بأن التوجه نحو التقليص ذو اثر ايجابي علي العملية السياسية عموما اذ ان زيادة المساحة الجغرافية للدائرة وبالتالي زيادة عدد الناخبين يسهم بتطوير العملية السياسية من حيث ترجيح كفة البرامج الانتخابية علي الانتماءات الشخصية للمرشحين وتحفيز الشخصيات الجادة نحو استغلال آليات ووسائل عملية في حملاتهم ومن ثم تغيير طبيعة العلاقة بين المرشح والناخب شيئا فشيئا. بالطبع لن يحدث ذلك في اول دورة ولكن سوف تتغلغل قيمه الديمقراطية تدريجيا وتتصارع مع جحافل العشوائية والارتجالية وصنوف التحايل والفزعات.
واذا ترافق تقليص الدوائر مع منح الناخب أكثر من صوت انتخابي فسوف يسهم ذلك في كبح جماح العصبيات والتحالفات القبلية والطائفية اذ ان إعطاء الناخب صوتين قد يحرره من انقياده لاعتبارات العائلة فيلتفت بشقه الآخر الي صالح الوطن. دلوني علي الناخب الذي لن يدلي بصوته علي أساس قبلي أو طائفي! المصيبة انه ليس ثمة إقبال شعبي علي الاقتراع أصلا!.
ان نظام (29) دائرة إذا أُقر للانتخابات الشورية فسوف يكرس تلك الصلة الحميمة بين النائب وفئته الداعمة حيث ستلعب الخدمات النفعية دورا أكبر بكثير من اهمية المواقف والقيم الديمقراطية وسوف ينجم عن نظام الدوائر المتكثرة ظواهر مثل تكريس الرشوة والتعصب ومطاطية القوانين والاستقطاب القبلي (وكل اللي في خاطركم) لاسيما في مجلس الشوري بسبب وجاهة الكرسي ودسامة البرستيج وهو خلل يجب الالتفات إليه وقطع الطريق علي المتنفعين عن طريق تقليص الدوائر لجعل العملية الانتخابية أكثر تمثيلا لأهل قطر فليست هناك قبيلة أو طائفة في قطر بإمكانها الفوز بأغلبية المقاعد في نظام الدائرة الواحدة بأصوات أبنائها مهما بلغ عديدهم! الأمر الذي سيدفع دفعا الي إعادة تنظيم القوي تحت جنح انتماءات وتيارات ذات طابع وطني وفكري سيكون غالبا بين ليبراليين ومحافظين وربما يتدخل الوسطيون ومن المؤمل أن يرتفع العمل السياسي تدريجيا فوق الانتماء القبلي الذي يحد من حرية الناخب ويسلبه عقله وضميره.
ان تفتيت الدوائر هو تكريس للقبلية، وتخليق لظواهر شراء الأصوات وتوليد لنواب الخدمات وتسيد لأقليات قبلية لا يمكن ان تتجاوز نسبتها من عدد السكان 15% بينما لن تجد الأغلبية من يمثل مصالحها مما سيجرد المؤسسة التشريعية من طابعها الرقابي ويحولها إلي باب خلفي للاستنفاع والإفساد السياسي والإداري والمالي.
لن تصبح قطر سويسرا في نظامها الديمقراطي، ولكن هل علينا أن نتفوق علي جزر الواق واق في عشوائية العمل السياسي و(خرطيته) ؟ لا شك في أن التحكم في تركيبة مجلس الشوري القادم يعد خطوة أولية في سبيل الحكم علي قدرة ذلك المجلس علي محاسبة الحكومة علي أدائها، وقدرته علي المطالبة بترشيد صلاحيات السلطة التنفيذية ومحاولة الحد مما تملكه - أساسا - من أدوات السيطرة علي القرار السياسي والمالي في البلد.
إن وصول النواب الممثلين لمصالح الشعب العامة هو ضرورة لقيادة الإرادة الشعبية وتوجيهها نحو المطالبة بتعديل الدستور والحصول علي صلاحيات تشريعية حقيقية لمجلس الشوري الذي يجب ان يتحول الي مجلس الأمة القطري.

ليست هناك تعليقات: