السبت، 29 نوفمبر 2008

الزين الواقف


29/11/2008

كتب نورة آل سعد :

تتردد أصداء الأزمة الكويتية الأخيرة في المنطقة برمتها ويغلب عليها ظلال من الإحباط والقنوط عندنا في قطر من وجوه متعددة! فقد لوحظ بان خطاب سمو أمير قطر في افتتاح دور الانعقاد السابع والثلاثين لمجلس الشورى المعين (والذي جرى تمديده خلافا للتوقعات!)قد خلا من ذكر “ديموقراطية” ولو لمرة واحدة في حين لم ترد إشارة من قريب او بعيد لانتخابات مجلس الشورى!بالطبع تحفل المواقع الإخبارية بالمقالات التي تطرح تخوف الأنظمة الخليجية المجاورة من أبعاد الأزمة الكويتية الراهنة وتداعياتها، فضلا عن تلك الأطروحات التي تصب في مجملها في تأكيد تشكك الشعوب الخليجية في سلامة التجربة الكويتية وكمالها او حتى جدوى الديموقراطية ذاتها لاسيما اذا استزرعت في مناخات مقيدة ومثقلة بمشكلات هيكلية متفاقمة. ستجدون في قطر من يزكي تأجيل الدعوة لقيام مجلس شورى منتخب (مع البون الشاسع بينه وبين البرلمان ذي الصلاحيات التشريعية الواسعة) وقد يبرر ذلك بظروف داخلية خاصة وقد ترد الى اعتبارات معينة وسوف تضرب تجربة الكويت مثالا للتأسي والاتعاظ!! فلم تزل المحاولات مستمرة -كلما تأزم الوضع في الكويت -لاستغلاله في إفشال التوعية والتعبئة المعنوية بإمكانية التحول الديموقراطي في المنطقة.
لا جرم ان الاستمرار في تعطيل الدستور الدائم القطري بعدم الدعوة (ولا حتى تحديد مدى زمني للدعوة) الى انتخابات شورية يدفع باتجاه تضخيم مشاعر المرارة والتشكيك في النوايا والتصريحات الرسمية! كما انه ايضا يدفع باتجاه نتائج صغيرة مبعثرة ولكنها تصب جميعا في ذات الغاية وهي ظهور مؤشرات لمطالبات شعبية متواترة بضرورة قيام مجلس شورى منتخب!ربما يعجب الأخوة في الكويت من أننا في قطر ودبي نشكو اكثر مما يشتكون من سالفة وقف الحال ومشكلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية برغم سمعتنا الطوافة في المشاريع الباهرة والاحتفالات المتنوعة.
قال لي احد الأخوة القطريين: مشكلة قطر الأولى هي الإدارة! والملاحظ ان القطريين قد ضاقوا ذرعا بالتغييرات الإدارية المستمرة!وهناك شعور متنام بعدم الاستقرار وعدم الرضا نظرا لتهاوي الأداء الحكومي بصورة عامة، فضلا عن الارتباك وتعطيل المصالح، ويعتقد البعض بأننا نفقد كل أرصدتنا الإدارية في العقود الماضية من قوانين منصفة وكوادر إدارية عليا ومتوسطة ومن مستوى تراكمي إداري معقول تحصل منذ السبعينات ولم نبن عليه للأسف بل نسفناه في اليم نسفا، لاسيما بعد ان اسند التحديث الى القانونيين دون الإداريين!!اما في ما يخص الديموقراطية فانه من الواضح ان الديموقراطية اذا كانت منقوصة كما فى الكويت او شكلية كما هي في قطر والإمارات، فالنتيجة واحدة وهي الزين واقفا!! نغبط أهل الكويت على تجربتهم! ويرنون الينا بدورهم بغبطة مماثلة!! طبعا لان التحديث يبدو أكثر بريقا كالسراب البعيد! عندما تمضي القرارات المهمة والمصيرية سريعا و تمر بلا ابطاء لغياب مجلس الأمة (فلا تعطيل إسلاميين ولا هليلة ليبراليين ولا صحافة حرة ) فهل من يضمن بعد ذلك الا تكون تلك القرارات ذات نتائج كارثية؟
ان أكثرها مر من تحت أنوفنا ومن المحتمل انه لا يأخذ بالحسبان المصلحة العليا للمجتمع الذي كان غافلا او مغيبا وقتها! ان تلك القرارات التي تمس مصالح الشعب كان ينبغي ان تمر عبر سيرورة ديموقراطية كاملة، حلقاتها التشريع والرقابة والتنفيذ دون إخلال بشرط ولا تفريط لركيزة ولا تغول لسلطة على أخرى! من الواضح ان تضخم الجانب الرقابي على الجانب التشريعي الذي يعانيه البرلمان الكويتي، على الرغم من كونه سلطة تشريعية، سببه تسلط السلطة التنفيذية وإعاقتها للبرلمان الكويتي الذي أصبح بالتالي موظفا ومدفوعا الى الترصد لها! فضلا عن خصوصية تركيبة مجلس الأمة الكويتي ذاته وطبيعة المواسم الانتخابية وتفضيلاتها.
لا يمكن للشعب الكويتي ان يتراجع عن النهج الديموقراطي مهما كانت الممارسة ذاتها ناقصة او متعثرة او مثلومة، ولن يفرط أمير الكويت بما يميز الكويت سياسيا عن سائر دول الخليج الأخرى.ولكن يبقى السؤال معلقا! متى يؤذن بتطوير التجربة الكويتية من خلال سن قانون لتشكيل الأحزاب ليقوم الحزب الفائز بأغلبية برلمانية بتشكيل الحكومة ويتصرف كربان سفينة يمسك دفتها ويتحمل تبعاتها وتتحول الأحزاب الأخرى الى أحزاب معارضة تنشط تحت مبدأ الإفساح لتداول محتمل للسلطة وتتحول الكويت الى دولة دستورية كاملة؟

ليست هناك تعليقات: